تاريخ أستكشاف قمر تايتن التابع لكوكب زحل
يعد قمر تايتن من أكبر أقمار كوكب زحل وهو عالم فريد من نوعه في مجموعتنا الشمسية و أكبر من قمر كوكبنا الذي نعيش عليه.
وأيضا أكبر من كوكب عطارد أقرب الكواكب للشمس وهو ثاني أكبر قمر في المجموعة الشمسية بعد قمر جانيميد قمر كوكب المشتري، وهو القمر الوحيد في مجموعتنا الشمسية من ضمن 150 قمر الذي يحتوي علي سحب وله غلاف جوي كثيف وهو الجسم الوحيد في المجموعة الشمسية بجانب الأرض الذي يحوي علي سوائل تجري علي سطحه
حيث يبعد قمر تايتن عن الشمس مسافة تزيد عن 870 مليون ميل اي ما يزيد عن مليار أربعمائة مليون كيلومتر أي حوالي عشرة أضعاف المسافة من الأرض إلي الشمس. الغلاف الجوي لقمر تايتن مكون في معظمه من غاز النيتروجين مثل الغلاف الجوي لكوكبنا، لكن الضغط الجوي علي قمر تايتن أكبر بخمسين ضعف الضغط الجوي علي كوكب الأرض، ومثل كوكب الأرض فهذا القمر يحتوي علي سحب وامطار و انهار وبحيرات من مركبات الهيدروكربون السائلة مثل الميثان والأيثان، اكبر بحيراته بعرض مئات الأميال وعمق مئات الأقدام.
وتحت القشرة الثلجية السميكة والقاسية من الماء المتجمد والتي تشكل سطح القمر يوجد علي الأرجح ماء في الحالة السائلة و ليس ميثان سائل مثل سطحه، وربما يكون من الممكن أن تأوي تلك المياه السائلة في عمق القمر حياة، أو أن البحيرات والأنهار السطحية من الهيدروكربونات السائلة من الممكن أن تأوي نوع غريب من الحياة مبني علي كيمياء أخري للحياة معتمد علي الهيدروكربون بدلاً من الماء، أو ربما يكون تايتن قمر ميت لا يأوي أي حياة.
وعلي النقيض من المعتقد فإن قمر تايتن من أكثر العوالم المضيافة في مجموعتنا الشمسية وهو مرشح كبير لوجود حياة عليه، فغلافه الجوي الكثيف من غاز النيتروجين يجعل من الممكن لبشري أن يمشي علي سطحة بدون بدلة ضغط وهذا بالطبع بعد تلافي مشكلة عدم وجود الأوكسجين عليه و البرد القارص علي سطحه والذي يبلغ 179 درجة مئوية تحت الصفر.
كثافة جو قمر تايتن وجاذبيته المنخفضة المقاربة لجاذبية قمر كوكبنا تجعل الأمطار التي تسقط علي سطحه تسقط ببطء بالمقارنة بكوكبنا، فالأمطار تسقط علي كوكب الأرض بسرعة تقارب 9.2 متر لكل ثانية ولكن علي قمر تايتن فقد قدر العلماء بأن سرعة سقوط الأمطار علي سطحه تبلغ 1.6 متر لكل ثانية اي ما يعني أن الأمطار الهيدروكربونية تهطل علي سطحه بسرعة أبطأ من سدس سرعة الأمطار علي كوكب الأرض وهو ايضا ما يجعل قطرات المطر علي سطحه كبيره بمقدار ما يقارب عن ضعف حجم أكبر قطره مطر علي كوكبنا والتي قد تبلغ 6.5 ملليمتر.
و هو قمر مشهور في حياة العامة فقد ذكر كثيراً في العديد من قصص والمجلات المصور وأفلام الخيال العلمي مثل سلسلة الأفلام الشهيرة ستار تريك والفيلم المرشح لجائزة الأوسكار "جاتيكا" وكذلك بعض المسلسلات التلفزيونية وألعاب الفيديو، واستخدمه مشاهير كتاب الخيال العلمي مسرح لقصصهم مثل الكاتب اسحاق عظيموف و الكاتب أرثر سي كلارك وكتاب أخرين.
