«العمالة السائبة» قنبلة موقوتة في قطر وخبراء يحذرون من تمدد «الاقتصاد المظلم»
تسبب توقف أعمال عدد من الشركات في قطر، وتسريح عمالتها، في مشكلة كبيرة تواجه الدولة بأجهزتها المختلفة، إذ أن هؤلاء باتوا يبحثون عن مصدر للرزق.
ويرى خبراء في الاقتصاد ورجال أعمال أن هذا مسألة «العمالة السائبة» يترتب عليها أعباء اقتصادية وأمنية اجتماعية واسعة، فيما يرى خبراء القانون أن الأمر يحتاج إلى تشريع جديد.
يرى الخبير الاقتصادي، أحمد فايز عقل، إن العمالة الموجودة غالبا ما تكون شخصية وغير مطابقة لكثير من قوانين العمل واجراءات إدارة العمل في العالم، وهذا يجعل معظم هذه العمالة تعمل بكثير من الأحيان بشكل شخصي ومستتر، غير منظم وغير مسجل في الدولة، وفق «الشرق».
اقرأ أيضا:
المتقاعدون «ورقة» الحكومة القطرية لتوطين الوظائف بالقطاع الخاص
ويؤكد أن هذا الأمر يجعل إيرادات هذه العمالة لا تدخل ضمن الناتج المحلي ولا تدخل ضمن حساب الضرائب، إذ انها تتحرك خارج نطاق الدولة وخارج دورة الاقتصاد الرسمية.
وأوضح عقل أن هذه التصرفات قد تسهم في التستر على أنشطة وأعمال لأشخاص مخالفين لقوانين العمل المعتمدة في البلاد.
كما يمكن أن يسهم هذا النوع من التصرفات في غياب الرقابة العامة وخلق فرص عمل بطرق غير مشروعة، وما يترتب على ذلك من سلوك غير قانوني متعلق بطرق الدفع ونقل الاموال والخدمات، مما يؤثر على حركة السيولة في الدولة ونظام اقتصادها، وفق الخبير الاقتصادي.
وحذر عقل من أن تأثير العمالة السائبة قد يمتد ضرره ليصل إلى الشركات الكبرى التي تعمل بشكل قانوني، وتسدد جميع التزاماتها المالية من دفع ضرائب ورسوم تجديد للأوراق وغيرها مثل رسوم الضمان الصحي، مما يجعل لديها تكلفة ثابتة.
وفي حال قيام الاشخاص بالعمل دون وجود مكتب أو مقر إقامة، وفق عقل، فإنهم سيكونون قادرين على العمل بأسعار أقل من التي توفرها الشركات الأخرى مما يؤثر على الشركات ويأخذ اسعارها للانخفاض، ويؤدي الى الخسارة والضغط على هذه الشركات وبالتالي يضر بالعملية الاستثمارية بشكل عام.
وعلى المستوى الاجتماعي، أشار إلى وجود بعض الآثار الصعبة، فمن الممكن أن يكون هؤلاء الأشخاص المخالفون غير قادرين على استقدام عائلاتهم، أو القيام بجميع الأعمال بشكل واضح، مثل فتح حسابات بنكية وغيره مما يجعل هناك اقتصادا خفيا يتحرك في البلاد كلما سادت العمالة السائبة والعمالة غير المسجلة، والتي تنشط ضمن ما يعرف بالاقتصاد المظلم والخفي الذي يتم دون وجود أي رقابة رسمية.
وقال عقل إن هذا الأمر يفتح الباب لاحقا لعمليات غير مشروعة، ذلك ان نقل وتحركات هذا النوع من العمالة مع عدم وجود رقابة يفتح الباب دائما امام اي اخطاء مقابل اي اموال يتم دفعها.
الظاهرة ليست جديدة
أما رجل الأعمال، علي الخلف، فيرى أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل ظهرت بشكل مبكر ثم تفاقمت مع الوقت، مشيرا إلى وجود أفكار لدى بعض أصحاب الأعمال لكيفية السيطرة على ظاهرة العمالة السائبة، حيث تتم مشاركتها مع الجهات المعنية في الدولة.
