ليلة هروب «غولاني» من غزة
بموازاة استمرار القصف الإسرائيلي في اليوم السابع والسبعين من العدوان الإسرائيلي على غزة، انسحب مقاتلو لواء «غولاني» في جيش الاحتلال من قطاع غزة أمس الخميس، «بعد تكبدهم خسائر فادحة»، فيما اعترف جيش الاحتلال بارتفاع عدد ضباطه وجنوده القتلى منذ بداية الحرب إلى 469، بينهم 137 منذ بداية العملية البرية بغزة.
وفي حين تتواصل مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس في القاهرة، أرجأ مجلس الأمن الدولي مجدّداً حتى الجمعة التصويت على مشروع قرار يهدف لتحسين الوضع الإنساني في غزة، في نصّ أصبح بنسخته الأخيرة ضعيفاً جداً بعدما خلا من أيّ دعوة لوقف القتال فوراً لكنّ فرص إقراره ارتفعت بحصوله على تأييد واشنطن.
مقتل 15 جندي إسرائيلي في غزة
ومع تكبد الاحتلال الإسرائيلي خسائر في غزة، نقلت القناة الـ13 الإسرائيلية، أن جنود «جولاني» غادروا القطاع تحت ستار مزاعم «إعادة تنظيم صفوفهم»، وذلك بعد أن تكبد اللواء خسائر كبيرة. وأضافت أن قرار السحب جاء بعد أيام طويلة من القتال تكبدت فيها قوات اللواء المذكور خسائر كبيرة.
أتت هذه التطورات بعد أن اعترف الجيش الإسرائيلي في الرابع عشر من ديسمبر الجاري، بأن ضابطا يتولى قيادة كتيبة في لواء «غولاني»، أصيب خلال انفجار وقع في قطاع غزة.
وقال في بيان حينها إن قائد قاعدة التدريب في لواء «جولاني» المقدم شاعر بركاي، أصيب بجروح متوسطة في جنوب قطاع غزة، مضيفا أن بركاي أصيب خلال انفجار، أصيب فيه أيضا 5 جنود آخرين بجروح وصفت بالخطيرة.
ويعرف «غولاني» أيضا باللواء رقم 1 في إسرائيل لأنه أول لواء انضم إلى جيش الاحتلال، وهو لواء مشاة ضمن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أحد ألوية ما تسمى بـ«النخبة»، تم تأسيسه بتاريخ 22 فبراير 1948 عندما تم تقسيم لواء جفعاتي وهو أحد أهم واقوى ألوية النخبة في إسرائيل. يُنظر إلى جنود هذا اللواء على أنهم نخبة الجيش، لكون بعض وحداته وخاصةً «إيغوز» يخضون لتدريبات قاسية واختبارات صارمة، تتعلق بنصب الكمائن واستراتيجيات الاستطلاع والتمويه، ويتطلب الأمر قدرات بدنية وقتالية عالية.
عودة للوضع الميداني في القطاع المحاصر، واصلت القسام وسرايا القدس التصدي للجنود الإسرائيليين عبر استهداف آلياتهم وتحركاتهم وقنصهم. وأعلن الناطق باسم «كتائب القسّام» أبو عبيدة تنفيذ أكثر من 15 عملية قنص ناجحة استهدفت جنودًا إسرائيليين في قطاع غزة خلال الأسبوع الأخير. وأضاف أنّه منذ بداية العدوان البري على قطاع غزة في 27 أكتوبر الماضي، «استهدف مقاتلونا 720 آلية عسكرية إسرائيلية»، مؤكدًا تضرّرها بشكل «كلي أو جزئي». من جهتها، عرضت «سرايا القدس» مشاهد للمسيرة الإسرائيلية من طراز «Sky Racing» رقم 528، التي أسقطها مقاتلوها في سماء شمال قطاع غزة.
من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة اليوم الجمعة إن 20057 فلسطينيا استشهدوا، وإن 53320 آخرين أصيبوا جراء الضربات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر.
فرص هدنة غزة قائمة
على الصعيد السياسي، تدفع مصر بقوة من أجل إتمام صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين، وهو الأمر الذي دعاها إلى ترتيب زيارة قادة حركة حماس ومن بعدهم حركة الجهاد الإسلامي إلى القاهرة. في الوقت ذاته، تواصل قطر جهودا مماثلة تريد من خلالها حسم أمور الصفقة، التي يرى مراقبون أنها تبدو أكثر صعوبة من الصفقة السابقة. وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الأربعاء أنه لا يتوقع التوصل قريبا إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، فإن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي قال إن المحادثات غير المباشرة بين الجانبين جادة للغاية.
ونقلت وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع على المفاوضات القول إن «الفرصة القائمة للتوصل إلى اتفاق»، إلا أنه قال إن «ذلك سيحتاج بعض الوقت لإقناع الطرفين بتخفيف شروطهما التي يبدو سقفها مرتفعا على نحو يخلق هوة ما زالت كبيرة». وأضاف «هناك ثقل سياسي يدفع باتجاه ضرورة التوصل إلى اتفاق، ومن الممكن أن تتنازل حركة حماس في مرحلة ما عن شرط وقف إطلاق النار الدائم إذا حصلت على ثمن مناسب وضمان بتخفيف واضح لحدة العمليات العسكرية بعد انقضاء مدة هدنة قد تصل إلى أسبوعين».
وأكد المصدر أن الوسيطين المصري والقطري يعملان بشكل منسجم وليس بطريقة منفردة وأن كل طرف لديه أوراقه التي قد تُسرع التوصل إلى اتفاق.
ويرى المحلل السياسي الدكتور أحمد غضية أن فرصة التوصل إلى اتفاق جديد قائمة، لكنه أشار في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إلى أن كلا الطرفين عليهما ضغوط وأنهما بحاجة إلى اتفاق. وأضاف «حماس عليها ضغوط في ظل مقتل 20 ألف فلسطيني ونزوح معظم سكان القطاع، بالإضافة إلى ضغوط الوسطاء. وكذلك إسرائيل عليها ضغوط من الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى الضغط الداخلي من الجمهور الإسرائيلي الذي يطالب بإنجاز صفقة تبادل».
بموازاة ذلك، جاء تأجيل مجلس الأمن قراره الجديد بشأن هدنة إنسانية في غزة، بعد أن أعلنت الولايات المتّحدة أنّها مستعدّة لتأييد النسخة الأخيرة من مشروع القرار، والتي تدعو إلى اتّخاذ «إجراءات عاجلة» لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن من دون المطالبة بوقف فوري للأعمال العدائية بين إسرائيل وحركة حماس. وبحسب مصادر دبلوماسية، فمن المقرّر أن يتمّ التصويت على مشروع القرار الجمعة. لكنّ النصّ الجديد، وهو ثمرة مفاوضات شاقة جرت تحت التهديد الأميركي باستخدام حقّ النقض مجدّداً، لم يعد يشبه بتاتاً النسخة الأصلية التي طرحتها الإمارات العربية المتحدة على طاولة مجلس الأمن الأحد.
إجراءات عاجلة
ويدعو مشروع القرار بنسخته الجديدة التي صيغت أمس الخميس واطّلعت عليها وكالة فرانس برس، إلى «تّخاذ إجراءات عاجلة من شأنها أن تسمح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وكذلك تهيئة الظروف لوقف دائم للأعمال العدائية». وبذلك يكون مشروع القرار الجديد قد تخلّى عن الدعوة إلى «وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية»، وهي عبارة تضمّنها في نسخته الأصلية، وكذلك أيضاً عن الدعوة إلى «تعليق عاجل للأعمال العدائية»، وهي عبارة أضعف وردت في نسخة لاحقة لكن تمّ إسقاطها.
اقرأ المزيد
حرب غزة تفضح ممارسات «ميتا» القمعية.. «رايتس ووتش»: «تزيد الطين بلة»
«زي السكر».. ماذا فعل «خط مياه» الشرب المصرية في قطاع غزة؟
«ليس الآن».. بايدن يستبعد اتفاقا سريعا لـ «هدنة غزة الثانية»