1000 ساعة عمل لإنجاز (كويت سات1) بسواعد وطنية
للسواعد الوطنية التي عملت لنحو 1000 ساعة في مشروع القمر الاصطناعي الكويتي الأول (كويت سات1) وفق مدير عملياته الدكتور أحمد الكندري العديد من المواقف والحكايات الملهمة.
وكالة الأنباء الكويتية (كونا) سبرت أغوار العمل في المشروع لتلقي الضوء على أجوائه ودور مسؤوليه في إيجاد فريق واعد يمثل نواة للسير باتجاه وضع دولة الكويت على خريطة الفضاء العالمي فيما يلي قصتها.
كان للقدر كلمته في انضمام مسؤول الفريق الإداري علي الدمخي المتخصص في الجيولوجيا (علوم الأرض والبيئة) إلى المشروع فقد كان في أحد أيام الصيف متجها إلى قسم الجيولوجيا بمبنى الجامعة في الخالدية وهو أعلى قسم الفيزياء وبدلا من أن يصعد إليه مباشرة مشى في ممر الدور السفلي أمام قسم الفيزياء.
لفت نظر علي إعلان "بنفسجي" من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن مشروع "فضائي" والحاجة إلى جامعيين ليشاركوا فيه فعلق الأمر في ذهنه وعندما عاد إلى منزله كانت صورة ذلك الإعلان البنفسجي في مخيلته.
في غرفته بدأ يطالع الدمخي هاتفه ليرى الجديد على (إنستغرام) وفجأة وجد الإعلان نفسه فعرف أنه "مقصود لهذه المهمة" وعقد العزم على التقدم للالتحاق بالمشروع وقد كان.
وبعد أسابيع من التقديم تلقى الدمخي اتصالا من قسم الفيزياء يعلمه بترشحه للقبول وتحديد موعد للمقابلة فدارت بذهنه أسئلة متعددة عما ستتمحور حوله ولكنه لم يجد جوابا شافيا فتسلح بما لديه من رغبة في أن يكون جزءا من هذه المهمة الوطنية ومضى في طريقه.
ذهب علي في الموعد فكانت الأسئلة مفاجأة وسارت المقابلة بشكل جيد فدخل مبتسما لمسؤولي الفريق وخرج ضاحكا لما آلت إليه الأمور ثم جاءه اتصال من القسم بعد نحو شهر "لقد تم قبولك مبدئيا في المشروع مع الحاجة إلى مقابلة أخرى" وخلالها كان الخبر السار بقبوله ضمن أول دفعة من شباب الكويت في المشروع الفضائي.
لم ينس الدمخي يوم اعتماد قبوله حين قالت له الدكتورة هالة "أنتم ثمرة الكويت وسنكون معكم خطوة تلو خطوة إلى أن تتولوا المسؤولية كاملة.. نحن نؤمن بكم وبقدراتكم" وقتها شعر بعظم المسؤولية وبدأ التفكير في كيفية التغلب على افتقاده الأساس العلمي الثابت في علوم الفضاء.
قد يكون متوقعا أن يقوم أعضاء الفريق بتركيبات يدوية ولكن أن يحملوا "الطابوق" فهذا هو ما لم يتخيله كثيرون.
لم يترك أعضاء الفريق مجالا للعمل في هذا المشروع إلا اقتحموه وعن ذلك يقول الدمخي "قبل أسابيع عملنا مع مجموعة متخصصة قدمت لتركيب أول محطة أرضية في الكويت عبارة عن برجي اتصالات وقمنا خلال ذلك بتركيبهما معهم من الألف إلى الياء وقمنا جميعا بعمل يدوي كبير حتى أننا حملنا الطابوق وربطنا البراغي وتركنا لهم فقط العمل على تعيير الأجهزة".
ينطوي تخصص الدمخي في هذا المشروع على دراسة الأمور البيئية من خلال الصور الجوية مثل تسريبات النفط أو المد الأحمر أو الخط الساحلي والكثير من التطبيقات الجيولوجية وهي أمور ذات أهمية كبيرة في الحفاظ على البيئة.
بعكس الدمخي لم ير عبد الله الخاتم إعلان المؤسسة للانضمام إلى فريق (كويت سات1) بل دلف إليه من طريق آخر إذ رشحه لهذه المهمة الوطنية صديق طفولته العضو في الفريق ذاته لمعرفته بحبه للتصوير وعمله في المجال التطوعي.
تمت الموافقة على انضمام الخاتم بعد رؤية نماذج من جهوده خلال عمله متطوعا أو بدوام جزئي في أحد المشاريع وأسندت إليه مسؤولية كبيرة تتضمن مسؤولية عرض المشروع في وسائل التواصل إضافة إلى التصوير الفوتوغرافي.