هل تعلم:
:
1- قمر تايتن هو اكبر أقمار كوكب زحل وثاني اكبر الأقمار في المجموعة الشمسية بعد قمر كوكب المشتري جانيميد.
2- قمر تايتن يدور حول كوكب زحل الذي يدور حول الشمس علي بعد حوالي 1.4 مليار كيلومتر أي ما يعادل عشر أضعاف المسافة من الأرض للشمس، وهي مسافة كبيرة تقدر بحوالي 78 دقيقة ضوئية أي أن ضوء الشمس(سرعة الضوء حوالي 300 ألف كيلومتر لكل ثانية) يستغرق 78 ليصل من الشمس إلي كوكب زحل.
3-يستغرق قمر تايتن 16 يوم ليتم دور واحدة حول كوكب زحل، وهو نفس الوقت الذي يستغرقة ليكمل دورة واحدة حول محورة. بمعني أن هناك وجه واحد لقمر تايتن يواجه كوكب زحل علي الدوام، مثل قمر كوكبنا.
4- قمر تايتن هو قمر ثلجي بسطح مكون من الماء المتجمد بقساوة الصخر. ولكنه علي الأرجح يحتوي علي ماء سائل اسفل طبقة الجليد السطحية السميكة.
5- قمر تايتن هو القمر الوحيد في النظام الشمسي الذي يمتلك غلاف جوي سميك معظمه من غاز النتروجين مثل كوكب الأرض.
6- من الممكن للأقمار الكبيرة أن تمتلك هي أيضا أقمار تدور حولها، ولكن قمر تايتن ليس من ذلك النوع.
7- قمر تايتن لا يمتلك أي حلقات تدور حوله، لكن بعضاً من أقمار كوكب زحل كانت تمتلك حلقات في وقت ما مضي، في حين أن بعض تلك الأقمار تقوم بصنع تلك الحلقات لكوكي زحل.(كوكب زحل يدور حول عدد كبير من الأقمار يبلغ 82 قمراً بجانب حلقاته المعروفة من تلك الأقمار فقط 13 قمر لهم اقطار أكبر من 50 كيلومتر ومن كل تلك الأقمار هناك 7 أقمار كبيرة فقط أصغرهم هو القمر ميماس الذي يبلغ قطره حوالي 400 كيلومتر و أكبرهم قمر تايتن بقطر حوالي 5150 كيلومتر )
8- تم دراسة قمر تايتن من خلال 3 مركبات مرت به أثناء تحليق تلك المركبات حول كوكب زحل وهي المركبة بايونير 11 والمركبتين فوياجير 1 و 2 و لكن المركبة الفضائية كاسيني حلت ضيفاً علي كوكب زحل لمدة 13 عام مرت خلالها 127 مرة علي قمر تايتن لدراسته.
9- قد يكون المحيط تحت سطح قمر تايتن مكاناً يمكن أن تتواجد فيه حياة بشكل نعرفه، في حين أن بحيراته السطحية من الهيدروكربون السائل من الممكن أن تكون مأوي لحياة غريبة لا يممكنا أن نتخيلها.
تاريخ أكتشاف قمر تايتن
أكتشف عالم الفلك الهولندي كريستيان هويجنز اكبر أقمار كوكب زحل قمر تايتن في يوم 25 مارس 1655 ميلادياً وبعدها بحوالي 300 عام أكتشف عالم الفلك الهولندي الأمريكي جيرارد كويبر وذلك في عام 1944 أحد المقومات التي تجعل قمر تيتان قمراً إستثنائيا فقد أكتشف أن له غلافا جوياً. والملاحظات اللاحقة من علماء ومراصد أخري اظهرت أن ذلك الغلاف الجوي كان سميكا وضبابياُ.
