الدرازي يقدم أفضل الممارسات والتحديات التي تواجه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان
قدم المهندس علي أحمد الدرازي رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين بخصوص أفضل الممارسات والتحديات التي تواجه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة شبه الجزيرة العربية (دولة قطر، سلطنة عمان مملكة البحرين دولة الكويت)
ضمن مؤتمر الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وجمعيتها العامة العشرون
"المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المنشأة وفقاً لمبادئ باريس الأدوار والتحديات الرؤى والطموحات"
.. .
قال الدرازي. شهدت منطقة شبه الجزيرة العربية وبإرادة وتوجيه سامي من لدن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نقلة نوعية بارزة تجاه قضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، من خلال تطوير تشريعاتها وقوانينها لصالح تعزيز وحماية هذه الحقوق، والتصديق أو الانضمام إلى الاتفاقيات الأساسية الدولية الحقوق الإنسان، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات وطنية مستقلة وفاعلة معنية بحقوق الإنسان حظت بصلاحيات وولاية واسعة في مجال تعزيز وحماية تلك الحقوق.
.
تعد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر الشقيقة أول لجنة وطنية في منطقة شبه الجزيرة العربية، كما أنها المؤسسة الوحيدة في ذات المنطقة الجغرافية الحاصلة على تصنيف (1) من قبل
التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بالنظر لالتزامها بمبادئ باريس التي تؤكد على (الاستقلالية، والشفافية، والتعددية) بوصفها خصائص أساسية يضطلع بها أداء اللجنة. ومن هذا المنطق فإن اللجنة تقوم بممارسة دورها في مجال إبداء مرئياتها حول مدى انسجام أحكام مشروعات القوانين التي تحال إلى (اللجنة) مع معايير حقوق الإنسان الدولية، إلى جانب الدفع نحو التصديق أو الانضمام إلى الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المساهمة في إبداء الملاحظات بشأن التقارير الوطنية المقدمة للآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وتقديم التقارير الموازية بهذا الخصوص إلى الآليات المذكورة وتتولى اللجنة رصد أوضاع حقوق الإنسان في الأماكن المحتمل حصول الانتهاكات فيها، بما في ذلك دورها في مراقبة العملية الانتخابية انتخابات المجلس البلدي المركزي، ومجلس الشورى)، بالإضافة إلى سلطتها في تلقي شكاوى والتماسات المواطنين والمقيمين التي تتضمن انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان على اختلافها وسوء وقع هذا الانتهاك من جهات حكومية أو غير حكومية بما فيها الشركات وأصحاب العمل، حيث تعمل على بحثها والتحقق منها والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن معالجتها
: كما أن للجنة صلاحية التمثيل والترافع بشكل مجاني أمام المحاكم بشأن بعض الحالات لأشخاص أولى
بالرعاية، من قبل مكاتب محاماة متعاونة مع اللجنة. وفي مقابل ذلك، تبرز لدى اللجنة عدد من التحديات ذات الصلة، منها: الانتقائية وعدم حيادية بعض المنظمات الدولية غير الحكومية في رصدها لأوضاع حقوق الإنسان للعمال والمرأة في دولة قطر لبواعث سياسية، وأهمية العمل على إزالة سوء الفهم والالتباس الحاصل فيما يتعلق بحقوق الإنسان، بوصفها ثقافة طارئة على الموروث الثقافي العربي والإسلامي، وذلك تحت وطأة الانتقائية والتسيس لخطاب حقوق الإنسان في العلاقات الدولية، إلى جانب نقص الموارد البشرية الوطنية المؤهلة في مجال حقوق الإنسان، والافتقار إلى آلية تنسيق وشراكة واضحة ما بين منظمات المجتمع المدني واللجنة.
