«خليجيون» خاص| إحباط مصري يرافق مفاوضات غير معلنة حول سد النهضة
تشهد العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مفاوضات جديدة غدا الإثنين، محاطة بتكتم، بغرض التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشـأن ملء وتشغيل سد النهضة، بعد جولات سابقة لم تسفر عن نتائج ملموسة يمكن أن تدفع الملف إلى مغادرة نقطة التعقيد، ما شكّل إحباطًا واسعًا لدى الجانب المصري الذي يرى الممارسات الإثيوبية استهلاكية.
ونقلت شبكة «بي بي سي» البريطانية عن مصادر بوزارة الري المصرية قولها إن جولة المفاوضات الجديدة تستمر لمدة ثلاثة أيام، بمشاركة مسؤولين من مصر والسودان وإثيوبيا، في وقت تستعد فيه إثيوبيا للتخزين الخامس للمياه خلف بحيرة السد، بعدما أعلنت في سبتمبر الماضي انتهاءها من الملء الرابع.
وهذه الجولة هي الأحدث بعد اتفاق توصل إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيّ أحمد في يوليو الماضي، بشأن إجراء مفاوضات عاجلة للانتهاء من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر، وهي المُدة التي انتهت الشهر الماضي بالفعل دون إحراز أي تقدم.
إزاء ذلك، يثير مراقبون تخوفات من الخروج بنتائج سلبية خلال جولة الحالية، في ظل مماطلة الجانب الإثيوبي واستغلال عامل الزمن للانتهاء من الخطوات الفعلية في عملية الإنشاء والتشغيل، بينما تنشغل القاهرة حاليًا بالأزمة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على غزة.
الدسوقي: إثيوبيا ترفض تقديم تنازلات بشأن سد النهضة
الدكتور أبو بكر الدسوقي الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يتوقع تكرار ما آلت إليه الجولات التفاوضية السابقة، مرجعًا ذلك إلى رفض الجانب الإثيوبي تقديم تنازلات أو الاستجابة كإعلان منه «حسن نية» في ظل مطالب مصر بالالتزام باتفاقية المبادئ التي أبرمت في 2014.
وكان الهدف من إجراء مفاوضات هو الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة خلال 4 أشهر، في أعقاب لقاء مسؤولين من مصر وإثيوبيا في 13 يوليو الماضي، حسب بيان رسمي من وزارة الري المصرية.
مصر تشتكي إثيوبيا مجددا لمجلس الأمن
لكن بعد انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات في سبتمبر الماضي، أعلن آبي أحمد إتمام عملية ملء سد النهضة الرابعة، في إجراء رفضته مصر، واعتبرته «استمرارًا للنهج الإثيوبي الأحادي» المخالف للقانون الدولي.
وردًا على ذلك الإجراء، تقدمت القاهرة في السادس من أكتوبر الماضي، رسميًا بشكوى هي الرابعة من نوعها لمجلس الأمن الدولي، أعربت فيها عن رفضها «استمرار انتهاكات إثيوبيا المتكررة للقانون والاتفاقيات الدولية، بما فيها اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 المتعلق بسد النهضة».
تحصيل حاصل
ويصف الدسوقي في اتصال هاتفي مع «خليجيون»، الجولة المقبلة بأنها «تحصيل حاصل» لاسيما أن «إثيوبيا أتمت الملء الرابع لسد النهضة في سبتمبر، ضاربة بعرض الحائط المفاوضات مع مصر، والتي اتضح أنه مجرد تعطيل وقت ليس أكثر» على حد قوله.
ويشدد الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية على «صعوبة المرحلة الحالية من مفاوضات سد النهضة، لانشغال القاهرة بأزمة العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 52 يومًا».
شراقي: مفاوضات سد النهضة معلومة المصير
يوافقه الرأي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، الذي اعتبر أن «المفاوضات بين مصر وإثيوبيا معلومة المصير»، لافتًا إلى أن «السلطات المصرية ملتزمة بمعايير القانون الدولي في قضية التنازع على المياه مع إثيوبيا».
وفيما يخص تأثير الملء الرابع للسد على حصة المياه في مصر، يؤكد شراقي في اتصال هاتفي مع «خليجيون»، توفر المياه عبر الأمطار المتساقطة على بحيرة فيكتوريا السودانية والتي يصل 70% من مياهها إلى مصر، لافتًا إلى أن «منسوب البحيرة بلغ 1136.08 متر فوق سطح البحر في 20 نوفمبر الماضي بزيادة 15 سنتيمتر عن العام الماضي».
خرق للقانون الدولي
لكن وزير الري المصري الدكتور هاني سويلم اعتبر أن «التحركات الإثيوبية الأحادية فيما يخص سد النهضة الذي جرى البدء في إنشائه دون تشاور أو إجراء دراسات وافية عن سلامته أو آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، يمثل خرقاً للقانون الدولي ولا يتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر 2021.
وقال سويلم في كلمته خلال حضوره إحدى جلسات «المؤتمر العربي الخامس للمياه» بالسعودية مؤخرًا، إن «وجود تعاون مائي فعَّال عابر للحدود يعد بالنسبة لمصر أمرًا وجودياً، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن».
اقرأ أيضا
- «خليجيون» خاص| «سد النهضة» يوحد مرشحي رئاسة مصر.. ومراقبون: الحل العسكري «خطر»
- قبل «جولة أديس أبابا».. مسؤول إثيوبي يستبعد «توافق تام» مع مصر بشأن سد النهضة
- الرئيس المصري: لولا أحداث 2011 ما كان لـ "سد النهضة" أن يكون