«خليجيون»| «الابن الضال».. كيف سيواجه بايدن مشاكسة «نتنياهو»؟
بعد دعم عسكري وسياسي كبيرين، انقلب الخطاب الأميركي تجاه سلطات الاحتلال الإسرائيلي كليًا، إزاء العدوان على قطاع غزة ومستقبل القضية الفلسطينية عمومًا، وهو تحوّل ينذر بتغيير في المشهد خلال الأسابيع المقبلة، يمكن أن يشكّل فرصة لتعديل مسار الحرب في اتجاه الوقف الدائم لإطلاق النار.
ونقلت وسائل إعلام غربية، من بينها رويترز، أمس الثلاثاء مضمون محادثة حادة للغاية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أعقبها تصريحات لحاكم البيت الأبيض قرّع فيها حكومة الاحتلال التي اعتبرها متشددة إزاء مسألة حل الدولتين.
خلاف علني.. ونقاش حاد
الرئيس الأميركي ذهب بتصريحاته إلى مستوى أبعد عندما اعتبر أن «إسرائيل» بدأت تفقد الدعم بسبب قصفها «العشوائي» لغزة، في حين دعا نتنياهو لتغيير حكومته المتشددة. وألمح بايدن إلى محادثة خاصة قال فيها نتنياهو: «لقد قصفتم ألمانيا وألقيتم القنبلة الذرية ومات الكثير من المدنيين»، في حين رد بايدن بالقول: «نعم.. لكن لا ترتكبوا الأخطاء نفسها التي ارتكبناها في 11 سبتمبر. لم يكن هناك ما يدعونا لخوض حرب في أفغانستان».
مراقبون اعتبروا هذا المشهد بمثابة تحول نتيناهو إلى لعب دور «الابن الضال» عن الراعي والداعم الأكبر لدولة الاحتلال الإسرائيلي، متوقعين خضوع نتنياهو للضغط الأميركي بعد موجة معارضة إضافية سيواجهها في الداخل الإسرائيلي.
تقارير: «الإدارة الأميركية بصدد إعداد خطة استراتيجية تتعلق بقطاع غزة ما بعد الحرب الإسرائيلية»
واختلف الفريقان على خطة حل الدولتين، إذ قال بايدن الثلاثاء إن «الحكومة الإسرائيلية تعارض حل الدولتين مع الفلسطينيين. وكان نتنياهو قد جدد رفضه تأييد عودة السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس لحكم غزة، وقال في بيان الثلاء، إن غزة «لن تكون حماسستان ولا فتحستان». وفتح هي الحركة التي ينتمي إليها عباس.
وقالت تقارير إعلامية إن «الإدارة الأميركية بصدد إعداد خطة استراتيجية تتعلق بقطاع غزة ما بعد الحرب الإسرائيلية»، بحسب صحيفة «بوليتيكو».
نتنياهو تمرد على أميركا
من جانبه، اعتبر الدكتور مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تصريحات بايدن نتيجة طبيعة لـ«تمرد نيتناهو» على السياسة الأميركية وتحديها لعدم الخضوع لمطالب بايدن.
وتوقع السيد في اتصال هاتفي مع «خليجيون»، بحدوث تغير في الداخل الإسرائيلي واستغلال معارضي نتنياهو داخل حزب الليكود وخارجه حالة التوتر السياسي مع أميركا في الإطاحة بنتيناهو، مما سينتج عنه مقدمة للإفراج عن الأسرى ووقف الحرب بعد عدة هدن إنسانية، مشيرًا إلى أن الرأي العام الغربي يدعو إلى هدن إنسانية ووقف إطلاق النار.
دبلوماسي مصري سابق: «تحول جذري» في مواقف بايدن تجاه غزة استجابة لدعوات غربية بما فيها العاصمة واشنطن التي شهدت مظاهرات ضد الحرب
كذلك كان رأي السفير السيد شلبي مساعد وزير الخارجية المصري السابق، الذي أوضح أن هناك نوعا من «التحول الجذري» في مواقف بايدن تجاه غزة، استجابة لدعوات غربية بما فيها العاصمة الأميركية التي شهدت مظاهرات، دعا المشاركون فيها إلى وقف العدوان على غزة.
وأرجع شلبي في اتصال هاتفي مع «خليجيون» اضطراب العلاقة بين بايدن ونتيناهو، إلى تحرك بعض النواب الأميركيين الذين طالبوا وقف إطلاق، لافتا إلى أن الأحزاب الإسرائيلية تشكل ورقة ضغط إضافية.
تضامن غربي مع غزة
وبدأت قضية غزة تجذب تعاطف أنظار الرأي العام العالمي، لما تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي من استهداف منازل المدنيين وقصف مراكز الإيواء ومنع دخول المساعدات. ومن بين المواقف الغربية المعادية للعدوان الإسرائيلي على غزة، موقف أحد النواب البرلمانيين في بولندا الذي عكر صفو فعالية يهودية نظمت داخل البهو البولندي.
و انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر جريجورز براون، النائب من حزب الكونفدرالية البولندي، ممسكًا طفاية حريق قبل أن يسير عبر بهو البرلمان إلى حيث كانت الشموع، ما أدى إلى ظهور سحابة بيضاء وأجبر حراس الأمن على إخراج الناس من المنطقة. بعد ذلك صعد براون إلى المنصة في القاعة، حيث وصف عيد الحانوكا بأنه «شيطاني»، وقال إنه يستعيد «الحياة الطبيعية».
وكانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، لين هاستينجز، شددت على أن قطاع غزة يواجه «كارثة صحية عامة» بعد انهيار النظام الصحي. وقالت الأربعاء: «نعلم جميعاً أن نظام الرعاية الصحية ينهار أو انهار»، وفق «رويترز».
صعوبة الانتصار
وعلى صعيد الحرب الدائرة في غزة، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، أن قوات الاحتلال الاسرائيلي لن تتمكن من تحرير الرهائن أو الانتصار على حماس، لاسيما أنها تتكبد خسائر بشرية وعسكرية في أرض المعركة، الأمر الذي يشكل خطرا على الجيش الإسرائيلي.
وتوقع كامل أن تؤثر زيارة المستشار الأميركي للأمن القومي الذي سيصل الخميس تل أبيب، على هذا لملف، ربما ينتج عنها إعلان هدن مؤقتة يعقبها وقف إطلاق نار.
الدعوة إلى مسار بوش الأب
ودعا شلبي الرئيس الأميركي بـ«سلك نهج جورج بوش الأب» الذي قرر وقف المساعدات الأميركية بعد اكتشاف استغلالها في بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة.
وفي 1991 كانت المرة الأولى التي يتجرأ فيها رئيس أميركي على الربط بين المساعدات العسكرية أو الاقتصادية لإسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية، أو قطاع غزة، أو مرتفعات الجولان المحتلة.
وشدد شلبي على ضرورة وقف الدعم الأميركي لإسرائيل، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، مقابل ضمان إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من الطرفين ورفع الحصار عن غزة.
يشار إلى مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وافق في نوفمبر الماضي، على مشروع قانون لتقديم مساعدات بقيمة 14.3 مليار دولار لإسرائيل.