ودعا الخلف الجهات المختصة إلى عقد ندوات ومؤتمرات وغرف اجتماعية يتم فيها النقاش حول الظواهر والسلوكيات التي تنتج عن هذه العمالة، مشيرا إلى أنها ظاهرة قديمة متجذرة ومسألتها مزمنة معقدة لن يتم القضاء عليها كليا أو جزئيا، خصوصا وأن قطر دولة مستوردة للعمالة.
وأوضح رجل الأعمال القطري أن هناك بعض الشركات من أصحاب النفوس الضعيفة وأطراف متعددة أخرى مستفيدة من وجود هذه العمالة ولها مصالح معها، إذ تتواجد في الأسواق المحلية والمناطق السكنية، وهناك من يقوم باستجلاب هذه العمالة ومن ثم تسريحها فتنتج عندئذ هذه الظاهرة، وفق «الشرق».
لا ضير من تواجد العمالة السائبة في الأحياء والأسواق
من جانبه، قال عبد الله الخاطر، رئيس المركز الاستراتيجي للدراسات، إنه لا ضير من تواجد العمالة السائبة في الأحياء والأسواق إن كانت على مستوى عال من المهارة والكفاءة وتلبي حاجة السوق والأفراد ذوي الدخل المحدود وفي الحالات الطارئة.
وأوضح أنه ليس هناك ضرر على المواطن او المقيم من هذه العمالة، لأنها ليست منافسة لهم ولن تحل محلهم، موضحا أنها تعمل ضمن ظروف معيشية محدودة وفئة معينة وتتيح لهم فرصة الحصول على أسعار جيدة وخدمات منوعة.
وعلى العكس من ذلك، يرى رجل الأعمال عبد الله النعيمي، أن العمالة السائبة خطر على العمالة النظامية لأنها أتت بطرق غير مشروعة، ويمارس البعض منهم مهنا قد لا يتقنونها، وخارج نطاق اختصاصاتهم، دون امتلاكهم خبرة كافية فيها، وتهدد هذه الظاهرة الاقتصاد الوطني، ولها كذلك أعباء أمنية، وتحديات اجتماعية وغيرها.
ارتفع إجمالي الزوار الوافدين خلال شهر أكتوبر الماضي بنسبة 16.9% عن سبتمبر السابق كما ارتفع سنوياً بنسبة 60.8% مقارنة بشهر أكتوبر 2022.#جهاز_التخطيط_والإحصاء pic.twitter.com/O0ydOTlFqJ
— المجلس الوطني للتخطيط - قطر (@psa_qatar) December 6, 2023
وقال النعيمي إن من مشكلات انتشار هذا النوع من العمالة ما تسببه من إزعاج، وازدحام، وسلوكيات غير لائقة ودخيلة على مجتمعنا، كما أن وجودها في الأحياء السكنية قد يثير بعض الإشكالات للعوائل، على عكس العمالة النظامية التي تخضع للوائح والأنظمة والقوانين، وتتبع مباشرة لشركات تتحمل مسؤوليتهم بالكامل، وملتزمة بالمتطلبات الأخلاقية، وبالتالي تكون تصرفاتهم إيجابية، وتمثل امتدادا لنمط حياة صحي للمجتمع.
نحتاج إلى تشريعات جديدة
فيما يرى المستشار القانوني، عبد الحميد مصطفى، أن تنامي ظاهرة واستغلال السجلات التجارية والمُتاجرة بها، أصبح من الأمور الظاهرة للعيان من خلال المتابعات القضائية من أوجه عديدة، إذ بات يتم إنشاء السجل التجاري بدون مقومات استثمارية حقيقية، لأغراض الحصول على مكاسب من أوجه متنوعة مثل استقدام عمالة بدون فُرص توظيف حقيقية أو الحصول على قروض بنكية بدون أصول استثمارية ضامنة، أو التداخل في مناقصات ومزايدات بدون غطاء نقدي وبدون مقومات ملموسة للحصول على مكاسب تعود على الشركاء بدون مقومات فعلية للاستثمار أو التنفيذ.
