هجمات الحوثي تربك الشحن العالمي.. هل يكون «رأس الرجاء الصالح» الحل؟
مع إعلان شركات شحن عملاقة يومي الجمعة والسبت تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر، وهو ممر تجاري رئيسي، بعد هجمات مسلحي الحوثي في اليمن، أصبح السؤال قائمًا حول جدوى التحول إلى طريق رأس الرجاء الصالح كمسار بديل للملاحة البحرية.
والبحر الأحمر هو «طريق البحر السريع» الذي يربط المتوسط بالمحيط الهندي، ويمر عبره حوالى 20 ألف سفينة سنويا. وفي الأسابيع الأخيرة، زاد مسلحو الحوثيي هجماتهم قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا.
إطالة مسار الرحلات
وقررت شركات «ميرسك» الدنماركية، و«هاباغ-لويد» الألمانية، و«سي أم آ سي جي أم» الفرنسية، و«إم إس سي» الإيطالية السويسرية، ألا تستخدم سفنها البحر الأحمر «حتى إشعار آخر» أو حتى غدٍ الاثنين على الأقل أو «حتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمنا»، حسب وكالة «فرانس برس».
وحسب مراقبين، سيؤدي هذا الالتفاف على أفريقيا إلى إطالة مسار الرحلات، فالرحلة بين روتردام وسنغافورة مثلا ستطول بنسبة 40% من حوالى 8400 ميل بحري (15550 كيلومترا) إلى 11720 ميلا (21700 كيلومتر)، وفق شركة «إس أند بي غلوبل» وقد سلكت العديد من السفن، لا سيما من شركتي «ميرسك» و«إم إس سي»، هذا الطريق بالفعل في الأيام الأخيرة، حسب ما أوضحت الشركة. وطلبت «إم إس سي» من زبائنها «إظهار التفهم في هذه الظروف الخطيرة».
هجمات الحوثي في البحر الأحمر
وحذر الحوثيون من أنهم سيستهدفون السفن المبحرة قبالة سواحل اليمن والتي لها صلات بإسرائيل، ردا على الحرب المستمرة بين الدولة العبرية وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة. وأسقطت سفن حربية أميركية وفرنسية عدة صواريخ وطائرات مسيّرة أثناء قيامها بدوريات في المنطقة.كما أعلن وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أمس السبت أن المدمرة البريطانية «إتش إم إس دايموند» أسقطت «ما يعتقد أنها مسيّرة هجومية كانت تستهدف الملاحة التجارية في البحر الأحمر» ليل الجمعة السبت.
وأعلن الحوثيون أول من أمس الجمعة أنه نفذوا «عملية عسكرية ضد سفينتي حاويات إم إس سي ألانيا وإم إس سي بالاتيوم» ووفق القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، تعرضت سفينة «إم إس سي ألانيا» للتهديد فقط ولم يتم استهدافها بأسلحة، بينما أصيبت «إم إس سي بالاتيوم 3» بصاروخ بالستي.
التحول نحو رأس الرجاء الصالح
وذكرت مجموعة «إم إس سي» في بيان السبت «إم إس سي بالاتيوم 3» فقط، مؤكدة عدم إصابة أي من أفراد طاقمها وأن السفينة نفسها تعرضت «لأضرار محدودة بسبب اندلاع حريق»، مضيفة: «بسبب هذا الحادث وحفاظا على حياة وسلامة بحارتنا، وحتى يصبح المرور عبر البحر الأحمر آمنا، لن تعبر سفن إم إس سي قناة السويس»، بوابة دخول وخروج السفن المارة عبر البحر الأحمر. وتابعت «سيتم إعادة توجيه بعض السفن لتمر عبر رأس الرجاء الصالح» في أقصى جنوب إفريقيا.
في اليوم نفسه، قررت شركة النقل البحري الفرنسية الرائدة «سي أم آ سي جي أم»، «الطلب من كل سفن حاويات (سي أم آ سي جي أم) في المنطقة التي يفترض أن تمر في البحر الأحمر التّوجه إلى مناطق آمنة»، أو عدم مغادرة المياه التي تعدّ آمنة «بأثر فوري وحتى إشعار آخر» وأضافت مبررة قرارها «الوضع مستمر في التدهور والمخاوف الأمنية تتزايد».
التجارة العالمية عادة عبر البحر الأحمر
وتوقع وكيل جهاز المخابرات المصري السابق، محمد رشاد، في تصريح سابق إلى «خليجيون» أن «تتحول القوات الحوثية إلى قراصنة بحار تستهدف كل سفينة تمر قبالة مضيق باب المندب»، مشددًا على حتمية التعاون الدولي لحماية البحر الأحمر من العمليات الحوثية. ويوضح أن «استهداف الحوثيين للسفن في البحر الأحمر لن يقتصر على على السفن الإسرئيلية أو المتجهة إلى الأراضي المحتلة فقط، لكنها ستمارس عمليات قرصنة لسرقة حمولات وبضائع السفن المارة».
وتدعو غرفة الشحن البحري الدولية أن «الدول المؤثرة في المنطقة» إلى العمل «في شكل عاجل لوضع حد لتصرفات الحوثيين الذين يهاجمون البحارة والسفن التجارية، ونزع فتيل ما يشكل الآن تهديدًا خطيرًا للغاية للتجارة الدولية»، ووفق الغرفة التي تتخذ مقرًا في لندن، يمر 12% من التجارة العالمية عادة عبر البحر الأحمر. وتؤكد أن تجنب البحر الأحمر ينطوي على تكاليف وتأخيرات إضافية تضر بالقطاع وتدفق التجارة.
وبحسب شركة «إس أند بي»، صار عدد متزايد من شركات النقل يطالب بتعويضات بسبب المخاطر الإضافية للمرور من البحر الأحمر.