العالم بين الحروب المفتعلة والأزمات الطاحنة
تعيش مصر جنبا إلى جنب مع كثير من دول العالم ويلات أزمة اقتصادية عالمية صعبة وصل مداها إلى عاصمة الضباب التي شهدت أمس خروج مظاهرات وإضرابات شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين ممن يعانون من ويلات الأزمة الاقتصادية، ويعانون من ويلات غلاء المعيشة، وأن الحياة في لندن لم تعد تطاق في ظل هذا الغلاء، بحسب وصفهم، فضلا عن صدور تصريحات مباشرة من قبل المسؤولين عن عجزهم عن التجاوب مع مطالب المشاركين في تلك التظاهرات بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية والأزمة الأوكرانية.
وقبلها بيومين كانت باريس عاصمة النور وغيرها من كبريات المدن الفرنسية ترضخ تحت تهديد قوي لتظاهرات واضرابات تزيد خطورة عن مثيلتها في لندن، فضلا عن تصريحات لمسؤولين فرنسيين في الحكومة حول نية اللجوء لتخفيف الأحمال في الكهرباء رضوخا لآثار الأزمة فضلا عن التأكيد على صعوبة الظرف الاقتصادي عليهم مما صعب من قدرة الحكومة على التجاوب مع مطالب المتظاهرين التي تتماس مع حاجاتهم المعيشية والتأثير على مستحقات تاريخية تمتعوا بها على مدار عقود طويلة.
بالمقابل يعيش العالم حالة من السعار تجاه مضاعفة حجم الإنفاق العسكري والطعن في قدرات كبرى بلدان العالم، ففي ألمانيا جرى الإعلان عن ميزانية ضخمة ومضاعفة موازنة التسليح العسكري للجيش وإعادة بناؤه، وكذلك ضاعفت اليابان لموازنتها العسكرية، بسبب الأزمة الأوكرانية الكاشفة بل الفاضحة للقدرات العسكرية لأوروبا مجتمعة ومن خلفها أمريكا، الأمر الذي جعل أمين الناتو يدلي بتصريحات صعبت من احتمالية التقارب الروسي للحل السياسي للأزمة، كان من بين ما قاله وردده وزير الخارجية الروسي في حضرة نظيره المصري، أمس الأول في موسكو، بأن هزيمة الروس لأوكرانيا هزيمة للعالم كله وليس لأوروبا وأمريكا فقط، وهو تصريح على غرابته كاشف لحجم الخواء العسكري، بل والرعب أيضا من العسكرية الروسية.
وعلى مقربة من كل تلك الأجواء المشحونة تدفع إسرائيل ومن خلفها أمريكا العاجزة عن سداد ديونها، والتي دفعت العالم لمزيد من سعار الأسعار والأزمات الاقتصادية، تدفع منطقة الشرق الأوسط عُنوة لحرب ضروس ضد إيران، دفعٌ لا تزال تقف أمامه بقوة مصر بحجج عقلانية، وهي أن العالم عانى بما فيه الكفاية من ويلات الحروب والأزمات، وأن الدول ذات الاقتصادات الضعيفة تدفع الثمن باهظا، وتأكيدا على أن العالم أحوج ما يكون لمزيد من الاستقرار والأمن، وأن استحضار أجواء الحرب مع إيران الآن لن يفيد إلا بمزيد من عدم الاستقرار، وستدفع دول المنطقة الثمن باهظا من أمنها واستقرارها، وأن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة تلك المحاولات.
إن أمريكا الشيطان الأعظم، وبايدن العجوز الماكر، ونتنياهو المتعطش للدماء، لا يزالوا يسعون لدفع العالم نحو مزيد من عدم الاستقرار، وهو ما لن يصب سوى في خزانة أمريكا بائع السلاح الأول في العالم، ونحن من سندفع الثمن باهظا كالعادة.