أمير «الحزم».. اعقلها وتوكل نحن معك
سيدي صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولتنا المفدى، حفظك الله ورعاك تحية طيبة وبعد..
بداية أتقدم لسموكم الكريم بخالص التعازي في أميرنا الراحل شقيقكم الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، طيب القلب كريم اليد، وأسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويرزقه فسيح جناته.
وثانيا، يطيب لي أن أتقدم لسموكم الكريم بأسمى آيات التبريكات والتهاني، لتوليكم سدة الحكم، داعيا المولى - عز وجل - أن يوفقك ويسدد خطاك، ويحفظك للكويت وشعبها، ونحن إذ نبايعك بكل الحب والأمل في غد مشرق لبلادنا الحبيبة.
سيدي الأمير، لقد تابعت كسائر الشعب خطابكم السامي، خطاب القسم الذي ألقيته سموكم في مجلس الأمة صباح الأمس.
اسمح لي سيدي أن أقول إن ذلك الخطاب المؤثر قد لامس شغاف القلب، فأثلج القلوب، لكنه أيضا أثار الكثير من الشجون
واسمح لي سيدي أن أقول إن ذلك الخطاب المؤثر قد لامس شغاف القلب، فأثلج القلوب، لكنه أيضا أثار الكثير من الشجون، فبحكمتكم وضعتم أيديكم على كثير من جراح هذا الوطن.
سيدي سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أنا رجل في السبعينات من عمري، وأشعر أن وطننا لم يعد يفسح صدره لمن هم في مثل عمري، رغم ما وهبنا الله من حكمة وبصيرة، بعدما خبرنا هذه الحياة وسيرنا فيها بكل جد واجتهاد، وكل ما أتمنى أن يكون هناك ما أسميه «العدالة الاستماعية»، بأن يستمع لنا ولكل صوت كويتي وطني مخلص بعيدا عن السن وغير ذلك من أمور.
وبالعودة لخطابكم الكريم، وخصوصا ما يتعلق بمجلس الأمة، أقول إنني قد عملت في الأمانة العامة لمجلس الأمة نحو 29 عاما، وقد شاهدت بأم عيني كيف يدار المجلس، فهناك مجموعات مختلفة في المجلس، كل منها لديها أولوياتها الخاصة: فمثلا توجد مجموعة تعطي الأولوية للقبيلة وأبناء القبيلة، حتى لو خالف ذلك القانون أو تجاوز العدالة الاجتماعية، وهناك كذلك مجموعة أخرى تعطي الأولوية لغرفة التجارة والشركات والتجار، ومجموعة ثالثة تعطي الأولوية للطائفة وخدمتها.
هذه المجموعات مجتمعة ومتفقة على تحقيق مصالحها الشخصية، فالبعض منها يسعى إلى تعويض ما صرفه في الحملات الانتخابية، والبعض الآخر يسعى إلى الحصول على امتيازات خاصة، والبعض الآخر يسعى إلى فرض سيطرته على المجتمع.
وهذا يتناقض مع ما يفترض أن يكون، بأن مجلس الأمة هو مجلس ديمقراطي ورقابي يخدم الشعب. ولكن الواقع يثبت أنه مجلس تبادل مصالح، ولا يهتم بمصالح الشعب.
يأتي هذا سيدي على حساب أبنائنا، الذين اجتهدوا وتعلموا ودرسوا، وكان الأمل يحدوهم بأن يلقوا خير الجزاء بالوظيفة المناسبة
ويأتي هذا سيدي على حساب أبنائنا، الذين اجتهدوا وتعلموا ودرسوا، وكان الأمل يحدوهم بأن يلقوا خير الجزاء بالوظيفة المناسبة، لكن الحقيقة أن من لا يملك منح من لا يستحق طيلة السنوات الماضية، وجاء ذلك بتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للأسف.
كذلك كان خطابكم الكريم سيدي، وافيا كافيا خصوصا حين تحدثت سموكم عن التركيبة السكانية الكويتية، التي طالتها يد العبث والفساد بتجنيس هؤلاء وإدخال هؤلاء دون وجه حق. سيدي إن هذا الأمر على وجه الخصوص يستدعي تدخلكم لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وحماية الكويت من الدخلاء، بل ومعاقبة معاونيهم، فلا نريد أن نستيقظ يوما لنجد أنفسنا غرباء في وطننا.
وأنا هنا لا أتحدث عن الوافدين للعمل وخلافه، فالكويت أمة عظيمة تحتضن الجميع، لكن لا يصح أن يحدث ذلك على حساب الوطن والمواطن.
لقد عاشت الكويت مؤخرا في فوضى سياسية واجتماعية وإعلامية وأخلاقية طويلة الأمد
سيدي الأمير، لقد عاشت الكويت مؤخرا في فوضى سياسية واجتماعية وإعلامية وأخلاقية طويلة الأمد، ومنها الفوضى الإعلامية، والتي تمثلت في الاتهامات والتخوينات والتكتلات وعدم احترام الآخر، وتجاوز الخطوط الحمراء.
لقد تمثلت الفوضى الإعلامية أيضا في ظهور قنوات فضائية تبث أخبارا مغلوطة ومثيرة للفتنة، مما أدى إلى إثارة الرأي العام وخلق حالة من الانقسام في المجتمع. كما تمثلت في ظهور مواقع إلكترونية تنشر أخبارا كاذبة وشائعات، مما أدى إلى تشويه سمعة بعض الشخصيات والجهات بغير حق.
كذلك تجسدت الفوضى الاجتماعية في ظهور بعض الظواهر السلبية، مثل انتشار المخدرات والدعارة، مما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية في المجتمع. كما تبلورت في ظهور بعض السلوكيات غير المقبولة، مثل العنف والاعتداء على الممتلكات العامة.
وعليه، فلقد تسببت الفوضى السياسية والاجتماعية والإعلامية والأخلاقية في الكويت في العديد من المشكلات، مثل الانقسام المجتمعي وتراجع القيم الأخلاقية وضعف المؤسسات.
سيدي الأمير، أقولها بكل صدق نحن جميعا أبناء هذا الوطن الذين تجاوزوا السبعين عاما، نشد من أزرك ونقف معك ونبايعك، انقاذا لهذا الوطن الغالي.
إن الفساد ينخر في البلد، وأخطر ما في الأمور أن تكون الجبهة الداخلية في أسوأ حال، مع الظروف الصعبة التي تحاط بها الكويت من كل جانب.
أود يا سيدي لو تختار من بين المخلصين من أبناء الوطن، لقيادة دفة البلاد، ووضع الحلول المناسبة للمشكلات التي تواجهها.
إن في هذا الوطن بطانة صالحة يا سيدي، تدين بالولاء للوطن ولسموكم. أبلغهم يا سيدي أن أبوابك مفتوحة، وأن ديوان سموكم مفتوح لمظالم المواطنين
إن في هذا الوطن بطانة صالحة يا سيدي، تدين بالولاء للوطن ولسموكم. أبلغهم يا سيدي أن أبوابك مفتوحة، وأن ديوان سموكم مفتوح لمظالم المواطنين. فكمْ من مواطن مكلوم مغلوب على أمره، وعزة نفسه لا تسمح له أن يقف على أبواب ديوانية يستجدي نائبا ليساعده.
نحن نحبك، فبادلنا نفس الحب. استمع إلى الرعيل الأول، واجعل لهم يوما في الشهر يخبرونك بنبض الشارع. نحن بحاجة يا سيدي إلى كويت جديدة. شبعنا من أن نستمع من أي ضيف أو صديق خارج الوطن: لماذا نحن متأخرون عن ركب جيراننا من الدول؟!
سيدي، نحن بحاجة إلى ثورة في كل مرافق الدولة، في التعليم والصحة والخارجية والاستثمار والبترول والداخلية والدفاع، وغيرها. نحتاج إلى حكومة تنتشلنا مما نحن فيه، إن هذا الشعب يحتاج إلى أن يحب وطنه وأن يكون الوطن أولا ثم أولا.
ختاما، سيدي الأمير صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أدعو الله أن يوفقك ويسدد خطاك، ولسوف نقف خلفك شيبا وشبانا، ولسوف نكون لك جنودا مخلصين.
اقرأ أيضا:
ماذا نريد من أحمد النواف والمجلس والمواطن؟