إن المتتبع إلى نشأة وتطور اللجنة العمانية لحقوق الإنسان يلاحظ مدى التطور التشريعي في المرسوم السلطاني المنشأ لها، والذي منحها صلاحيات واسعة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سلطنة عمان الشقيقة، من خلال تأكيد إستقلالية اللجنة التامة في عملها وأصحبت تبعيتها ترتبط مباشرة بجلالة. السلطان المعظم في رفع تقاريرها السنوية، كما حجب حق التصويت عن ممثلي الوحدات الحكومية، على أن يتم انتخاب رئيس اللجنة ونائبه من بين ممثلي المجتمع المدني. عملت اللجنة منذ تأسيسها على توفير بيئة حقوقية متوازنة من خلال تلقي بلاغات الشكاوى بصورة مباشرة من قبل ذوي الشأن إلى اللجنة أو عبر قنوات الاتصال المتنوعة، وكذلك رصد ما ينشر عبر وسائل الإعلام التقليدية محلية أو خارجية، أو عبر تطبيقات شبكة المعلومات العالمية المعروفة ببرامج التواصل الاجتماعي، وجميع وقائع البلاغات والرصد تتم دراستها قانونيا ومعاينتها ميدانيا من قبل الدوائر المعنية في اللجنة، ورفع تقرير المعاينة مع التوصيات اللازمة للحل كما تقوم اللجنة بدور حيوي في مجال التوعية بمسائل حقوق الإنسان، والتثقيف بالقوانين الوطنية والدولية الكافلة لها بين جميع الشرائح البشرية المواطنة والمقيمة في السلطنة، إلى جانب تعزيز الشراكة مع جميع الآليات الوطنية والإقليمية والدولية العاملة في ميدان حقوق الإنسان من خلال مشاركة اللجنة في جميع المؤتمرات والندوات الدولية سواء كانت بالحضور الشخصي الأعضاء الوفود، أو بواسطة الاتصال المرئي والتقنيات الأخرى.
مملكه البحرين
المملكة. تتمتع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في مملكة البحرين باستقلالية قانونية ومالية وإدارية تامة في أداء ولايتها المنوطة بها في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وقد مكنتها تلك الاستقلالية في عملها وخلال عقد من الزمن من تقديم ما يزيد عن (150) رأي استشاري للسلطات الدستورية في مملكة البحرين، وما يقارب عدد (13) تقرير موازي تفاعلا مع الآليات الدولية الإقليمية التعاهدية وغير التعاهدية الحقوق الإنسان، بالإضافة إلى إصدارها تقارير سنوية دورية ومنتظمة بلغ عددها (10) تقارير تعكس أبرز قضايا حقوق الإنسان في المملكة والتحديات التي تواجهها، فضلا عن إصدارها تقارير خاصة لمراقبتها ورصدها للانتخابات النيابية والبلدية، إلا جانب تقاريرها الصادرة على إثر قيامها بالزيارات الميدانية المعلنة وغير المعلنة لأي مكان يشتبه أن يكون محلا لإنتهاك حقوق الإنسان كما ساهمت المؤسسة في حلحلة ورفع الانتهاكات الواقعة على الأفراد من مواطنيين ومقيمين في من خلال تلقيها الشكاوى والمساعدات القانونية المقدمة وإحالتها إلى الجهات ذات الاختصاص ومتابعتها بشكل فعال، بالإضافة إلى حضورها جلسات المحاكم لاسيما القضايا التي تأخذ طابع الرأي العام، فضلا عن قيامها بالزيارات الميدانية المعلنة أو غير المعلنة إلى أي مكان عام يشتبه في أن يكون محلا لانتهاك حقوق الإنسان، ومساهمتها الفاعلة في إيجاد آلية جديدة للتطبيق قانون العقوبات البديلة بالشراكة مع القطاع الخاص.. كما لعبت المؤسسة دورا بارزا في زيادة الوعي المجتمعي بثقافة حقوق الإنسان من خلال الفعاليات والأنشطة التدريبية المتعددة والمتنوعة لمختلف فئات وشرائح المجتمع بما في ذلك أعضاء السلطة التشريعة والقضائية وموظفي القطاع العام والأهلي ومنتسبي أجهزة إنفاذ القانون والجامعات والدور التعليمية ومؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن الجمهور كافة بما فيهم المواطنين والمقيمين، مع إنشائها مؤخرا لمنصب مفوض خاص معني بحقوق الطفل، بوصفه أحد الفئات الأولى بالرعاية والذي يستلزم ضمان حقوقه عبر مراعاة مصالحه الفضلى في جميع الأحوال. ويضاف إلى ما سبق، فإن المؤسسة تعمل جاهدة و بشكل مثمر مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختصة على النحو الذي يحقق تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المملكة، كما أنها تعمل وبشكل وطيد مع الشركاء أصحاب المصلحة من الاليات الوطنية المستقلة الأخرى، كوحدة التحقيق الخاصة والأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، مع تمتعها بعلاقات متوازنة وفاعلة مع مؤسسات المجتمع المدني، بوصفها مؤسسة تعبر عن صوت حقوق الإنسان لمن لا صوت له. وفي مقابل ذلك، يظل التحدي الأكبر لعمل المؤسسة مرتبط بعوامل وأسباب أخرى تتعلق بمدى ثقة المجتمع في المؤسسة كشريك أساسي في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، ومن جانب آخر، مدى تعاون
أصحاب المصلحة من جهات رسمية ومؤسسات مجتمع مدني وآليات وطنية أخرى مع المؤسسة. وعليه، تعمل المؤسسة جاهدة نحو بناء علاقات ثقة وطيدة ومتوازنة مع مؤسسات المجتمع المدني بوصفها شريك أساسي في عمل المؤسسة، ومحاولاتها إلى تعزيز وتنمية الثقافة الحقوقية لبعض من تلك المؤسسات لغرض الحد من حالة الخلط بين العمل الحقوقي المهني والعمل السياسي، والعمل بشكل جاد نحو تعزيز الثقة مع بعض من تلك المنظمات لاسيما الخارجية منها في التعامل والتعاون مع المؤسسة، بوصف أن المؤسسة، المنبر الحقوقي المستقل والمحايد و القوي، بما يحقق مزيدا من تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المنظومة الوطنية.
الكويت
: لعب الديوان الوطني لحقوق الإنسان في دولة الكويت الشقيقة من خلال قانون إنشاءه بوصفه الجهاز المستقل المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان دورا بارزا في الشأن الحقوقي، حيث قام الديوان بتقديم تقاريره السنوية للأعوام (2019-2021) إلى مجلسي الأمة والوزراء إنفاذ لحكم القانون، بالإضافة إلى تقديم تقرير الديوان الموازي إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل (UPR)، وتقرير آخر إلى لجنة حقوق الإنسان العربية بشأن الميثاق العربي لحقوق الإنسان. ويقوم الديوان بالرد على الأسئلة البرلمانية الواردة إليه بشكل كامل بما يتوائم مع القواعد الدستورية والنظم القانونية، إلى جانب سلطة تلقي | الشكاوي بشأن انتهاكات حقوق الانسان وتواصله الدائم مع الجهات الحكومية لبحثها وتسويتها وتقصي حقائقها. وفي إطار مد جسور التواصل مع ا أصحاب المصلحة، قام الديوان بإبرام عدد من مذكرات التفاهم في الجهات الوطنية والإقليمية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، مع عقده لاجتماعات تنسيقية مع المنظمات والهيئات ذات الاختصاص للتعريف بالديوان والتشاور في اطار موضوعات حقوق الانسان. وفي الجانب التدريبي والتوعوي، قام الديوان بعقد العديد من ورش العمل التي تجمع بين الجهات الحكومية وممثلي المجتمع المدني لتفعيل التشاور بينهم، أو المساهمة معهم للوصول إلى المعالجات المستهدفة فيما كان واقعا ضمن إطار موضوعات حقوق الانسان، إلى جانب تدريب كوادره الوطنية وموظفي الأجهزة الحكومية على آليات حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك لايزال يواجه الديوان عدة عراقيل تعيق مساعيه في سبيل تحقيق كافة الأهداف التي تم انشاؤه من أجلها، من أبرزها استقلاليته التامة في ممارسة الصلاحيات والاختصاصات بمنأى عن مجلس الوزراء، والامتثال التام لمبادئ باريس للحصول على الاعتراف الدولي والمحلي، بالإضافة إلى إيجاد مقر دائم للديوان والذي يكفل قيام الديوان بممارسة اختصاصاته المناطة له وفقا لقانون الإنشاء.
استقراء مما تمت الإشارة على نحو ملخص وموجز من بعض الإنجازات والتحديات التي تواجه المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية، فإنه يمكن القطع مجددا على نحو جازم بالدور الحيوي والمؤثر الذي تلعبه تلك المؤسسات في تطوير منظومة حقوق الإنسان داخل أقاليمها، وهو ما أهلها وبجدرارة إلى أن تحوّل من تلك التحديات والمعوقات التي تواجهها إلى صناعة فرص حقيقة نحو مزيد من التقدم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في منظوماتها الوطنية.