" 25 يناير " يوم للشرطة.. وآخر للفوضى

" 25 يناير " يوم للشرطة.. وآخر للفوضى
علي مقلد
علي مقلد

اليوم" 25 يناير" تهل علينا ذكرى عزيزة على قلب كل مصري وطني، فخور بمسيرة وطنه في النضال والكفاح ضد "أهل الشر".

اليوم عيد للشرطة المصرية، تلك المناسبة الغالية، حيث نتذكر بكل فخر وإعزاز وشموخ، ما حدث يوم 25 يناير 1952، فيما يعرف تاريخيا بمعركة الإسماعيلية.

معركة خلدها التاريخ ووقف عندها كاتبا سطورها بحروف من نور، نور مستمد من دماء الشهداء الأبطال، حيث ارتقى في ذلك اليوم إلى الفراديس العلا وإلى سماء المجد 50 شهيدًا و80 جريحًا من رجال الشرطة في ميدان الوطنية والشرف والرجولة.

من باب التذكرة، جرت وقائع المعركة صباح يوم الجمعة، الموافق 25 يناير عام 1952، حينما استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام"، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.

غير أن قوات الشرطة المصرية رفضت الإنذار البريطاني، وأبلغت فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، في هذا الوقت، والذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام

الصمود أشعل الغيظ والغضب في قلب المحتل فأمر قواته بمحاصرة المحافظة، وإطلاق نيران مدافعها بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، في الوقت الذي لم تكن فيه قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع.

مشهد بطولي حيث 7 آلاف جندى بريطانى يحاصرون مبنى محافظة الإسماعيلية، مقابل 850 جندي مصري فقط، ما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت.

التصدى البطولي من قبل أبطال الشرطة المصرية لقوات الاحتلال أجبر ممثل الاحتلال "الجنرال أكسهام " على أداء التحية العسكرية لجثامين الشهداء عند إخراجها من مبنى محافظة الإسماعيلية، اعترافًا بشجاعتهم.

لذلك نفتخر ويحق لنا، إنه يوم البطولة والفخر، يوم صمد الرجال على قلة عددهم وعتادهم، وعلى كثرة عدوهم وجبروته وطغيانه، يوم قاتلوا بشرف ورجولة دفاعا عن تراب مصر، وضحوا بأرواحهم في سبيل ذلك، ما تقهقروا ولا تخاذلوا ولا خانوا، فخلد التاريخ نضالهم وجعل من استبسالهم نموذجا يحتذى في الرجولة والشهامة والكرامة.

فألف ألف تحية عطرة لأرواح هؤلاء الأبطال، ولأرواح كل من سار على دربهم في مواجهة أعداء الداخل والخارج، الذين روت دمائهم الطاهرة كل شبر في أرض الوطن.

في هذه الذكرى فرصة لنجدد الشكر والتحية لأبطالنا البواسل السائرين على درب البطولة، من رجال الجيش والشرطة، نشد على أيديهم في معركتهم الضارية ضد أعداء الخارج والداخل، ونحن على يقين بأن مصر ستصل حتما إلى بر الأمان.

يصادف في يوم "25 يناير " ذكرى أخرى، هي أحداث الفوضى التي اندلعت شرارتها يوم 25 يناير 2011، وهذه أحداث مؤسفة، جاءت وفق مخطط لهدم مصر والمنطقة برمتها لصالح عدو متربص بنا، يريد نهب ثرواتنا، لكن ليس بالاحتلال المباشر هذه المرة، بل من خلال عملاء وأغبياء، عملاء يشعلون الفوضى وأغبياء يلبوا النداء ويسيرون خلف المأجورين دون دراية.

هذا ليس افتراءا، فما جرى ليس ببعيد، فقد رأينا كيف عمت الفوضى، واندلعت الحرائق في كل مكان، وظهر المأجورين على الشاشات يتباهون بالحرق والتخريب وقتل الشرفاء في أماكن عملهم.

وكأن من اختار يوم "25 يناير " لمهاجمة الشرطة المصرية في أماكن عملها، لا زال يحمل الضغينة القديمة، منذ معركة الإسماعيلية، لعله لم ينسى ثأره، لعله أراد أن يستعيد كبرياءه الذي فقده حين استبسل الرجال في مواقعهم قبل أكثر من سبعين عاما.. .لم يكتب بعد التاريخ الحقيقي لـفوضى يناير، ولم تروى القصة كاملة لأسباب عديدة.. يوما أتمنى ألا يكون بعيدا.. .تكتب القصة وتكشف عن الأبعاد ويفضح المتورطون.

سيقول البعض أنها كانت ثورة شعب وأن اهدافها نبيلة، وأن من خرجوا كانوا يريدون خيرا لمصر.. .. إلخ، وأقول ما قلته منذ اللحظة الأولى: إنها لم تكن ثورة بل فوضى، كادت تخرج مصر من التاريخ، وربما الجغرافيا أيضا، فمخطط التقسيم الذي طال جيراننا لم يكن عنا ببعيد، ولا تكفى النوايا الحسنة لتغفر لمن ساهموا في تلك الفوضى، فالطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة.

كادت مصر تضيع، لولا ما حدث من ثورة شعبية حقيقية وجارفة شاركت فيها كل فئات وطبقات الشعب المصري الحقيقي صاحب الأرض والتاريخ، الشعب البطل، صاحب الحضارة العريقة، يوم 30 يونيو 2013، يوم استرداد مصر التي سقطت فريسة ذات غفلة في يد جماعة إرهابية عميلة، عاونها في ذلك مأجورن ومغفلون.

ولأن الأمور بخواتيمها.. فمعركة الاسماعيلية كانت نقطة فاصلة في طريق التحرر من الاحتلال الانجليزي.. لكن 25 يناير الأخرى كانت بداية الفوضى والمعاناة.

اقرأ أيضا:

مصر بخير.. لكنها تعاني من "ديكتاتورية المحبطين"

للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون

أهم الأخبار