طبول «حرب عالمية» ضد الحوثي في باب المندب
تباينت أراء محللين عسكريين وسياسيين بشأن سيناريوهات الحشد الدبلوماسي والسياسي الأميركي لتشكيل قوة جديدة متعدد الجنسيات لمنطقة البحر الأحمر ضد قوات «أنصار الله» التابعة لـ الحوثي في اليمن، وفرص اندلاع حرب عالمية ضد الجماعة (المتحالفة مع إيران) بعد تصاعد وتيرة عملياتهم ضد سفن متجهة إلى إسرائيل منذ أكتوبر الماضي، فيما يقول الحوثيون إنها «دعم» للفلسطينيين ضد العدوان على غزة.
ومع تزايد وتيرة هجمات قوات الحوثي، أعلن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينج، رغبة بلاده في تشكيل «أوسع تحالف بحري ممكن» لما عده «حماية السفن في البحر الأحمر».
وفرقة العمل الحالية في البحر الأحمر وخليج عدن، المعروفة باسم فرقة العمل المشتركة 153، هي تحالف يضم 39 دولة بقيادة نائب أميرال الأسطول الخامس الأميركي المتمركز في البحرين.
كيف يتشكل التحالف الدولي الجديد ضد الحوثي؟
ويتوقع اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، في تصريح إلى «خليجيون» أن «يشمل التحالف الجديد انضمام دولة متشاطئة أوغير متشاطئة على البحر الأحمر، وقد تقدم دول أخرى بعض التسهيلات لتلك القوى نظرا لانشغالها بأزمات أخرى قد لا تتمكن من المشاركة بقوة بحرية بشكل مباشرة».
في المقابل، يرصد الأكاديمي والباحث السياسي اليمني الدكتور فارس البيل «تباطؤا أميركيا في اتخاذ قرار تشكيل التحالف والتحرك نحو مضيق باب المندب، لإدراكها التام برغبة إيران بكسب شعبية عبر تنفيذ عمليات تستهدف السفن الإسرائيلية».
ولجأت بعض شركات الشحن تحويل مسار سفنها عن قناة السويس، ومنها شركة الشحن البحري الإسرائيلية «زيم» التي أعلنت الشهر الماضي أنها اضطرت إلى اتخاذ ذلك الإجراء بسبب الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر، حسب مجلة «هابوراء العبرية». فيما قررت شركة الشحن الألمانية هاباج لويد وقف جميع رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى 18 ديسمبر، وذلك بعد ساعات من الإبلاغ عن تعرض إحدى سفنها لهجوم بالقرب من اليمن.
لكن لطفي نعمان المحلل السياسي اليمني تساءل، في تصريح لـ«خليجيون»، عن رد فعل الدول العربية إزاء الترويج الأميركي لتشكيل قوة تحالف بحري ضد الحوثيين.
وفي وقت سابق الجمعة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليوم الجمعة إنه لا توجد حاجة لمزيد من التصعيد في المنطقة وإنه يأمل في إمكانية تجنبه، وذلك ردا على سؤال عن الهجمات التي تشنها قوات الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، فما من المقرر أن يزور المبعوث الأميركي في اليمن الأسبوع المقبل كلا من السعودية والإمارات وعمان والشركاء الدوليين لماوصفه دعم حل الصراع في اليمن.
هل تتوقف هجمات الحوثي؟
حتى وإن نجحت واشنطن في الحشد نحو تحالف بحري «متعدد الجنسيات» ضد الحوثيين، يبقي التساؤل قائما بشأن فرص نجاحه في وقف هجمات الحوثي.
وتوقع اللواء هشام الحلبي في تصريح إلى «خليجيون» أن «يؤتي تشكيل هذا التحالف أكله»، لافتا إلى أن «القوات المتحالفة ستعتمد على أنظمة دفاع جوي محمولة بحر على قطع بحرية و «فرقاطات» والتي ستتصدى للطائرات المسيرة، فضلا عن استهداف مواقع إطلاق الصواريخ الحوثية».
لكن، الباحث اليمني فارس البيل استبعد «اندلاع حرب بحرية في البحر الأحمر بين قوى التحالف والحوثيين، مبررا ذلك بضعف الإمكانيات الحوثية في مجابهة القوى الدولية كما إنها تستهدف كسب تعاطف شعبي»- على حد قوله-.
واعتبر البيل في تصريح إلى «خليجيون» إن «أميركا لا تنظر إلى الحوثي بأنه تهديد مباشرة لمصالحها، وتعاملت معه بانتهازية كورقة في إطار تعاطيها مع إيران في المنطقة، والدليل على ذلك هو رفض دعم الحكومة الشرعية اليمينة في محاولاتها السيطرة على ميناء الحديدة».
قد تصدق توقعات مصادر أميركية وإسرائيلية عن إعلان واشنطن اليوم الجمعة تشكيل قوة خاصة متعددة الجنسيات في باب المندب، خصوصا بعد أن شهد «ميناء إيلات الإسرائيلي يشهد، نتيجة هجمات جماعة الحوثي اليمنية توقفا شبه كامل لوصول السفن»، حسبما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي.
لكن نعمان يرى أن «التحالف سيواجه جماعة ليس لديها ما تخسره، بل على العكس ستحرز مكاسب معنوية من هذا التضخيم». ويستدرك بالقوزل إن «القوى الكبرى تود تعزيز مكانة القوى الصغرى.. بمبالغة الرد على تصرفاتها»، مشيرا إلى أن «الفضل سيرجع إلى لأميركا وليس (الموت) كما يقول شعار الجماعة».
وفي الأسبوع الماضي، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان للصحفيين إن واشنطن تجري محادثات مع دول أخرى بشأن قوة عمل بحرية «تضمن المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر»، لكن طهران حذرت يوم الخميس من أن مثل هذه القوة ستواجه «مشكلات استثنائية».