الغريب أن عبد الله كان قد ترك كلية العلوم في بداية حياته الجامعية من أجل دراسة الإعلام إلى أنه عاد إليها بعد تخرجه في إطار هذا المشروع الوطني الرائد.
وحين بدأ الخاتم يمارس مهمات عمله وجد صعوبة كبيرة في الوفاء بكل ما خطط له إلا أن يد المساعدة مدت له من عضوات الفريق اللائي كانت مهمتهن الأساسية في الجانب التقني للمشروع مما أظهر تمكن روح الفريق بين جميع الأعضاء.
في بداية انضمامه اعتملت نفسه بالعديد من الأسئلة: هل هذا المشروع حقيقي.. هل فعلا باستطاعتنا الذهاب للفضاء.. لماذا يطلبون مشاركة شبابية.. لماذا لم يلجؤوا إلى علماء متخصصين.
لم تستمر تلك الأسئلة طويلا فبعد رؤيته الجدية في العمل والتدريب والتواصل مع شخصيات فاعلة وتنظيم رحلات علمية أيقن أنه التحق بمشروع وطني كبير فكان يحضر كل جوانب العمل حتى تلك التي تخرج عن تخصصه الإعلامي فأصبح على علم بكل جزئيات بنية القمر ووظيفته وجوانبه التقنية.
ولانضمام مهندسة الميكانيك سارة إسكندر إلى الفريق التقني بالمشروع قصة فقد فوجئت خلال دراستها بكلية الهندسة بأحد أساتذتها يعرض عليها إعلانا عن قبول جامعيين للعمل في مشروع فضائي كويتي داعيا إياها إلى التسجيل فيه لما يعرفه عنها من "دأب وعزم ومثابرة".
خاطب الإعلان روح الفضول لدى سارة وبعد مطالعتها لمتطلبات التسجيل وجدت أن المطلوب جامعيون حديثو التخرج ففتر عزمها وآثرت الاهتمام بمشروع تخرجها.. كان ذلك في 2019.
وبعد التخرج وفي نهاية العام الماضي ولما يعرفه زميلات سارة عنها من حب العمل والرغبة في المشاركة بالمشاريع الوطنية المبتكرة جئن إليها بإعلان من وسائل التواصل عن قبول دفعة ثانية بالمشروع ذاته ونجحن في إقناعها بالتسجيل ومن ثم قبلت.
رغم شغفها لم تكن سعيدة بالقبول لمفاضلتها في هذا الوقت بين الهندسة والرسم ولكنها استخارت الله فيسر لها الاستمرار في العمل بمشروع القمر الكويتي الأول ضمن الفريق الفني ومن ثم بالمحطة الأرضية وهو ما يشعرها الآن بالفخر والسعادة الغامرة و"اللاندم".
على طريق القبول واجهت سارة مشكلة مع أهلها فقد كان والداها سعيدين بالتحاقها بالمشروع في البداية إلا أنهما حين لاحظا انغماسها فيه تاركة البحث عن وظيفة وبعد قبولها في دراسة الماجستير بدآ يطالبانها بترك المشروع لا سيما أنه تطوعي فاضطرت إلى تحمل عبء كبير لتظهر لهما عدم تأثر دراستها بعملها الأمر الذي نجحت فيه وبامتياز.
"كل العاملين في المشروع يتمتعون بروح مرحة وودودة".. بهذه العبارة وصفت سارة الروح التي تسود بين أعضاء الفريق منطلقة في سرد موقف طريف مع بعض الخبراء الأجانب كان لها دور فيه.
تحكي سارة ضاحكة "أثناء تركيب المحطة الأرضية جاء متخصصون من الخارج لتعليمنا بعض جزئيات العمل وفي يوم من الأيام اتفقت ومسؤول فريق الإدارة علي الدمخي على احضار طعام كويتي لهم وعندما اقترحت أن نحضر لهم اللبن رفض علي قائلا "لا.. يدوخون سنحضر لهم فقط المجبوس".
أصرت سارة على إحضار اللبن وبالفعل أحضرته وأحضر الدمخي "مجبوس دجاج" طالبا إليها أن تشرح لهم طبيعته وخلال ذلك أبدى أحدهم استغرابه من "كبر حجم الطبق المخصص للفرد ولسان حاله يقول: "كيف يأكل هؤلاء القوم" بحسب سارة.
وعندما انتهوا من الطعام هم أحدهم بتناول اللبن فحذروه مما يحدثه من "دوخة" لكنه لم يأبه لتحذيرهم وما إن تناوله حتى بدأ يتثاءب ويشعر بالخمول ثم ما لبث أن ترك العمل وعاد إلى الفندق ليترك لنعاسه العنان.
