الصحفيون.. انتخابات ساخنة على صفيح هادئ
ساعات قلائل تفصلنا عن معركة انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين المصريين، انتخابات جرى الحشد لها على نحو يستشعره العامة أنه غير مسبوق، بينما اعتدنا في الجماعة الصحفية على سخونة أجوائها، وتباين آراء وأفكار المتنافسين فيها، بشكل يعكس قلب النخبة الفكرية والثقافية المصرية لنقابة تقود الرأي العام في مصر، والمظلة الجامعة لرموز وصناع الإعلام والصحافة والفكر والرأي العام ليس في وسائل الإعلام والصحف المصرية فحسب، بل في الصحافة والإعلام العربي والخليجي أيضا.
نقابة الصحفيين تلك المظلة التي تشرفت بالإنتساب لها لقرابة 17 عاماً، عشت خلالها انتخابات عديدة تنافس فيها كبار الكتاب والصحفيين ورموز الصحافة المصرية، من إبراهيم نافع لمكرم محمد أحمد، مرورا بجلال عارف وممدوح الولي، ويحي قلاش، وضياء رشوان، وصدقاً رغم كل الحشد والاستعراض الكبير الذي يجري في هذه الانتخابات إلا أننا كقادة رأي يصعب وبحق السيطرة على المزاج العام لأعضاء نقابة الصحفيين، فقد يجري التظاهر بأفكار بعينها، وقد يبدو البعض ظاهرا دعائيا بشكل كبير بينما لم يلمس بعمله حقيقة قلوب ولم يخاطب عقول الجماعة الصحفية.
ويستطيع المتابع عن كسب للانتخابات أن يحصر المتنافسين الحقيقيين في انتخابات الصحفيين بين اثنين فقط على مقعد النقيب يمثلان كما العادة ممثلا للصحافة القومية القريبة من الحكومة والمناصرة من الصحافة القومية والذي يجري الحشد له من هذا التيار وهو هنا الزميل النقابي المخضرم خالد ميري رئيس تحرير جريدة الأخبار، في المقابل نجد ممثل التيار الناصري واليسار واللذين يصطفون خلف الزميل خالد البلشي، المخضرم نقابيا، والحاضر بقوة في المنافسة، وهنا يمكننا القول وبصوت هادئ أن فرص خالد ميري الأرجح في تلك الانتخابات رغم المنافسة القوية التي تبدو من قبل البلشي، وهنا جرت العادة على أن المرشح الحكومي يرفع راية الخدمات والمهنية، بينما بالمقابل يبقى الصوت الزاعق والتلوين السياسي للعمل النقابي هو صوت الجبهة الأخرى ممن جرت العادة على تسميتهم داخل مظلة العمل النقابي بـ "الحنجوريين"، والراصد لطبيعة المرحلة الراهنة التي تعيشها البلاد يدرك أنه لا وقت للحنجوريين، والحاجة تبدو أكبر للصوت الهادئ الأكثر حكمة في المواقف المتناغمة مع مساعي إندماج النقابة في منظومة العمل العام، وأن صعود الحنجوريين لسلالم نقابة الصحفيين يهدد بصوت نشاذ لا الوقت والظروف الراهنة والأجواء العامة يمكن أن تمنحه الفرصة، وأن صدام ذلك التيار بالحكومة وارد، ومكاسبه فقط ستكون سياسية لتيار بعينه بينما تخسر الجماعة الصحفية فرص تحقيق مكاسب جديدة على المستويين الخدمي والمهني فضلا عن التشريعي والنقابي.
وبذات الطريقة يمكننا وضع تصور مشابه للتنافس على مقاعد العضوية، والتي تشتد فيها المنافسة على ثلاثة مقاعد فوق السن، واللذين يمثل انتخابهم فرض كفاية أو سنة لا تفسد الانتخابات، بينما تزداد المنافسة في تحت السن لكنها يبقى تمثيلهم فرض واجب لا غنى عنه للصوت الانتخابي.
ويمكن بعين الراصد الخبير نتوقف في فوق السن أمام مجموعتين يمثلان التيارين ومجموعة نقابية وطنية مستقلة غير مصنفة ولا مؤدلجة، إذ يبرز من التيار الحكومي فوق السن كلا من محمد شبانة عضو مجلس النقابة وعضو مجلس الشيوخ ورئيس نادي الصحفيين النهري، والذي يواجه معركة صعبة متحملا تبعات تعديل واجهة المبنى وترميم النادي النهري أيضا، والذ حاول في معركة النفس الأخير الاستعانة بملف أرض الصخفيين بأكتوبر بتعاقد اللحظات الأخيرة برفقة ضياء رشوان مع هيئة الأوقاف، يليه في فرص النجاح سامي عبد الراضي ابن المهنة المخلص القوي الأمين الذي كاد أن يفعلها تحت السن قبل عامين لكن ينتظر أن يصنع مفاجأة هذه المرة، كذلك يأمل ممدوح الصغير في المنافسة، بينما يعود النقابي المخضرم ورمانة ميزان مجلس نقابة الصحفيين جمال عبد الرحيم للمنافسة بقوة متوقعا أن يحقق فوزاً كبيراً هذه المرة بعدما ترك غيابه فراغا كبيرا في المجلس، ثم نجد كلا من عبالرءوف خليفة وأبوالسعود محمد للمنافسة، وبالمقابل نجد هشام يونس الظهير الأول للبلشي في معركة النقابة منافسا من التيار الآخر، وفي معركة تحت السن نجد نجوم جدد يخوضون التجربة ويتوقع أن يحققوا مفاجآن بينهم محمد كمال مدير التحرير بأخبار اليوم والمتسلح بمنصب حكومي رفيع وعضوية تنسيقية شباب الأحزاب، في أول تجربة نقابية لشباب التنسيقية يعول عليه الكثير، يليه محمد السيد ابن المهنة المتابع عن كثب لملف النقابة، ثم محمد الجارحي القادم من معسكر البلشي على ذات أرضية رفيق دربه عمرو بدر، ثم يظهر بملف خمات الكترونية عصرية محمد حرحش، وحسام راضي وآخرين.
انتخابات صحفية بمذاق يجمع ألوان الطيف السياسي ويجري فيها الحشد والحشد المضاد ويبقى المكسب المهني هو الأهم والأكبر لنا جميعا، نقابة صناع الرأي والمظلة الكبيرة التي تجمعنا في وطن يظلنا ونسعى جميعا بإنتماءنا له لتحقيق صالحه وصالح مواطنيه، وكل يأتيه من دربه وعلى طريقته.