من عجائب الدنيا.. قنديل البحر، كائن بلا دماغ يحير العلماء بسبب خصائصه الخارقة

من عجائب الدنيا.. قنديل البحر، كائن بلا دماغ يحير العلماء بسبب خصائصه الخارقة

يُعتبر قنديل البحر من أقدم الكائنات الحية على وجه الكرة الأرضية إذ يعود تاريخ ظهوره إلى أكثر من 600 مليون سنة. ويحظى هذا الحيوان البحري باهتمام كبير لدى العلماء لما له من خاصيات فريدة اكتشفوها مع مرور الوقت، فهو كائن رخوي لا يملك قلبا ولا دماغا ولا معدة. ونُشرت مؤخرا دراسة جديدة تكشف جزء من ألغاز عمل الجهاز العصبي لقنديل البحر، ما قد يُفيد الباحثين في فهم تعقيدات الأجهزة العصبية لكائنات أخرى كالإنسان. لنتعرف مع ربيع أوسبراهيم على الخصائص الخارقة لهذا الحيوان الفريد.

يمكن الإجابة عن الأسئلة الأساسية حول علم الأعصاب للسلوك من خلال نموذج كائن حي جديد وأبسط بكثير: هو قنديل البحر الصغير.

ويمثل فهم الدوائر الدقيقة لخلايا الدماغ التي تنظم جميع سلوكياتنا اليومية، مثل تحريك أطرافنا، والاستجابة للخوف والعواطف الأخرى، وما إلى ذلك، لغزًا معقدًا للغاية لعلماء الأعصاب.

ويحتوي الدماغ البشري على 100 مليار خلية عصبية، مما يجعل هناك 100 تريليون اتصال.

ولكن الآن، يمكن الإجابة على الأسئلة الأساسية حول علم الأعصاب للسلوك من خلال نموذج كائن حي جديد وأبسط بكثير: هو قنديل البحر الصغير.

وطور باحثو معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، نوعًا من الأدوات الجينية المصممة للعبث بأحد أنواع قنديل البحر، الذي يبلغ قطره حوالي سنتيمتر واحد عند نموه بالكامل، وباستخدام هذه الأدوات، تم تعديل الكائنات الدقيقة وراثيًا بحيث تتوهج خلاياها العصبية بشكل فردي بضوء الفلورسنت عند تنشيطها.

ونظرًا لأن قنديل البحر شفافا، يمكن للباحثين مشاهدة توهج النشاط العصبي للحيوان وهو يتصرف بشكل طبيعي، وبعبارة أخرى، يمكن للفريق قراءة عقل قنديل البحر أثناء إطعامه، والسباحة، والتهرب من الحيوانات المفترسة، وأكثر من ذلك، من أجل فهم كيفية تنسيق دماغ الحيوان البسيط نسبيًا لسلوكياته، ونُشرت ورقة بحثية تصف الدراسة الجديدة في مجلة "سيل" في 24 نوفمبر.

وعندما يتعلق الأمر بنمذجة الكائنات الحية المستخدمة في المختبرات، فإن قنديل البحر يعتبر بعيدا للغاية، فالديدان والذباب والأسماك والفئران، وبعض الكائنات النموذجية المختبرية الأكثر شيوعًا، كلها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، من الناحية الجينية، ببعضها البعض أكثر من أي قنديل البحر.

قنديل البحر

وفي الواقع، تعتبر الديدان أقرب من الناحية التطورية إلى البشر منها إلى قناديل البحر، ولكن العديد من قناديل البحر صغيرة وشفافة، مما يجعلها منصات مثيرة لعلم الأعصاب، وذلك بسبب وجود أدوات جديدة مذهلة لتصوير ومعالجة النشاط العصبي باستخدام الضوء، ويمكنك وضع قنديل البحر الحي بالكامل تحت المجهر والوصول إلى الجهاز العصبي بأكمله.

يقول برادي ويسبورد، باحث ما بعد الدكتوراه والمؤلف الأول في الدراسة: "يعتبر قنديل البحر نقطة مهمة للمقارنة لأن خلاياه العصبية بعيدة كل البعد عن بعضها البعض، ولقد سمحوا لنا بطرح أسئلة مثل: هل هناك مبادئ لعلم الأعصاب مشتركة عبر جميع الأجهزة العصبية، أو كيف يمكن أن تبدو أول الأنظمة العصبية؟ من خلال استكشاف الطبيعة على نطاق أوسع، قد نكتشف أيضًا ابتكارات بيولوجية مفيدة".

وبدلاً من أن يكون الجهاز العصبي مركزًا في جزء واحد من الجسم مثل أدمغتنا، ينتشر دماغ قنديل البحر عبر جسم الحيوان بالكامل مثل الشبكة، ويمكن لأجزاء الجسم المختلفة لقنديل البحر أن تعمل بشكل مستقل على ما يبدو، دون تحكم مركزي، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي استئصال فم قنديل البحر جراحيًا إلى "استطاعته تناول الأكل" حتى بدون بقية جسم الحيوان.

قنديل البحر

ويبدو أن خطة الجسم اللا مركزية هذه استراتيجية تطورية ناجحة للغاية، حيث استمر قنديل البحر في جميع أنحاء المملكة الحيوانية لمئات الملايين من السنين، ولكن كيف يقوم الجهاز العصبي اللا مركزي لقنديل البحر بتنسيق وتنظيم السلوكيات؟

بعد تطوير الأدوات الجينية للعمل، قام الباحثون أولاً بفحص الدوائر العصبية الكامنة وراء سلوكيات تغذية الحيوان، واكتشفوا كيف تعمل بتناغم أثناء تناول الطعام.

ويقول ويسبورد: "الهدف النهائي هو ليس فقط لفهم الجهاز العصبي لقنديل البحر ولكن لاستخدامه كنقطة انطلاق لفهم الأنظمة الأكثر تعقيدًا في المستقبل".

أهم الأخبار