هل دخلت «تساى» الممنوع بعد لقائها مكارثى في كاليفورنيا؟
بعد شهور من الأزمة التى تسببت فيها زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى السابقة نانسى بيلوسى لتايوان فى شهر أغسطس 2022، اندلعت أزمة مشابهة خلال الأيام الماضية بعد قيام الرئيسة التايوانية تساى إنج ون بزيارة الولايات المتحدة فى الخامس من إبريل الحالى، ولقائها رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفين مكارثى، ما أدى إلى ازدياد حدة التوتر بين واشنطن وبكين مع إجراء الأخيرة لمناورات عسكرية على مدار ثلاثة أيام حول تايوان تضمنت محاكاة لتطويق الجزيرة .
بعد ساعات من الاجتماع بين رئيسة تايوان ورئيس مجلس النواب الأمريكى فى كاليفورنيا، قامت بكين بإرسال سفن حربية إلى المياه المحيطة بتايوان، بعد نشرها حاملة طائرات قرب الجزيرة، متوعدة برد «حازم» على اللقاء الذى طالما هددت بكين بالرد فى حال إجرائه.
وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية قامت الصين بمناورات عسكرية واسعة فى مضيق تايوان بمشاركة مدمرات وزوارق سريعة قاذفة للصواريخ ومقاتلات وطائرات تمويه وأجهزة تشويش، استهدفت التدريب على «تطويق كامل» للجزيرة، حيث تم إجراء المناورات العسكرية التى أطلق عليها اسم «السيف المتحد» بهدف «الاستعداد القتالى» ضد من سماهم الجانب الصينى بالانفصاليين التايوانيين بسبب تواطؤهم مع قوى خارجية.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج أن «الولايات المتحدة وتايوان تآمرتا من أجل تعزيز علاقاتهما، الأمر الذى يمس بصورة خطيرة بالسيادة الصينية ويشكل مؤشرا سيئا يدل على دعم الانفصاليين التايوانيين».
وقال بيان للجنة الشئون الخارجية بالبرلمان الصينى، إن اللقاء الأمريكى مع زعيمة تايوان انتهك بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة والبيانات الثلاثة المشتركة بين بكين وواشنطن، وانتهك بشكل خطير أيضا القانون الدولى والأعراف الأساسية التى تحكم العلاقات الدولية، مشددا على أن مسألة تايوان تقع فى صميم المصالح الجوهرية للصين، والأساس السياسى بين بكين وواشنطن، وأول خط أحمر لا يجب تجاوزه فى علاقات البلدين.
وأشار البرلمان الصينى إلى أن اللقاء قوّض بشدة سيادة الصين ووحدة أراضيها، مؤكدا إدانته ومعارضته الشديدة للخطوة الأمريكية، ومشددا على أنه لا يوجد فى العالم سوى صين واحدة، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هى الحكومة الشرعية الوحيدة التى تمثل الصين بأكملها.
وأكد البرلمان معارضة بكين بحزم جميع أشكال التفاعل الرسمى بين الولايات المتحدة وتايوان، وحث حكومة الولايات المتحدة والكونجرس على التوقف عن تشويه مبدأ الصين الواحدة.
فى المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن على بكين أن تختار طريق «الدبلوماسية» لا «الضغوط» على تايوان، ووصفت زيارة تساى بأنها «عبور» فى طريقها من أمريكا اللاتينية وإليها، «لا سبب لتحويله إلى شىء آخر، أو استخدامه ذريعة للمبالغة فى رد الفعل».
وقال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، للصحفيين: «نواصل حضّ بكين على وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية على تايوان، واختيار ممارسة دبلوماسية بنّاءة». وتابع «نظل ملتزمين بالحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة لمنع مخاطر أى نوع من سوء التقدير»، وأقر بوجود خلافات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، لكنه قال إن القوتين أدارتا تلك الخلافات على مدى 4 عقود.
وتنظر الصين باستياء إلى التقارب الجارى منذ سنوات بين السلطات التايوانية والولايات المتحدة التى تقدم للجزيرة دعما عسكريا مهما على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بينهما. وتتهم الصين الولايات المتحدة بأنها لم تلتزم بتعهداتها الخاصة بشأن خفض مبيعات الأسلحة لتايوان.
وكانت الولايات المتحدة قد اعترفت بجمهورية الصين الشعبية عام 1979، ويفترض نظريا ألا يكون لها اتصال رسمى مع تايوان بموجب «مبدأ الصين الواحدة» الذى تدافع عنه بكين.
وتعتبر بكين جزيرة تايوان البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءا لا يتجزأ من أراضيها، ولا تستبعد استعادتها بالقوة إن لزم الأمر، وتعارض أى اتصال رسمى بين تايبيه ودول أخرى.
وتعترف 13 دولة فقط بتايوان، من بينها بيليز وجواتيمالا، اللتان زارتهما رئيسة الجزيرة تساى إنج ون خلال جولتها الأخيرة بعد محطة أولى فى نيويورك.
وعن دلالة المناورات الصينية الأخيرة التى تضمنت محاكاة لتطويق تايوان، حذر المحلل العسكرى الصينى، سونج تشونج بينج، من أن هذه التدريبات ذات البعد «العملياتى» تهدف إلى إثبات أنه «إذا تكثفت الاستفزازات»، فإن الجيش الصينى سيكون مستعدا «لتسوية مسألة تايوان بشكل نهائى».
من جانبه، يقول جيمس شار، الباحث فى برنامج الصين فى معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية فى سنغافورة، إن التدريبات تؤكد «اعتماد بكين على الخطاب القومى فى توجهها لجمهورها المحلى وتسجيلها نقاطًا سياسية فى الداخل».
أما جوزيف وو، وهو نائب مدير معهد العلاقات الدولية فى جامعة تشنغتشو الوطنية فى تايوان، فيرى أن تصاعد التوترات فى مضيق تايوان قد يجذب العديد من البلدان إلى الصراع باعتبار المنطقة أخطر نقطة اشتعال فى العالم بأسره، وأضاف لمجلة «فرونت لاين» الهندية، أن مضيق تايوان قناة اتصال بحرية مهمة للغاية لا يمكن أن تغلق، وذلك سيدفع العديد من الدول، خصوصا الولايات المتحدة واليابان، إلى الانخراط فى القتال.
وتجدر الإشارة إلى أنه فى غضون إجراء الصين مناوراتها حول تايوان الأسبوع الماضى، حذر تقرير لشبكة «سكاى نيوز» الإخبارية الأمريكية من أن 50% من التجارة العالمية أصبحت مهددة بالتوقف بسبب تلك الأزمة، ما يهدد بمزيد من التعطيل لسلاسل التوريد التجارية المتأثرة بأزمتى فيروس كورونا وأوكرانيا.