بون شاسع بين حال سارة في بداية العمل بالمشروع وحالها الآن مع قرب تحقيق الحلم وإطلاق القمر ففي البداية لم تكن مستوعبة بشكل تام مسألة إطلاق القمر ومستلزماته لكنها الآن متحمسة وخائفة في الوقت ذاته من ألا تسير الأمور وفق ما تم التخطيط له آملة أن يصبح أعضاء الفريق ككل جزءا من العمل في هذا المجال لتنتقل الكويت إلى مرحلة متقدمة وتعود لؤلؤة للخليج.
وفي يوم جامعي معتاد كانت الطالبة في علوم البحار أنفال اللنقاوي في طريقها إلى قاعة المحاضرة فوجدت إعلانا لافتا على حائط الإعلانات بالممر بعدما قرأته عرفت أنه يطلب مشاركة جامعيين في مشروع فضائي فاستهوتها الفكرة وسجلت طلب انضمام إلى الفريق لتلتحق به بعد اجتيازها معسكرا تدريبيا حافلا بالتحديات الذهنية.
خلال فترة الحظر بسبب جائحة (كوفيد19) انتقل الفريق إلى الدراسة عن بعد ما حفل بمواقف طريفة عدة أحدها والكلام لأنفال "في أحد الأيام وأثناء احتدام النقاش فوجئت بقطتي تقفز على الكيبورد وتغلق برنامج التواصل وبعد العودة عبثا حاولت إقناع الزملاء بما حدث إذ اتهموني بالهروب من النقاش".
شأنها شأن كل العاملين بالمشروع تنتظر اللنقاوي بحماس وشوق ساعة إطلاق القمر وبالتحديد اللحظة التي يتلقون بها أول رسالة ينقلها إلى الأرض عقب إطلاقه بأربع ساعات ودقيقتين والتأكد من أنه يسير في مداره.
حالما يعمل القمر تبدأ مهمة أنفال بتحليل الصور التي سيرسلها وفق تخصصها (علوم البحار) لتحصل على معلومات في هذا المجال ومن ثم عمل الأبحاث وبالتحديد في مجال البيئة.
ومن المفارقات أن المهندسة الميكانيكية بالفريق التقني دانة العتيبي قبلت في الدفعة الأولى رغم عدم توقعها ذلك لذا فإنها عندما تلقت بريدا بقبولها في صبيحة أحد أيام عطلتها الأسبوعية لم تتمالك نفسها وصاحت فرحا ليجتمع حولها أفراد أسرتها لمشاركتها فرحتها.
استعدت دانة نفسيا لخوض غمار التجربة فبدأت باجتياز المقابلة التي أجراها معها مهندس من تخصص الهندسة الميكانيكية بعدها تم تأكيد قبولها لتعمل بجد واجتهاد كي توائم بين دراستها ومقتضيات العمل وهو ما نجحت فيه بشكل باهر.
بالفخر والترقب تنتظر دانة موعد تحليق الصاروخ الذي سيحمل أول قمر اصطناعي كويتي إلى مساره، بعد عمل شاق امتد إلى 4 سنوات.
ولعب التلفاز دورا في لحاق المهندسة الميكانيكية مها الخرجي بالفريق التقني للمشروع فحينما كانت تتابع مقابلة من خلاله مع أحد أعضاء الفريق جذب اهتمامها حديثه عما يقومون به لا سيما أن العمل في مجال الفضاء كان املها منذ الصغر.
كثيرا ما بحثت مها عن باب تنفذ منه إلى هذا العالم لتحقق حلمها ولكنها لم تجد وما إن شاهدت هذا اللقاء حتى تمسكت بحبل الأمل وظلت تبحث عن طريقة للمشاركة في المشروع الحلم إلى أن رأت الإعلان عن قبول الدفعة الثانية فلم تنتظر وكانت من المسجلين.
ظلت مها متعلقة بأمل القبول لمدة شهر كانت خلالها تنتظر الوظيفة أيضا وبينما كانت في البيت تسلمت بريد القبول فكان هذا اليوم من الأيام التي لا تنسى في حياتها بل ربما كان أفضل من خبر التحاقها بالوظيفة.
لم تلبث كثيرا من الوقت لتعلم ما عليها فعله بل وضعت مخططا أوليا لما يمكن أن تقدمه لإفادة المشروع ولتركيزها وتعاون جميع المحيطين بها معها نجحت في تنفيذ مهماتها.
ومع قرب إطلاق القمر تشعر مها بالفخر والفرح والسعادة لكونها ضمن الفريق عاقدة العزم على المضي قدما فيه بعد الإطلاق في إطار (كويت سات2) متمنية أن تكون هناك وكالة للفضاء بالكويت تستثمر قدرات أبنائها
للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | تويتر | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك