خليجيون| هل دخل القرن الأفريقي في حقبة «وعد بلفور» الجديد؟
حذر محللون عسكريون من خطورة الاتفاقية التي وقعتها أثيوبيا مع رئيس إقليم «أرض الصومال»، واعتبروها «وعد بلفور» جديد ستملك الأولى قاعدة عسكرية ومنفذ بحري مقابل الاعتراف باستقلال أرض الصومال، لافتين في تصريحات إلى «خليجيون» إلى أن عدم اعتراف المجتمع الدولي بـ«أرض الصومال» كدولة مستقلة فتح الباب لممارسات غير شرعية دوليا، من شأنها تهديد للأمن القومي للدول المجاورة.
ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي المصري اللواء حمدي بخيت، تأسيس القاعدة العسكرية الإثيوبي «تطورا بالغ الخطورة»، لافتا إلى أن «تلك القاعدة تشكل تهديدا للأمن القومي للدول المجاورة». ويشرح بخيت في تصريح إلى «خليجيون» بالقول إن «القواعد العسكرية تشكل خطر على كل ما حولها، ولا تبنى لهدف سلمي لاسيما في دولة غير شرعية ولا تعترف بها الأمم المتحدة».
وأعلنت الحكومة الإثيوبية، مساء أمس الإثنين أن رئيس الوزراء أبي أحمد وقع مع رئيس إقليم «أرض الصومال»، موسى بيهي عبدي مذكرة تفاهم تضمن بموجبها إثيوبيا أن يكون لها منفذ بحري عبر الإقليم الصومالي، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية الحكومية «إينا». وعلاوة على القاعدة العسكرية من المقرر أن تمكن الاتفاقية «أرض الصومال» أيضا الحصول على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة لكنه لم يفصح عن مزيد من التفاصيل، وفق المسؤول الإثيوبي.
ممارسات غير شرعية
وشبه بخيت الاتفاقية بين إثيوبيا وأرض الصومال باتفاقية وعد بلفور قائلا: «وعد من لايملك لمن لا يستحق، كما حدث في فلسطين إذ اتقفت انجلترا مع جماعات يهودية على تمليكهم أراض في فلسطين». وتابع: « كل ما ستمارسه إثيوبيا في أرض الصومال فسيكون عمل غير شرعي»، محذرا الدول المجاورة من التراخي في التدخل لمنع اتمام تنفيذ بنود ذلك الاتفاق، تحسبا لأي ممارسات غير قانونية متوقعة.
ويخشي مراقبون من تأثير القاعدة العسكرية والمنفذ البحري الإثيوبي المرتقب تدشينه في أرض الصومال على أمن مصر المائي، لكن الخبير المائي المصري الدكتور عباس شراقي خبير السدود وجود تأثير سلبي أو إيجابي على مصر خصوصا في ملف سد النهضة. ويقول شراقي في تصريح إلى «خليجيون»:« أثيوبيا كانت قبل تلك الاتفاقية دول حبيسة نتيجة لاستقلال إرتيريا عام 1993، وبالنسبة لها فتلك الإتفاقية ستكون بمثابة الفرص الذهبية».
وأكد شراقي أن القاعدة العسكرية لا علاقة لها بالأزمة المتعلقة بملف سد النهضة، قائلا:«ما يحدث من ذلك الاتفاق هدفه إعادة ترسيم حدود ويبقى السؤال ما مصلحة أرض الصومال مع أثيوبيا». واستبعد شراقي، حدوث تأثير للقاعدة العسكرية على سد النهضة، منوها:«سد النهضة يقع في غرب أثيوبيا والتي تبعد مسافة نحو 1000 كيلو عن أرض الصومال، لذلك فلا قيمة عسكرية في ذلك المنطقة»، لافتا إلى أن المصلحة الإثيوبية هي «زرع مكانة وسط القواعد العسكرية الأجنبية في القرن الأفريقي».
وتدير 16 دولة، بينها إسرائيل، 19 قاعدة عسكرية في منطقة القرن الأفريقي، وتنشئ الإمارات قاعدة جديدة في إقليم «أرض الصومال»، إضافة إلى 4 قواعد محتملة تنشئها تركيا وروسيا والسعودية، في تلك المنطقة، وفقمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري).
ردود فعل صومالية غاضبة
وأثارت الاتفاقية ردود فعل غاضبة في الصومال الرسمي، إذ أعلنت عقد اجتماع طارئ، اليوم الثلاثاء لبحث واتخاذ الإجراءات بشأن الاتفاق الأخير بين إثيوبيا وأرض الصومال (المناطق الشمالية للبلاد) وفق وكالة الأنباء الصومالية «صونا». فيما وصف الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف شيخ أحمد فقد وصف الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا بأنه «غير قانوني».
وقال شيخ شريف عبر إكس: «إن الاتفاق غير القانوني الذي تم التوصل إليه اليوم بين رئيس وزراء إثيوبيا ورئيس أرض الصومال، ينتهك سيادة بلادنا ويتعارض مع قواعد العالم».
ودعا الرئيس السابق «الحكومة الإثيوبية إلى الحفاظ على حسن الجوار والعلاقات الطيبة بين البلدين»، كما نصح حكومة الصومال الاتحادية بإصدار «قرار عاجل بهذا الشأن وتوضيح موقفها وما يجري من الاتفاق غير القانوني».
أما رئيس أرض الصومال فاعتبر أن اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة جاء «في الوقت المناسب من قبل أثيوبيا كأول دولة تقدم على الخطوة».
وفي 1991، أعلن إقليم «أرض الصومال» الاستقلال عن الصومال عام 1991 لكنها لم تحظ باعتراف دولي واسع النطاق لاستقلالها، وتواجه معارضة من بعض شيوخ العشائر في المناطق المتنازع عليها على امتداد حدودها مع منطقة بلاد بنط شبه المستقلة في الصومال.
اقرأ ايضا:
قاعدة عسكرية إثيوبية على باب المندب.. «نفوذ» مقابل «اعتراف»
منطقة أرض الصومال توافق على وقف إطلاق النار بعد خمسة أيام من القتال