«خليجيون» ترصد الموقف| عودة متوترة لـ«ملف التهجير» ومصر تحذر إسرائيل
بعد هدوء لأسابيع قليلة، عاد ملف التهجير مرة أخرى إلى صدارة الأحداث المرتبطة بالقضية الفلسطينية، بالتزامن مع معلومات تشير إلى أن ثمة نيّة إسرائيلية للمضي قدما في هذا الملف، وهو ما دفع القاهرة للتحذير بلهجات متعددة وصارمة صدرت عن أكثر من جهة مصرية بأن الأمر خطير ويهدد المنطقة.
نسب تقرير إخباري أميركي إلى مسؤولين مصريين - لم يسمهم- القول إنهم أبلغوا إسرائيل بأن سيناريو تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء «يمكن أن يخلق أزمة خطيرة في العلاقات بين مصر وإسرائيل»
وفي حين نقل موقع «إكسيوس» عن مسؤول أميركي لم -يسمه- القول إن «مصر تشاطر الولايات المتحدة المخاوف نفسها، فقد حذر المسؤولين المصريين مما وصف بـ«قطيعة» مع إسرائيل إذا حدث ذلك، فيما لم يصدر تعليق رسمي مصري على هذه الأنباء.
وعقب اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، عبرت مصر والأردن والسلطة الفلسطينية عن «القلق منذ الأيام الأولى للحرب من أن تقوم إسرائيل بدفع الفلسطينيين من غزة إلى مصر، وعدم السماح لهم بالعودة بعد الحرب».
مصر: تهجير الفلسطينيين إلى سيناء «خط الأحمر»
ويوم الخميس، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في منتدى أسبن الأمني في واشنطن «تهجير المدنيين الفلسطينيين من غزة إلى مصر أمر غير مناسب ويتعارض مع القانون الدولي»، مضيفا «هذا ليس هو السبيل للتعامل مع الصراع. لا ينبغي معاقبة المدنيين الفلسطينيين ولا ينبغي أن يغادروا أراضيهم».
ويتواجد شكري في واشنطن ضمن اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية في السعودية، للاجتماع مع وزير الخارجية الأميركي توني بلينكن لبحث الحرب في غزة.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، الخميس، إن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء «خط أحمر» بالنسبة لمصر، ولن تسمح به مهما كانت التداعيات.
وفي نوفمبر الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن التهجير القسري للفلسطينيين خط أحمر لا تقبله مصر ولن تسمح به، مضيفًا أن «الفلسطينيين إذا خرجوا من أراضيهم فلن يعودوا إليها مرة أخرى».
جمال بيومي: «مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء هو إعلان حرب»
من جهته قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريح إلى «خليجيون»، إن «مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء هو إعلان حرب، وهو ما سبق أن أعلنته مصر وكذلك الأردن منذ الأيام الأولى لاندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة»، موضحًا أن هذا الإجراء -لو تم- «انتهاك واضح للسيادة المصرية، وهو ما ترفضه القاهرة».
ولم يستبعد المسؤل المصري السابق هذا التحذير المصري، لكنه أشار إلى أن الألفاظ المستخدمة في هذا التقرير مثل القطيعة وغيرها لا تستخدمها القاهرة، للحفاظ على علاقتها بأطراف الأزمة»، منوهًا بأن هذه العلاقات «تيسر دور الوساطة المصري، وهو ما نتج عنه الهدنة الإنسانية في قطاع غزة والتي تنفس فيها الجميع الصعداء».
وبدأت إسرائيل عدوانًا على قطاع غزة، أسفر عن أكثر من 17487 شهيدًا نحو 70% منهم من النساء والأطفال دون 18 عاما، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وأجبرت الغارات الإسرائيلية نحو 1.9 مليون شخص على النزوح، أكثر من نصفهم يلجؤون الآن إلى مناطق في وسط غزة أو بالقرب من الحدود المصرية، بحسب وكالة رويترز.
لماذا ترفض مصر التهجير؟
وشرح وزير الخارجية المصري أسباب بلاده لرفض التهجير، بقوله إن ذلك يشكل «انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.. ويمثل تحركا لتصفية القضية الفلسطينية. وتصفية لتطلعات أكثر من 4 ملايين فلسطيني في إقامة دولتهم الخاصة».
وتعتقد مصر أن «جميع الإجراءات التي يجرى اتخاذها تؤدي إلى تنفيذ هذا التهجير»، بحسب سامح شكري الذي يشير إلى أن «النشاط العسكري» والظروف غير الإنسانية تشكل تهديدًا بمزيد من التهجير خارج غزة.
وتؤكد السلطات المصرية أن رفض التهجير لا يرتبط بالعبء الاقتصادي الذي تخشاه القاهرة، التي تستضيف نحو 9 ملايين لاجئ من السودان وليبيا وسوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول، ولكن جوهر الأمر يتعلق بالقضية الفلسطينية التي يراد تصفيتها.
خطة إسرائيلية للهجرة الطوعية
تجدد ملف الهجرة خلال اليومين الماضيين، جاء بعد تطورات ميدانية أعقبت تنفيذ هدنة إنسانية بواسطة مصرية قطرية، حاولت إزاءها القاهرة التوصل لحلول توافقية تجنبًا لإعادة الحديث عن عمليات نزوح جماعية للفلسطينيين، حيث نشرت وسائل إعلام عبرية الشهر الماضي تصريحات لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، يؤيد فيها خطة هجرة طوعية للاجئي غزة.
وقتها أعلنت مصر غضبها إزاء هذه الطموحات التي تعني - بحسب القاهرة - فتح جبهات صراع لا سقف لها، بدلاً من اللجوء للحلول السلمية وفرض فرص السلام، على أساس حل الدولتين.