الكويت والصين.. رؤى استراتيجية واستشرافية ترسم أفقا أوسع للعلاقات الثنائية

الكويت والصين.. رؤى استراتيجية واستشرافية ترسم أفقا أوسع للعلاقات الثنائية
كونا

ما بين رؤية (كويت جديدة 2035) ومبادرة (الحزام والطريق) الصينية أفق واسع رسمته الرؤى الاستشرافية الاحترافية في البلدين الصديقين استنادا إلى دروس التاريخ والجغرافيا السياسية بكل ما يعنيه ذلك من تعاون في المجالات الحيوية اقتصاديا وتنمويا وفرص متعددة تمكنهما من مجابهة التحديات والتطورات في المنطقة والعالم.

وبالنظر إلى موقعها الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي وسياستها الرصينة والمتزنة القائمة على الثوابت والمرونة في آن معا ارتبطت الكويت بعلاقات تاريخية مع الصين حيث ساهم طريق الحرير القديم بشكل كبير وفعال في تعزيزها منذ سنوات طويلة عمقتها التجربة وصقلتها وفق أسس راسخة.

فالكويت تعد أول دولة خليجية عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين في 22 مارس عام 1971 علما أن العلاقات نشأت فعليا قبل إقامة العلاقات الرسمية حينما زار الشيخ الراحل جابر الأحمد الجابر الصباح الصين في العام 1965 قبل توليه مقاليد الحكم والتقى هناك كبار المسؤولين وأبرزهم رئيس جمهورية الصين آنذاك ليو شاوتشي.

كما تعتبر الكويت علاقتها مع الصين ذات أولوية في دبلوماسيتها مع شرق آسيا إذ أدت الزيارات المتبادلة لقادةالبلدين دورا كبيرا في تأسيس قاعدة راسخة للعلاقات بين الكويت والصين لتشهد تعاونا في مختلف المجالات أهمهاالتعاون الاقتصادي.

وتمضي العلاقات الكويتية - الصينية قدما بدعم من سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح والرئيس شيجينبينغ وتشهد تطورا مطردا ومستمرا وبناء على ذلك أيضا تأتي زيارة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح والوفد المرافق لسموه إلى الصين اليوم الأربعاء تلبية للدعوة الموجهة من الرئيس الصيني شي جين بينغ للقاء سموه معه ولحضور حفل افتتاح الدورة الـ 19 للألعاب الأولمبية الآسيوية التي ستعقد في مدينة هانغشو الصينية.

وقد كانت الكويت أول دولة عربية توقع مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق مع الصين عام 2014 حيث تقاطعت المبادرة مع خطة الكويت 2035 التنموية التي تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي.

وسجل البلدان الصديقان مواقف تضامن كان من أبرزها الدعم المتبادل خلال تفشي جائحة كورونا وتعزيز التبادلات التجارية والصناعية والثقافية إضافة إلى دور الاستثمارات المتبادلة بين البلدين كما لاننسى الموقف الصيني الداعم للكويت إبان الغزو العراقي عام 1990.

وبعد تحرير الكويت ساهم مهندسون صينيون في إطفاء آبار النفط التي أشعلتها القوات العراقية في حقل برقان كما نفذت شركة الهندسة البترولية الصينية مشروع ترميم مصفاة الأحمدي لتكرير النفط وهناك الكثير من المشروعات التي تنفذها شركات صينية في الكويت.

وتعتبر الكويت أكثر دولة عربية قدمت قروضا ميسرة إلى الصين منذ عام 1982 كما أن الكويت أول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني بنحو 10 مليارات دولار منذ عام 2005.

وشهدت العلاقات التجارية بين الدولتين تصاعدا مستمرا منذ عام 1985 حيث كانت أول اتفاقية ثنائية لتنمية وحمايةالاستثمارات بين البلدين وعقدت ندوة الاستثمار في جمهورية الصين الشعبية في الكويت عام 1986 وشهدت الاتفاق على مساهمة الكويت في 16 مشروعا بالصين ووصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين حينها إلى 140 مليون دولار.

وخلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقات الكويتية - الصينية تطورا متسارعا وحرصا مشتركا من البلدين على تحقيق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية التي تربط رؤية كويت 2035 بمبادرة الحزام والطريق الصينية عبر وضع منهج متكامل للتعاون الاقتصادي بينهما.