وأوضح المستشار القانوني أن بعض الأمثلة المتعلقة بالعقوبات الحالية التي قررها المشرع والتي منها ما يتصل بجرائم مثل العمل لدى غير جهة الكفالة، والعمل بدون ترخيص، وغيرها من الجرائم التي قرر المُشرع العقاب عليها بعقوبات أغلبها يتمثل في عقوبة الغرامة، ومنها ما قرره المشرع من عقوبات مزدوجة الهدف مثل العقوبة التي استحدثها المشرع والمقررة على تجريم عدم تحويل مرتبات العامل على إحدى المؤسسات المصرفية بالدولة خلال المواعيد القانونية، وفق «الشرق».
وأشار مصطفى إلى أن القوانين المُطبقة حالياً بشأن الأمرين المُشار إليهما لا تفي بالغرض من تحقيق مقومات الاستقرار المُجتمعي وحماية الاقتصاد الوطني، وأن الامر يحتاج إلى تدخُل تشريعي يأخُذ في الاعتبار ما ظهر من مُستجدات.
إجمالي السكان المتواجدون في قطر
أصدر جهاز التخطيط والإحصاء الأرقام الشهرية الأولية الخاصة بالسكان حسبما هو عليه في 30 نوفمبر 2023.
هذه البيانات تمثل عدد الأفراد من كافة الأعمار (قطريون - غير قطريين) داخل حدود دولة قطر يوم 30 نوفمبر 2023.
ولا تشمل: القطريون خارج حدود الدولة لحظة رصد البيان في 30 نوفمبر، والغير قطريين ومن لديهم إقامة وكانوا خارج حدود الدولة لحظة رصد البيان في نوفمبر.
فيما بلغ عدد السكان داخل دولة قطر في نهاية شهر نوفمبر نحو (3، 084، 907) نسمة.
مليونا عامل في الكويت
وكانت الإدارة المركزية للإحصاء في دولة الكويت، قد أعلنت، في يوليو، ارتفاع عدد العمالة في البلاد خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 9.98% على أساس سنوي.
وأشارت الإحصاءات الصادرة عن الإدارة إلى أن عدد العمالة في دولة الكويت بلغ في الربع الأول من عام 2023 نحو 2.07 مليون مقارنة بـ1.88 مليون عام في الربع المقارن من العام الماضي.
وشكلت نسبة العمالة الكويتية نحو 21.5% بإجمالي 444.82 ألف عامل وعاملة موزعين ما بين 187.45 ألف ذكر، و257.38 ألف أنثى، بينما مثلت العمالة الوافدة نحو 78.5% بإجمالي 1.63 مليون عامل وعاملة منهم 1.62 مليون ذكر، و451.49 ألف أنثي.
وتصدرت الهند قائمة أعلي 10 جنسيات في سوق العمل الكويتي بـ 510.38 ألف عاملة وعاملة، تلاها مصر بـ 485.58 ألف من العمالة، ثم الكويت بـ 444.82 ألف عاملة وعاملة، ثم بنجلادش ونيبال بـ165.52 ألف و69.09 ألف عاملة وعاملة على التوالي.
أما القطاع الخاص فقد بلغ إجمالي عدد العاملين نحو 1.6 مليون عامل وعاملة بينهم 71.72 ألف كويتي وكويتية، بينما العمالة الوافدة بلغت 1.53 مليون عاملة وعاملة من غير الكويتين.
وفي القطاع العائلي بلغ إجمالي عدد العمالة نحو 780.18 ألف عاملة وعاملة تصدرت عمالة الهند الترتيب بنسبة 44.5% وبنحو 347.29 ألف عامل وعاملة، ثم الفلبين بنسبة 26.4% وبنحو 206.17 ألف عامل وعاملة، تلاها سيريلانكا بما يشكل 12.4% وبـ96.97 ألف عامل وعاملة، وبنجلادش بنسبة 10.3% وبإجمالي 80.34 ألف عاملة وعاملة.