كيف تجمع مصر 300 مليار دولار حتى 2030؟
أوصى محللون اقتصاديون باتخاذ عدة خطوات تمكن مصر من جمع 300 مليار دولار بنهاية 2030، بما يمثل 3 أضعاف المستويات الحالية، على رأسها جذب الاستثمارات الأجنبية ورفع سعر الفائدة وتنشيط السياحة وتشجيع العاملين بالخارج على تحويل دخراتهم المالية بالعملة الأجنبية.
وطرحت الحكومة المصرية، اليوم الأحد وثيقة رسمية، لتعزيز مواردها من النقد الأجنبي لتحقيق متحصلات تصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2030، تتضمن جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار، ومضاعفة معدل نمو الصادرات بنسبة لا تقل عن 20% سنوياً لتصل إلى 145 مليار دولار بحلول العام نفسه.
وذكرت الوثيقة التي أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري حول توجهات الاقتصاد المصري في الفترة الرئاسية الجديدة، أنه يستهدف أيضاً رفع معدل نمو عائدات السياحة بنسبة 20% سنوياً إلى 45 مليار دولار، فضلاً عن تعزيز معدل نمو إيرادات قناة السويس إلى نحو 10% سنوياً لتبلغ 26 مليار دولار في عام 2030.
مصر تعتزم إصدار سندات توريق مقابل جزء من عائداتها الدولارية
في الوقت نفسه، نقلت وكالة أنباء العالم العربي (AWP) عن مسؤول مصري لم تسمعه القول إن الحكومة المصرية تعتزم إصدار سندات توريق مقابل جزء من عائداتها الدولارية المستقبلية بهدف جمع ما يصل إلى 10.1 مليار دولار على عدة مراحل خلال السنة المالية 2024-2025.
لكن، وفي خضم الاقتراحات التي ترصدها الوثيقة، فإن أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة حسن الصاوي يرى مؤشرات سلبية في تراجع تحويلات المصريين بنسبة 30% جراء بعض الإجراءات الغير قانونية في بعض البنوك.
ويقول الصاوي في تصريح إلى «خليجيون»: «لابد أن تركز مصر على مصادر الدخل الرئيسية بعيدا عن قناة السويس، وعلى رأسها العمالة المصرية بالخارج من حيث فك قيود على تسليم العملة بفئتها الحقيقية بدلا من استبدالها بالعملة المحلية رغما عنه كما حدث في العديد من البنوك، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض عمليات التحويل».
تراجع تحويلات المصريين بالخارج
وكان أداء ميزان المدفوعات، قد أظهر خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2023-2024 تراجعا في تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 29.9% على أساس سنوي مقارنة بنفس الربع من العام المالي السابق، كذلك انخفضت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الربع الأول من العام المالي الجاري لتقتصر على نحو 4.5 مليار دولار مقارنة بنحو 6.4 مليار دولار مقارنة بنفس الربع من العام المالي السابق.
رفع سعر الفائدة
فيما دعا المحلل الاقتصادي خالد الشافعي، في تصريح إلى «خليجيون» إلى رفع سعر الفائدة حتى تصل العملة الأجنبية لسعرها الأصلي، لامتصاص السيولة والتخفيف من الصدمات التضخمية في الأسواق، لافتا إلى أن «التضخم سيرتفع مع شح الدولار كما أن المعدلات الحقيقية للتضخم سترتفع تلقائيا في الأسواق».
وقرر البنك المركزي المصري في ديسمبر الماضي الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 19.25%، 20.25% و19.75% على الترتيب. كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 19.75%.
ويضيف الشافعي أن «تثبيت سعر الفائدة من المقرر أن يترتب عليه هروب المستثمرين الأجانب من ضخ استثمارات جديدة بمصر، نظرا لسعر صرف الدولار المنخفض في البنك المركزي، والمرتفع خارجه وبالتحديد في السوق الموازية»، مؤكدا أن تحرير سعر الصرف سيسفر عنه استثمارات مقدرة بـ 100 مليار دولار خلال 3 أعوام نظرا لأن السوق المصري كبير وفقا للتعداد السكاني الذي يتسع تلك الاستثمارات.
أزمة دولار
وتعاني مصر من أزمة نقص الدولار، منذ أوائل 2023، بعد خروج نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من الأسواق المصرية، عقب قيام البنوك المركزية الكبرى وعلى رأسها الفيدرالي برفع معدلات الفائدة لمستويات مرتفعة بهدف كبح التضخم الذي أثارته حرب أوكرانيا. وكانت وكالة «فيتش الاقتصادية» قد خفضت تصنيف مصر الائتماني على خلفية زيادة المخاطر على التمويل الخارجي لمصر وارتفاع الديون لمستويات غير مسبوقة.
لكن في نوفمبر من العام الماضي، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط، تحديد مصادر توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية حتى نهاية 2023 المقدرة بـ 4 مليارات دولار، مع استهداف الاستمرار في تنويع الأسواق الدولية، خاصة بعد النجاح في العودة مجدداً للأسواق اليابانية، وتنفيذ الإصدار الدولي الثاني من سندات الساموراي بقيمة 75 مليار ين ياباني، وهو ما يعادل نحو نصف مليار دولار.
و شدد معيط على أن «بلاده ما زالت قادرة على توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية على نحو يعكس ما يتمتع به من مرونة كافية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المترتبة على التوترات الجيوسياسية»، بحسب بيان رسمي.
برنامج سياحي لتنشيط السياحة
ويشدد الشافعي في تصريح إلى «خليجيون» على «ضرورة طرح برنامج سياحي قومي، لمواكبة المشروعات الدولية لجذب السياحة»، قائلا: «تحتاج مصر إلى زيادة بنحو 20 مليارات دولار من قطاع السياحة لسد احتياجاتها، بالإضافة إلى توفير فرص عمل من هذا القطاع، لتخفيف الأعباء على السوق المصري الذي تتناسب رواتبه مع الارتفاع البالغ في الأسعار»، رافضا «الاعتماد الأساسي على قرض صندوق النقد»، وقال: «القروض مسكنات وليست علاجا».
والخميس الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أنه «من المنتظر أن يبدأ محادثات جديدة مع مصر خلال الأسابيع المقبلة ويتم التحضير للمراجعتين المتأخرتين، في خطوة تعني بتفاؤل صندوق النقد بالإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الدولة المصرية لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود».
اقرأ المزيد
البنك المركزي المصري يُطلق أذون خزانة بقيمة 1.6 مليار دولار
خبير اقتصادي لـ«خليجيون»: رفع سعر الفائدة بمصر يتوقف على ذلك الشرط