قوات الدعم السريع على أعتاب «ود مدني» بوسط السودان
اندلعت اشتباكات عنيفة فجر اليوم الجمعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في قرى شرق ولاية الجزيرة بوسط البلاد، فيما تحذر الأمم المتحدة من أن الأُسر في مناطق النزاع بالسودان قد تواجه ظروفا أشبه بالمجاعة بحلول الصيف المقبل، بينما يعيش البعض في العاصمة الخرطوم المنكوبة بالحرب على وجبة واحدة هزيلة يوميا.
وبدأت القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل بعد توتر على مدى أسابيع بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في الجيش، في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.
ونقلت وكالة أنباء العالم العربي (AWP) عن شهود عيان القول إن «معارك ضارية دارت بين الطرفين في قرية أم عليلة الواقعة على بعد 15 كيلومترا شمال شرقي مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة».
وتضم منطقة أم عليلة المستودعات الرئيسية التي تغذي ولاية الجزيرة بالوقود عبر خط الأنابيب. وقال الشهود إن الجيش أغلق جسر حنتوب الذي يربط قرى شرق مدينة ود مدني بقلب المدينة، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي. وأضافوا أن قوات الدعم السريع توغلت بقوة في تخوم مناطق مدينة تمبول وأرياف رفاعة بشرق ولاية الجزيرة، ووضعت ارتكازا في منطقة أبو حراز التي تقع على بعد حوالي 15 كيلومترا شرقي ود مدني.
وقال سكان في حي الدباغة بمدينة ود مدني إن الجيش طلب منهم إخلاء منازلهم، وأعرب البعض عن شعوره بخوف شديد بعد اقتراب قوات الدعم السريع من المدينة. وتؤوي مدينة ود مدني النسبة الأكبر من النازحين الذين فروا من الحرب في الخرطوم وكردفان ودارفور. وبدأ الكثير من السكان في مغادرة ود مدني فجرا مع سماع أصوات انفجارات قوية وتبادل إطلاق النار في تخوم المدينة من الناحية الشرقية.
وكانت قوات الدعم السريع قد تقدمت أمس الخميس إلى مدينة أبو قوتة بولاية الجزيرة، والقريبة من منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم.
تجدد القصف المدفعي في أم درمان
في أم درمان، تجدد القصف المدفعي المكثف اليوم الجمعة ولليوم الثاني على التوالي، وقال شهود إنه استهدف عددا من أحياء محلية كرري شمال مدينة أم درمان التي يسيطر عليها الجيش. كما دارت اشتباكات على الأرض بين الجيش والدعم السريع في محيط سلاح المهندسين جنوب مدينة أم درمان.
وقال عبد الله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أجدد ندائي لقائدي الجيش والدعم السريع بأن أوقفا الحرب والآن قبل أن تتمدد وتتوسع وتفقدا إمكانية إيقافها». وأضاف «يجب أن تتحليا بالمسؤولية الوطنية والتاريخية من عمر هذا الوطن»، والتي قال إنها تُحتم على قائدي الجيش والدعم السريع أن يلتقيا «وأن يتحليا بالشجاعة الكافية دون الانحياز للأنا أو انتماء لغير الوطن وسلامته وسلامة شعبه». وطالب حمدوك الطرفين بأن «يوقفا هذه الحرب السياسية المدمرة التي استمرت ثمانية أشهر دون هدف أو قضية واضحة، بل كانت نتيجتها كل ما خلّفته هي موت وخراب ودمار وتشريد نعيشه ونراه كل يوم».
وتسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على ولايات ومدن جديدة خصوصا بعد تعثر مفاوضات جدة بالمملكة العربية السعودية، بعد أن تمكنت من السيطرة على مساحات كبيرة من العاصمة الخرطوم.
وأجبرت قوات الدعم السريع قوات الجيش على التراجع في دارفور وكردفان، وبسطت منذ نهاية أكتوبر الماضي هيمنتها على مدن نيالا جنوب دارفور وزالنجي وسطها والجنينة في الغرب والضعين شرقا، بما في ذلك فرق ومقرات الجيش هناك.
ثلثا السودانيين يحتاجون المساعدة
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 30 مليون شخص، أي ما يقرب من ثلثي السكان، يحتاجون للمساعدة في السودان، وهو مثلي العدد قبل اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل.
من جهته، قال إيدي روي مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي في السودان «المزيد والمزيد من الناس يكابدون من أجل تناول وجبة أساسية يوميا، وإذا لم يتغير الحال فهناك خطر حقيقي للغاية أنهم لن يمكنهم حتى تناولها».
ووفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابع للأمم المتحدة، يحتاج نحو 18 مليون شخص بشكل عاجل إلى مساعدات إنسانية غذائية، وهو أعلى رقم مسجل لموسم الحصاد الأكثر وفرة في البلاد.ويتمركز أولئك في العاصمة الخرطوم، حيث يواجه أكثر من نصفهم انعداما حادا للأمن الغذائي، وفي المدن والبلدات المكتظة التي شهدت قتالا في إقليمي دارفور وكردفان.
وتعلن الحكومات حالة المجاعة عندما يكون 20% من الأُسر في منطقة جغرافية معينة في مرحلة كارثية.