اول مركبة فضائية تستكشف قمر تايتن هي مركبة بايونير 11 والتي حلقت في نظام كوكب زحل في الأول من سبتمبر 1979، فعلماء الفلك قد قاموا بدراسة درجة حرارة القمر وقاموا بحساب كتلته وقامت المركبة بايونير بتأكيد تلك المعلومات. وبسبب كثافة وعتامة الغلاف الجوي لقمر تايتن فقد أعتقد العلماء في وقت ما أن القمر تايتن هو اكبر أقمار المجموعة الشمسية وهو ما ثبت عدم صحته.
المركبات فوياجير 1 و 2 قاموا بالمرور في نظام كوكب زحل في عام 1980 و عام 1981 ولم يستطيعوا مشاهدة سطح القمر تايتن بسبب غلافه الجوي الضبابي فالصور التي ألتقطوها أظهرته كحبة البرتقالة بلا ملامح، قد تنبأ بعض العلماء أن سطحه البارد و غلافه الجوي السميك المحتوي علي الميثان قد تعني أن القمر قد يحتوي علي محيطات من الهيدروكرونات السائلة ولكن كاميرات المركبات فوياجير 1 و 2 لم تستطيع أختراق الغلاف الجوي الضبابي. ولكنهم اكتشفوا وجود ان الكوكب يحتوي علي كميات من الأيثان و الأستيلين و البروبان مع مركبات عضوية اخري وأن الغلاف الجوي للقمر معظمه غاز نتروجين.
وقامت المركبة فوياجير 1 بتقديم قياسات لدرجة حرارة سطح الكوكب وضغط الغلاف الجوي وكذلك قطر القمر لتبين أن القمر هو ثاني اكبر اقمار المجموعة الشمسية، كما بينت المركبة وجود أختلاف واضح في سطوع القمر بين الشمال والجنوب وهو ما تم أقتراح ان ذلك بسبب أختلاف الفصول المناخية علي سطح القمر، وهو الأقتراح الذي ثبتت صحته فيما بعد.
وفي عام 1994 وبإستخدام تلسكوب هابل الفضائي و بإستخدام طيف معين من طيف الأشعة تحت الحمراء تم أختراق الضباب المحيط بالقمر للمرة الأولي، وأظهر الصور الملتقطة وجود مناطق ساطعة ومناطق مظلمة متضمنة مناطق ساطعة في حجم قارة أستراليا، ومع ذلك لم تثبت تلك الصور وجود بحار سائلة علي سطح هذا القمر. وظل سطح هذا القمر يلفه الغموض حتي عام 2004.
فالمركبة الفضائية كاسيني مع المسبار هويجنز الملحق بها والذي قدمته وكالة الفضاء الأوروبية أصبحوا اول جسم يصنعه الأنسان يدور حول كوكب زحل. وعلي الفور بدأت المركبة بدراسة القمر تايتن مخترقة الضباب المحيط به للمرة الأولي. وقام المسبار هويجنز بالأنفصال عن المركبة كاسيني ليهبط علي سطح القمر مستعينا ببراشوت في غلافه الجوي في 14 يناير 2005 وليصبح أول هبوط علي سطح في المجموعة الخارجية من المجموعة الشمسية. وقد قامت المركبة بتجميع البيانات وإلتقاط الصور خلال هبوطها في الغلاف الجوي وايضا بعد الهبوط علي سطح القمر وقامت بإرسالها إلي المركبة كاسيني والتي نقلتها إلي الأرض. قامت المركبة الفضائية كاسيني 127 دورة قريبة للقمر في خلال فترة 13 عام مستخدمة العديد من الأدوات مثل الرادار و المعدات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء تخترق ضباب القمر وتمكن العلماء من تكوين صور مفصلة عن القمر وسطحه و غلافه الجوي المعقد التركيب. واستطاعت المركبة كاسيني-هويجنز فأكتشاف أن للقمر سحاب و بحيرات و أنهار من الهيدروكربون السائل وأن القمر يمتلك محيطاً من الماء المالح تحت قشرته الثلجية القاسية.