أردوغان يجدد تقريع نتنياهو.. هل تغسل تركيا صورتها؟
واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هجومه على رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلاً إنه سيُحاكم باعتباره مجرم حرب، وذلك العدوان المستمر على قطاع غزة.
جاءت أحدث تصريحات الرئيس التركي، اليوم الإثنين، أمام اجتماع لجنة لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، قال خلالها أردوغان إن غزة أرض فلسطينية وستظل ملكًا للفلسطينيين دومًا.
وتصاعد الخطاب التركي تجاه الاحتلال الإسرائيلي بعد انتقادات تلقتها أنقرة في بداية العدوان، باعتبارها لم تقدم موقفًا قويًا تجاه ما يحدث في فلسطين، ما دفع أردوغان لتصعيد لهجته تجاه نتنياهو.
في نهاية أكتوبر الماضي، زعمت تقارير بأن باخرة تحمل أطنانًا الخضروات التركية أبحرت باتجاه إسرائيل، وقتما كان قطاع غزة محاصرًا، لكن السلطات التركية نفت جملة وتفصيلاً إرسال سفينة مساعدات إلى حكومة الاحتلال.
المعلومات التي جاءت من الإعلام العبري كانت، بحسب منتقدين للموقف التركي، محرجة لأنقرة، حيث تحدثت تقارير إسرائيلية عن استقبال سفينة دعم تركية محملة بـ4500 طن من الخضراوات، لكن لم يجرى التثبت من حقيقة ذلك.
أردوغان: إسرائيل «دولة إرهابية» و«ترتكب جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي في غزة»
وفي مناسبات سابقة هاجم أردوغان إسرائيل واصفا إياها بأنها «دولة إرهابية» واتهمها خلال كلمته أمام البرلمان بـ«ارتكاب جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي في غزة»، في المقابل شدد على أن حركة المقاومة الفلسطينية حماس ليست منظمة إرهابية.
العلاقات التركية - الإسرائيلية
ويعتقد المتابعون للأحداث في المنطقة، أن العلاقات التركية الإسرائيلية ذات وجهين، أحدهما بنكهة صداقة والآخر بصبغة عدائية، ففي حين تتصدر التصريحات الهجومية من الجانب التركي تجاه الاحتلال تشير تقارير إلى أن ثمة تعاونًا وثيقًا يجرى وراء الكواليس.
يدفع المنتقدون لعلاقة تركيا وإسرائيل بتراكم المواقف التي جمعت الطرفين، ففي 20 من سبتمبر الماضي عندما اجتمع أردوغان مع نتنياهو في البيت التركي في نيويورك قال الأخير: «إن تشابه ربطتي عنقنا دليل على تحسن علاقاتنا الثنائية». وقتها قال نتنياهو لأردوغان: «تعجبني ربطة عنقك»، وأجاب أردوغان: «القميص وربطة العنق كلاهما متشابهان». وفي لقاءات أخرى ظهر الاثنين بشكل ودي أمام الكاميرات.
أردوغان يُغضب الإسرائيليين
لكن بعد أسابيع، ومع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استبدل أردوغان صورة الود إلى وجه شاحب، بالتزامن مع تصريحات متتابعة تصف حكومة الاحتلال بالمجرمة وتدافع عن حركات المقاومة الفلسطينية، ووصل سقف الهجوم القاسي إلى القول: «سنقول للعالم أجمع إن إسرائيل مجرمة حرب».
ارتفع حجم التجارة البينية ستة أضعاف من 1.41 مليار دولار عام 2002 إلى 8.91 مليار عام 2022
على خلفية ذلك، استدعت حكومة الاحتلال دبلوماسييها من أنقرة، بهدف «إعادة تقييم» العلاقة، وهو ما يركل العلاقات إلى زاوية التأزم، من دون معرفة ما إذا كان العبوس الذي يسيطر على الوجوه مؤقتًا أم يمكن أن يضر بالعلاقات الثنائية مستقبلا.
ورغم تباين المواقف والتلاسن السياسي، لكن العلاقات الاقتصادية غرّدت خارج السرب، حيث ارتفع حجم التجارة البينية ستة أضعاف خلال العشرين عامًا الماضية، من 1.41 مليار دولار عام 2002 إلى 8.91 مليار عام 2022، وهو ما يجعل إسرائيل من بين أهم شركاء تركيا التجاريين.
أزمة السفينة «مافي مرمرة»
وتظل العلاقات التركية الإسرائيلية مثار جدل بين الخبراء والمتخصصين، لصعوبة وضعها على أحد الطرفين المتناقضين، وبالتالي يحلو للبعض تصنيفها في المنتصف، ففي حين أن تركيا كانت أول دولة إسلامية تعترف بدولة إسرائيل، فإنها سجلت مواقف متعددة داعمة للقضية الفلسطينية، بحسب مدافعين عن موقفها.
ويدفع الطرف المصطف بجوار الموقف الإيجابي التركي، بأزمة السفينة التركية «مافي مرمرة»، في عام 2010، عندما حاولت أنقرة كسر الحصار عن قطاع غزة، قبل اعتقال البحرية الإسرائيلية طاقم السفينة ومقتل تسعة نشطاء أتراك على متنها، وعلى إثرها سحبت تركيا سفيرها من إسرائيل، واعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2013 وعرض على أنقرة 20 مليون دولار كتعويض.