يا نساء الكويت رفقا بالكويت
لو كنت أستطيع الرسم، لرسمت لوحة مستوحاة من خطوط الفنان الأيقوني فنسنت فان جوخ الذي لخص صراع الإنسان ومأساته بكل بساطة وعمق في آن واحد.
تلك اللوحة - التي كنت لأرسمها - حتما ستكون عن انتخابات مجلس الأمة للفصل التشريعي الـ 17، التي أراها في شكل امرأة في حالة وضع متعسر، بينما النسوة يتحلقن حولها وقليل منهن مهتم بالأمر بينما الكثير منشغل ببرد الأظافر!
ودعونا بداية نقر ونعترف ونبصم بالعشرة، أن هذه الانتخابات المفصلية تأتي في ظروف أقل ما يقال عنها أنها جد صعبة، ولا أقصد بذلك ظروف الكويت بالذات.. بل العالم كله، الذي بات أشبه بجسد مترهل، تتراكم في جنبات كرشه شحوم «الكورونا» والحروب والصراعات و«الركود» والأزمات الاقتصادية الحادة والمستعصية.
أضف إلى ذلك مشاكل داخلية مثل الفساد المتمكن من مفاصل البلاد، ما دفع سمو أمير البلاد وولي عهده - حفظهما الله - إلى التدخل الحاسم تلبية لمطالب الشعب بحل الحكومة والبرلمان الذي لم يكن يسير الأمور، بل يوقف «المراكب السايرة» بقرارات عجيبة ومواقف مخزية.
وربما نأتي إلى بيت القصيد، حين نعيد الاستماع إلى رسالة ولي العهد، الذي تحدث عن حل البرلمان موصيا الشعب بالتدقيق والتريث والدقة في اختيار النوب الأكفاء، الذين يناسبون المرحلة ليكونوا طوق النجاه وليس الثقب في قاع السفينة.
ومن هنا، أمسك أنا بطرف الخيط، وأتحدث مباشرة إلى.. نساء الكويت.
ولماذا نساء الكويت؟
أقولها صراحة وبلا خجل، فالمرأة هي العامل الأكثر تأثيرا في «معادلة» اختيار النائب «منتهي الصلاحية» أو «غير الصالح للاستهلاك البرلماني».. نعم أقول ذلك، رغم أن أحدهم قد يقول وأيضا الرجال يختارون وفقا للأهواء في كثير من الأحيان.
ولهؤلاء أقول: اصبر واسمع..
فنساء الكويت يمثلن نسبة كبيرة من كتلة الأصوات، وهن قادرات على توصيل هذا أو ذاك إلى البرلمان، كما أن بإمكانهن إسقاط مرشحا قد يكون أحق بالمقعد.
لهذا يجب ألا ينخدعن بالوعود البراقة للمرشحين والهدايا الانتخابية.. فكما يقال «اثنان لا يمكن الوثوق بوعدهما: العريس في فترة الخطوبة، والمرشح قبل نتيجة الانتخابات».
يا نساء الكويت، أتمنى أن يكون صوتكن نابع من رؤوسكن. لا ترضية لزوج أو ابن أو أخ.. فلا طاعة لأحد على حساب الوطن.
أما المضحك المبكي في الأمر، فيتمثل في ترشح كثير من السيدات للبرلمان، وبعضهن يستحق أن يصل للمقعد، غير أن «المستحقات» غالبا لا يفزن والسبب أن «المرأة» تنحاز ضد «المرأة» وتفضل اختيار «الرجل» حتى وإن كان غير أهل للمكانة!
أقول ذلك و«دم التجربة السابقة» لم يبرد بعد.. تجربة سيئة دفعنا جميعا ثمنها، بسبب الاختيار الخاطئ، القائم على المصالح والأهواء وإرضاء القبيلة والطائفة والأهل.
هل تتذكرن كيف انتهت الانتخابات الماضية، ولم تفز ولو امرأة واحدة، رغم ترشح تسع وعشرين سيدة.. ألم يكن من بينهن ولو مرشحة وحيدة فريدة تستحق المقعد؟!
يا نساء الكويت، الوطن أهم من المال والهدايا والوعود الكاذبة، أهم من القبيلة والطائفة والزوج والأخ.
إن لكن كثير من الحقوق المهدرة، فلتخترن «الأصلح» لا «الأكثر قدرة على الكلام المعسول والوعود الكاذبة».. اخترن الوطن ننجو جميعا.