وتتوافق مبادرة الحزام والطريق مع رؤية كويت 2035 عبر سعيهما لإحياء طريق الحرير وإنشاء منطقة حيوية تجارية تخدم مختلف دول العالم وتساهم في ازدهار وإثراء الاقتصاد العالمي.

وتعتبر مشاركة الكويت في مشروع طريق الحرير انعكاسا لرؤيتها الاستراتيجية بتحولها الى مركز مالي وتجاري إقليمي وعالمي بهدف استعادة دورها الريادي في المجالين التجاري والاقتصادي في المنطقة.

كما تعد الكويت أول دولة خليجية تبادر بتوقيع مذكرة تفاهم مع الصين في مبادرة (الحزام والطريق) فمن شأن إحياء طريق الحرير تغيير شكل ونمط العلاقات الدولية عبر تكريس المنافع المشتركة بين الأمم وحل مشاكل الدول النامية وإرساء قواعد السلم والأمن الدوليين.

وأتى تفرد الصين بالمرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري لدولة الكويت في السنوات الأخيرة وثاني أكبر مشتر للنفط الكويتي ومشتقاته تأكيدا على العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين وأخذها لطابع تصاعدي مستمر بدعم من القيادتين الكويتية والصينية إذ بلغ حجم التبادل الاقتصادي والتجاري في عام 2022 نحو 48ر31 مليار دولار أمريكي بزيادة سنوية قدرها 3ر42 في المئة.

وتعد الكويت سابع أكبر مصدر لواردات النفط الخام إلى الصين فيما يبلغ عدد الشركات الصينية العاملة حاليا في الكويت نحو 60 شركة تساهم في أكثر من 80 مشروعا لتصبح قوة حيوية في بناء البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في الكويت.

وتعمل في دولة الكويت عشرات الشركات الصينية بقيمة تقدر بـ 20 مليار دولار كما تعد الكويت أول بلد عربي استثمر في الصندوق السيادي الصيني باستثمارات بلغت نحو 10 مليارات دولار منذ عام 2005 حتى الآن.

وفتحت زيارة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى بكين في يوليو 2018 الباب واسعا للانطلاق بالعلاقات الكويتية - الصينية إلى آفاق أرحب بما يجسد رغبة البلدين في تعزيز مستوى الشراكة الاستراتيجية بينهما.

ومثل اختيار الأمير الراحل ليحل ضيف شرف في افتتاح منتدى التعاون العربي - الصيني ليصبح أول رئيس عربي يشارك في إلقاء كلمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ إنشاء المنتدى انعكاسا لقوة ومتانة العلاقات الكويتية - الصينية.

ونتج عن تلك الزيارة توقيع سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم منها أربع ذات صبغة اقتصادية اضافة إلى بحث مشروع مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية باعتبارها مشروعات تنموية تحقق أهدافا عدة منها تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط وتحقيق ناتج قومي يصل إلى 23 مليار دولار.

وتضمنت الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة موضوعات التجارة الإلكترونية وتعزيز الشراكة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات وتشجيع الاستثمار المباشر وبحث فرص الأعمال المتاحة إضافة إلى إمكانية تطبيق استراتيجية المدن الذكية بالكويت.

وتتنوع القطاعات التي تربط بين الكويت والصين اقتصاديا وهي ثلاثة أولها القطاع النفطي في حين جاء قطاع الاتصالات بالمرتبة الثانية أما القطاع الثالث فهو البنى التحتية.

يذكر أن مبادرة (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في القرن ال21) التي أطلقتها الصين عام 2013 تعتبر فرصة تنموية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي في دول العالم لاسيما العربية.

وتتوافق هذه المبادرة مع رؤية الكويت بالتحول إلى مركز مالي وتجاري عالمي في عام 2035 ورؤية إنشاء مدينةالحرير التي أطلقت عام 2006 مما يجسد آفاقا جديدة وطموحا واسعا لإحياء طريق الحرير التاريخي.

الكويت والصين.. رؤى استراتيجية واستشرافية ترسم أفقا أوسع للعلاقات الثنائية

للمزيد: موقع خليجيون نيوز، للتواصل الاجتماعي تابعنا على خليجيون

أهم الأخبار