خليجيون| مقرات «متعددة الجنسيات» في السعودية.. تنافس إقليمي أم طموح استثماري؟
استبعد محللون أن يكون التنافس الإقليمي دافعا وراء إعلان حكومة المملكة العربية السعودية وقف التعاقد مع الشركات متعددة الجنسيات التي ليس لها مقار إقليمية في البلاد التساؤل حول هدف القرار، وإذا ما كان يتوقف عند جذب الاستثمارات، و رأوا في تصريحات إلى «خليجيون» منافع اقتصادية متنوعة تدعم هذا القرار.
واعتبارا من اليوم، بدأ العمل في السعودية بقرار إيقاف تعاقد الجهات الحكومية مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة ابتداء من العام 2024.
واستبعد الدكتور مصطفي بدرة الخبير الاقتصادي وجود ما يصفه مراقبون ب«صراعات» بين دول الخليج تقف وراء قرار الرياض، مفسرا إياه برغبة سعودية «حقيقية» لترسيخ قوتها الاقتصادية والحد من استفادة الشركات الأجنبية من السوق السعودي دون مردود على الاقتصاد الوطني.
جذب الاستثمارات وتشجيع الشركات
وتقول السلطات السعودية إن الهدف من القرار هو جذب وتشجيع الشركات الأجنبية على أن يكون لها تواجد دائم في البلاد من شأنه أن يساعد في توفير فرص عمل للسعوديين داخل أكبر اقتصاد في المنطقة وأكبر مصدر للنفط في العالم.. وهو مايتفق معه «بدرة»، متهما الشركات الأجنبية باستنزاف الاقتصاديات والفرص في السعودية دون أن يكون هناك مردود اقتصادي للدولة بينما تحقق الشركات مكاسب ضخمة.
ونجح «التلويح» السعودي المبكر بوقف التعاقدات في جذب عدد كبير من الشركات لافتتاح مقارات لها في المملكة وصلت وفق وزير الاستثمار إلى 180 شركة، مقارنةً بالعدد المستهدف البالغ 160 شركة.
انصياع الشركات العالمية وافتتاح مقار لها في السعودية يراها بدرة في تصريح إلى «خليجيون» تكريسا للنفوذ السعودي الاقتصادي وحق أصيل في إطار المنافسة الدولية والحروب التجارية، لافتا أن حرب جذب الشركات العالمة بدأها ترامب بتهديد الشركات الأمريكية بالانسحاب من السوق الصينية وردت بكين بالمثل.
أما الخبير الاقتصادي عمرو سليمان يزيد أن القرار السعودي خطوة واسعة في «توطين مقار الشركات العالمية، بما يجبرها على زيادة التعاملات والأنشطة في السوق السعودية.
المقر الإقليمي أولا
قرار المملكة العربية السعودية يعود لفبراير 2021، وأعلنت وقتها أنها ستتوقف، بحلول عام 2024، التعامل مع أي شركات دولية لا يقع مقرها الإقليمي داخل البلاد، لكن القرار يشمل التعاقدات الرسمية بعيدا عن أنشطة تلك الشركات مع القطاع الخاص.
كما استبعد سليمان في تصريح لـ «خليجيون» وجود تأثيرات سلبية للقرار السعودي قائلا «الاقتصاد السعودي قوي ومغري للشركات الدولية»، و توقع أن «تسير دول خليجية أخرى على خطى السعودية».
المقرات الإقليمية السعودية تعود لشركات متعددة الجنسيات أُنشئت وفقاً لأحكام القوانين السعودية، بهدف تقديم الدعم والإدارة والتوجيه الإستراتيجي لفروعها والشركات التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعتقد الخبير الاقتصادي مصطفي بدرة تأثيرات كبيرة للخطوة السعودية على دول الجوار وأن الشركات الأجنبية التي ستعمل وفق الشروط السعودية سوف تحاول الاستفادة من الأسواق المحيطة في الخليج لتعظيم مكاسبها.
بينما يرى «عمرو سليمان» أن تكريس وجود الشركات العالمية في منطقة الخليج عموما مركز قوة مضافة لكل اقتصاديات منطقة مليئة بالثروات يؤهلها في الوقت نفسه إلى المنافسة في المحيط الأسيوى بكامله.
واستقطبت السعودية في يوم واحد خلال مبادرة مستقبل الاستثمار بأكتوبر الماضي نحو 44 شركة عالمية لافتتاح مقراتها الإقليمية في العاصمة الرياض، ضمن رؤية المملكة 2030 للتحول إلى مركز عالمي للقطاع الخاص والشركات متعددة الجنسيات.
واعتبر وقتها وزير الاستثمار خالد الفالح لـموقع "أرقام"، أن نقل 44 شركة عالمية مقراتها الإقليمية إلى الرياض بداية، متوقعا أن يتضاعف هذا الرقم 10 أضعاف خلال السنوات القادمة وفقا للمستهدفات.
شهدت المملكة العربية السعودية نموًا اقتصاديًا في عام 2022 بنسبة كبيرة بلغت 8.7%.، وهي أعلى نسبة بين جميع الدول في مجموعة العشرين، وفق ولي العهد محمد بن سلمان في خطاب رسمي.