خليجيون| ضرورة أم مغامرة.. هل يتحمل الجنيه المصري خطوة «تعويم جديد»؟
تتجه أنظار المواطنين والأوساط المالية نحو البنك المركزي المصري، قبل ساعات من انعقاد اجتماع لجنة السياسة النقدية لبحث مصير سعر الفائدة، فيما تتزايد وتيرة التوقعات بتحرير جديد سعر صرف الجنيه المصري، وفق تقارير محلية ودولية.
وما بين ضرورة التعويم ومخاطره، يستبعد مصرفيون في تصريحات لـ«خليجيون» اتخاذ قرار «إجباري» بتخفيض قيمة الجنيه قريبًا في ظل ارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية، ووجود فجوة تمويلية.
و منذ مارس 2022 خفض البنك المركزي قيمة العملة 3 مرات، مما ساعد في تأمين حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، ومع رفض مصر في النصف الثاني من العام الجاري استقر الجنيه في الأشهر الأخيرة، وسط تصريحات إيجابية من الجهات الدولية المانحة عقب الحرب على غزة.
وفي حين تسببت توقعات بخفض جديد في سعر الجنيه في زيادة سعره في السوق الموازية ونمو البورصة لمستويات قياسية، مع تحوط المواطنين من الخفض المنتظر للعملة المحلية، إلا أن الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاقتصاد اعتبر أنه من السابق لأوانه «الحديث عن قرار المركزي بالتعويم»، منبها إلى أن هذه «الخطوة ليست سهلة تخضع لحسابات دقيقة من الدوائر الحكومية، ومرتبطة بمؤشرات النقد الأجنبي في الأسواق».
أخطر أزمة عملة في مصر
وواجهت مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ شهر مارس من العام الماضي، نتيجة خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات نتيجة زيادة الأسعار عالميًا، وذلك في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة عالمي.
وفي السياق ذاته، يشير رئيس قطاع التسويات بالمصرف المتحد وليد عادل إلى أن قرار تحرير سعر الجنيه المصري ليس قرار «المركزي» بمفرده، لكنه يخضع لحسابات أخرى دقيقة وأبعاد اجتماعية والحالة المعيشية للمواطنين»، مذكرا بموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي رفض خطوة التعويم من قبل بسبب تبعاتها في ذلك الوقت وهو ليس بالبعيد.
ويتوقع هشام إبراهيم في تصريح لـ «خليجيون» تثبيت البنك المركزي المصري لسعر الفائدة على الجنيه في اجتماع الغد الخميس، لكنه يستدرك بالقول إن «فكرة التعويم متربطة بمجهودات أخرى لم يسمها، وأنه ليس شرطا أن يصدر قرار تحرير سعر الجنيه في اجتماع الخميس مرجحا صدوره في اجتماع طاريء أو استثنائي».
ونقلت تقارير عالمية آخرها لبنك «مورغان ستانلي»، توقعاتها بخفض سعر صرف العملة المصرية المحلية إلى مستوى 39 جنيهًا مقابل الدولار خلال الربع الأول من العام المقبل، وفي النصف الثاني من ذات العام سيتم اعتماد المرونة التدريجية في سعر الصرف بعد الحصول على تدفقات أجنبية من صندوق النقد الدولي وتمويلات إقليمية، وفق «سي إن إن عربية».
حسابات التعويم بين الواقع والمطلوب
ويحذر وليد عادل، في تصريح لـ «خليجيون» مما وصفه بـ«خطوة التعويم دون حسابات دقيقة»، منبها إلى ضرورة تضييق الفجوة السعرية بين السوقين الرسمي والموازي. وإذ ينتقد أستاذ التمويل وجود سعرين للدولار متفقا مع تقارير دولية حذرت من تعدد أسعار الصرف للعملة الأمريكية بالسوق المصري على ملفات الاستثمار والشفافية، قائلا إن وجود أكثر من سعرين للعملة «فكرة قاتلة»، نتيجتها معروفة وهي اختفاء الدولار.
وأثار رجل الأعمال والملياردير المصري نجيب ساويرس قضية «سعري الدولار»، على هامش مؤتمر اقتصادي، يوم الأربعاء محذرا من خطورتها على الاقتصاد والاستثمار، وفق وسائل إعلام مصرية.
متي ينجح قرار التعويم؟
ويرهن الدكتور هشام إبراهيم نجاح خطوة التعويم برفع سعر الفائدة واختفاء السوق الموازية للدولار، لافتا أن «توحيد سعر الدولار لن يتحقق إلا بالوصول لـ(نقطة تماس) تعيد النقد الأجنبي الهارب في السوق الموازية إلى السوق الرسمية في البنوك وإلا تصبح خطوة التعويم غير مجدية، متوقعا نجاح خطوة التعويم إذا تمت بنفس طريقة 2016، برفع سعر الفائدة وتوفر سيولة دولارية أدت لانهيار السوق الموازي.
وعن شرط التعويم للحصول على قرض صندوق النقد، يرى الخبير الاقتصادي أنها ماتزال عقبة أمام الاتفاق النهائي لصرف القرض أي كانت قيمته، موضحا أن الصندوق لا يشترط تعويما بقدر مايريد رؤية مرونة بين العرض والطلب في سعر العملة.
في المقابل يرى الخبير المصرفي أن تسريع الحكومة في برنامج الطروحات الدولية هو ملف موضع اهتمام من الصندوق قبل قرار المركزي بالتعويم، مذكرا أن الحكومة المصرية نجحت في إتمام صفقات مهمة في برنامج الطروحات تساعد حصيلتها في تمهيد الطريق للتعويم تجنبا لأي أثار سلبية.
واستطاع الصندوق السيادي المصري جمع 5 مليارات دولار عن طريق بيع حصص الحكومة في 13 شركة ضمن برنامج الطروحات الحكومية خلال الفترة من مارس 2022 إلى يوليو الماضي، في إطار تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وفقا لوثيقة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.