سيرة كفاح ملهِمة لمدير محطة إذاعية مصرى من أصحاب الهمم
اتساقاً مع نهج الدولة المصرية، من أجل دعم ذوي الهمم ودمجهم في المجتمع، جاء القرار الخاص بتعيين إذاعي بارز من هذه الفئة، رئيساً لواحدة من أشهر المحطات الإذاعية العربية، وهي إذاعة «القرآن الكريم»، وسط حفاوة بالغة في الأوساط المصرية.
هو الإذاعي المصري البارز رضا عبد السلام، الذي يعرفه المستمعون من نبرة صوته المتميزة وسلسلة برامجه عبر إذاعة القرآن الكريم التي كان يعد كبير المذيعين فيها، وهي البرامج التي كانت سبباً رئيساً في شهرته الواسعة.
واجه عبد السلام - وهو من مواليد مدينة قويسنا بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة) - جملة من الصعوبات في بداية حياته المهنية قبل أكثر من 30 عاماً، من أجل العمل في الإذاعة، بعد أن تم رفضه في البداية - على رغم من تخطيه الاختبارات - بسبب معاناته ضمور الذراعين.
عبد السلام - الذي تسلم بدءاً من يوم الأربعاء الماضي منصب رئيس إذاعة القرآن الكريم - صاحب تجربة ملهمة، فقد تعلم منذ صغره الكتابة بأسنانه، من أجل التغلب على إعاقته وكافح من أجل اقتناص فرصة العمل بالإذاعة.
تخرج في كلية الحقوق جامعة طنطا (شمالي القاهرة) وحصل على الترتيب الثالث على دفعته، وعمل في بداية حياته المهنية في أحد مكاتب المحاماة، ولكنه فضّل الاتجاه إلى العمل الإذاعي، ولا سيما مع تمكنه من اللغة العربية والشعر. فتقدم للعمل بالإذاعة المصرية قبل أن يُرفض في بادئ الأمر - رغم نجاحه في اختبارات الصوت والثقافة - ظناً من المعنيين أن إعاقته قد تمنعه من العمل مذيعاً بالراديو، ليبدأ بعدها رحلة كفاحه من أجل نيل حقه في التعيين.
تلك التجربة التي وصفها في تصريحات سابقة له بأنها «تجربة قاسية» تكللت في الأخير بالنجاح، فبعد أن تم رفضه للعمل مذيعاً من قبل رئيس الإذاعة الأسبق، وتعيينه في وظيفة إدارية، ظل على مدار عامين يكافح من أجل اقتناص فرصة العمل مذيعاً بالإذاعة المصرية متحدياً الظروف، حتى تمكن من إقناع لجنة اختيار المذيعين - وكان يترأسها آنذاك الإعلامي حلمي البلك - بموهبته في عام 1987، بعد أن خضع لاختبار أثبت من خلاله جدارته للعمل مذيعاً.
كان التحدي أمامه في البداية كيفية التعامل مع أزرار التحكم في آن واحد، نظراً لإعاقته في يديه مع معاناته ضمور الذراعين منذ الصغر، ولكنّه تغلب على ذلك التحدي وأقنع المسؤولين بمهاراته الخاصة، بعد أن طلب من المهندس المسؤول عن التشغيل وضع زر تحت قدمه وآخر إلى جوار ركبته، ليمكنه من التحكم. وظل أكثر من 30 عاماً يعمل من دون أن يحدث أي خلل.
على مدار مسيرته الممتدة أكثر من ثلاثة عقود، قدّم رضا عبد السلام برامج إذاعية شهيرة عدة، ومن بينها برنامجه الأشهر (مساجد لها تاريخ)، وهو البرنامج الذي تناول فيه مئات المساجد على مستوى العالم لجهة قيمتها وتاريخها وتصميمها المعماري. إضافة إلى برامج (قطوف من السيرة، ومع الصحابة، وسيرة ومسيرة). كما شارك في نقل الأمسيات الدينية المختلفة من المحافظات المصرية. وقدم أيضاً تغطية مناسك الحج في عام 2006. كما قدم مسابقة القرآن الكريم العالمية.
ولعبد السلام مؤلفات عدة، كان آخرها كتاب «نقش على حجر»، وكتاب «إضاءات العقل وهدايات النقل». كما أنه حاصل على جوائز وتكريمات عدة، منها جائزة أفضل مذيع إذاعي في إذاعة القرآن الكريم لعام 2012، وجائزة أفضل مذيع في مسابقة «مذيعون مبدعون».