«خليجيون» خاص| مصر تعيد الروح لـ«مبادرة باتيلي» في ليبيا
أعادت القاهرة الحياة مجددًا إلى مبادرة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، التي كانت أقرب إلى الموت الإكلينيكي، في طريقها نحو تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات عامة تعذر انعقادها نهاية العام 2021، على وقع خلافات بشأن القوانين المنظمة.
وعلى مدار عامين تمسكت الأطراف الليبية بمواقف متباينة إزاء شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وسط تبادل الاتهامات بمحاولة كل فصيل إزاحة المنافس من الساحة، في المقابل تقود البلاد حكومتين متنافستين في شرق ليبيا وغربها، الأخيرة معترف بها من قبل الأمم المتحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض أية محاولات لاستبداله قبل الانتخابات عبر حكومة مصغره تشرف على الاستحقاق، وهو المطلب الرئيس الذي يتمسك به مجلس النواب الذي كلف الحكومة الأولى برئاسة أسامة حماد.
مبادرة باتيلي
وسط هذا التعقيد، اخترق باتيلي المشهد بمبادرة دعا خلالها الأطراف الرئيسية الخمسة لحوار تحضيري يسبق قمة خماسية لحل القضايا الخلافية بشأن الانتخابات، وهم: رئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة محمد تكالة، وقائد «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر، ورئيس «حكومة الوحدة الوطنية الموقتة» عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
بعدها صدرت ردود فعل محبطة لبعثة الأمم المتحدة، خاصة عندما رفض الجنرال خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح الجلوس في حوار مع الدبيبة، مستنكرين أيضا تجاهل حكومة حماد من الاجتماع، بينما كان صدر الإيجابي الوحيد من الدبيبة نفسه الذي قبِل الدعوة ووضع أمامها 4 شروط، على رأسها عدم مغادرة حكومته السلطة التنفيذية قبل إجراء الانتخابات، وبدلاً من ذلك اقترح وجود «هيئة عليا للإشراف على الانتخابات تشارك فيها جميع الأطراف الأمنية والعسكرية من كل المناطق في ليبيا»، للخروج من أزمة تأمين الانتخابات في ظل الانقسام الحاصل حاليًا.
أما رئيس المجلس الرئاسي، تعامل مع الدعوة باعتباره غير معني بالخلاف، متمسكًا بموقف «حيادي» على حد وصفه، وطرح دور إشرافي توفيقي للمجلس بين الأطراف السياسية، وهي استجابة تُوصف بالإيجابية.
في حين التزم المجلس الأعلى للدولة حتى الآن الصمت، مع التأكيد على رفضه إجراء أية تعديلات على القوانين الانتخابية الصادرة عن اجتماعات عقدت في مدينة بوزنيقة المغربية في يونيو الماضي، وهو ما يتعارض في الأساس مع فكرة مبادرة باتيلي.
أمام هذا التحجر في المواقف، استضافت العاصمة المصرية القاهرة أمس السبت اجتماعًا ثلاثيًا جمع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقائد «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بحضور رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
اجتماع القاهرة
وقال المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب، في بيان، إن المجتمعين رحبوا بالمشاركة في جولة الحوار الذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «دون إقصاء لأي طرف مع مراعاة تحفظات ومطالب المجتمعين والأخذ بها». كما أكد الحاضرون على أهمية الجهود التي تقودها بعثة الأمم المتحدة «وأهمية دعم الحل الليبي-الليبي المتوازن بما يُحقق تطلعات وآمال الشعب الليبي لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة»، بحسب البيان.
الأطراف الثلاثة التي حضرت الاجتماع تعهدت من القاهرة تسمية ممثليهم في الاجتماع التحضيري في غضون أسبوع
وعلمت «خليجيون» من مصادر مطلعة على اللقاء، أن الاجتماع جاء بدعوة مصرية ودعم دول غربية كبرى، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، رأت جميعها ضرورة فتح الطريق أمام المبعوث الأممي لاستكمال خطته التي طرحها لحل الأزمة.
وقالت المصادر إن الأطراف الثلاثة التي حضرت الاجتماع تعهدت من القاهرة تسمية ممثليهم في الاجتماع التحضيري في غضون أسبوع، حيث يخطط باتيلي لإطلاق حواره التحضيري في النصف الأول من شهر يناير المقبل.
يوسف الفارسي: فرص نجاح مبادرة باتيلي أصبحت قوية.. والتدخلات الدولية «أقوى» تأثيرًا على أطراف الصراع
الدكتور يوسف الفارسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يقول إن مشاركة عقيلة وحفتر في الحوار باتت مؤكدة، لأن عدم مشاركتهما تعني تجاوز باتيلي والبعثة الأممية التي تلقى الدعم من الدول الغربية.
يضيف الفارسي في تصريحات خاصة لـ«خليجيون» أن التدخلات الدولية «أقوى» على مستوى التأثير على أطراف الصراع، التي بدورها سمحت بتدخل باتيلي بعدما فشلوا في التوافق حول القوانين الانتخابية، والتخفيف من «الأخطار التي تأتي عن طريق الحوار الذي ربما لن يكون على هواهم».
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن فرص نجاح مبادرة باتيلي أصبحت قوية، مع انتظار موقف المجلس الأعلى للدولة، معتبرًا في الوقت نفسه أن عقيلة صالح أدرك حقيقة أن الحكومات تأتي عن طريق المجتمع الدولي، وبالتالي كانت زيارته مؤخرًا إلى تركيا لتأمين تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات.
اقرأ أيضا:
- «خليجيون» تكشف أحدث فصول الصراع على إدارة النفط والغاز في ليبيا
- ليبيا: عدوى «توترات» المعابر تصيب غدامس
- «خليجيون».. خاص| هل ينزع «النواب الليبي» ورقة التوت عن الدبيبة من أنقرة؟