«خليجيون» تستكشف الملفات السرية في جولة بلينكن بالمنطقة
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن زيارته للمنطقة تهدف لـ«تجنب توسيع دائرة الصراع على خلفية الحرب في غزة»، وإعادة النازحين إلى ديارهم وحث الكيان المحتل على تجنب المدنيين، لكن خبراء ومراقبين يرون أن للزيارة أهدافًا أخرى خفيّة، اتساقًا مع الموقف الأميركي الرسمي الداعم للعدوان.
التقى بلينكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الإثنين عقب وصوله إلى المملكة في زيارة مقتضبة، قبيل توجهه إلى إسرائيل، في إطار جولته المكثفة في المنطقة سعيا إلى تجنّب تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، الأحد، على هامش زيارته لقطر، «أهمية بذل إسرائيل مزيدًا من الجهود لحماية المدنيين في غزة»، وقال إنه «يجب أن يتمكن النازحون الفلسطينيون في القطاع من العودة إلى ديارهم».
دعوة يراها الدكتور عمرو هشام ربيع نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، لا تعكس الموقف الرسمي الأميركي الداعم بشكل تام للعدوان والتصرفات الأميركية.
وحذّر بلينكن من الدوحة من خطورة انتشار الحرب وتهديد الأمن في أرجاء الشرق الأوسط. وقال: «إننا إزاء توتر عميق في المنطقة. هذا نزاع قد ينتشر بسهولة ما يزيد من انعدام الأمن والمعاناة»، وفق الوكالة الفرنسية.
نفاق واشطن السياسي
بينما يسوق المحلل السياسي في حديثه لـ«خليجيون» ما سماه «نفاق واشنطن» في الجولات السريعة لدبلوماسيها وتصريحاتهم، في ظل رغبة أميركية للتخلص من حماس وعدم التحدث معها على الرغم من كونها الطرف المحوري للحرب، قائلاً «إن بلينكن أتى للمنطقة بحثًا عن ملامح المرحلة النهائية في الصراع بوقت تزود فيه بلاده العدوان بأحدث الأسلحة وطائرات التجسس للبحث عن الأسرى الإسرائيليين».
وتوقع ربيع «فشل كل المراهنات الأميركية على حل الأزمة في غزة مع تجاهل حماس»، مضيفًا «كل هم الأمريكان الآن أن يعرفوا كيف تدار غزة بعد الحرب».
وزاد الدكتور أسامة شعث الخبير في الشأن الفسطيني، محذرًا من مخططات أميركية بشأن الوضع النهائي في القطاع الفلسطيني، وذكّر بحديث سابق لوزير الخارجية الأميركي في أنقرة وتأكيده أن تركيا لها دور أساسي في ترتيبات مع بعد الحرب، وهو ما فسره شعث بنافذة لدخول حلف الناتو عن طريق تركيا التي يمكن أن تستدعى للبقاء على الأرض بقواتها للفصل بين طرفي الصراع.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن سوف يستغل جولته في الشرق الأوسط للضغط على الدول الإسلامية المترددة في المنطقة حتى تستعد للاضطلاع بدور في إعادة الإعمار والحكم والأمن في غزة، بعد أن تحقق إسرائيل هدفها المتمثل في القضاء على حماس، إذا حققته.
أهداف الزيارة الخفية
لكن في المقابل، يرى المحلل الفلسطيني في اتصال مع «خليجيون» أن الهدف الخفي لجولة وزير الخارجية الأميركي هو جس النبض والاستماع لقادة ومسؤولي الشرق الأوسط عن أمرين أولهما مدى إمكانية تنفيذ التهجير الطوعي لــ الفلسطينيين من قطاع غزة، مشيرا إلى تقرير صادر عن مركز دراسات عبري ورددته وسائل إعلام عبريةذكر أنه حال فشل التهجير القسري فسيلجأ جيش الاحتلال إلى تكثيف القصف والحصار بالاتفاق مع دول أخرى وحلفاء الكيان لفتح أبواب العمل واستقبال من يرغب من أبناء الشعب الفلسطيني مقابل مغريات مادية كبيرة بعد تدمير كل سبل الحياة واستشهاد أسر بأكلمها وتخيير من تبقى من السكان بين الهجرة الطوعية أو الموت بردا ومرضا وجوعا وفقرا.
وفرضت تصورات «اليوم التالي» لانتهاء الحرب في غزة، بما يشمل إعادة إعمار القطاع وإدارته، نفسها على المحادثات التي عقدها بلينكن مع شركائه العرب الذين يؤكدون أن الأولوية هي لوقف دائم لإطلاق النار. وتلك رغبة لا يراها شعث «حقيقية لأنه لو كانت واشنطن تريد وقف الحرب لكانت أيدت المبادرة المصرية وقرارات وقف إطلاق النار بمجلس الأمن أو كانت قدمت مبادرة لإنهاء الحرب، ولو أردت تخفيف معاناة الفلسطينيين لتوقفت عن تصدير السلاح الذي يقتلهم».
سرقة ثروات غزة
لكن جل ما يخشاه الخبير الفلسطيني أسامة شعث أن تكون قوات الناتو في حال استدعائها للفصل في غزة مجرد وسيلة لسرقة ثروات غزة، خاصة فيما يتعلق بحقول الغاز قبالة سواحل قطاع غزة وتحديدا غاز «تمار» الموازي لسواحل غزة والحقل الثاني «مارين»، لافتا إلى أن الأخير يكفي لإثراء كافة الشعب الفلسطيني لـ50 سنة قادمة وحل كل أزمات الشعب الفلسطيني.
كما سلط شعث الضوء على هدف آخر لزيارة بلينكن للمنطقة وهو احتواء الغضب الرسمي والشعبي العربي المناهض والرافض للدعم الأميركي للمحتل، بجانب خشية الولايات المتحدة من فشل مشروع تحشيد الدول في البحر الأحمر لحماية مصالحها ومصالح دولة الكيان والخوف من تآكل نفوذ الولايات المتحدة دوليًا بسبب موقفها من الحرب ودعمها الإبادة الجماعية للفلسطنيين.
ثمة هدف أخير يكشف عنه المحلل الفلسطيني لزيارة بلينكن وهو محاولة ترميم سمعة بايدن مع بداية الصراع في الانتخابات الأميركية وانهيار شعبية الإدارة الحالية ومحاولة زائفة لإرضاء الداخل الأميركي.
وزار بلينكن في جولته الشرق الأوسطية كل من تركيا ثم اليونان والأردن وقطر والإمارات والسعودية، بجانب زيارات مرتقبة للكيان المحتل والسلطة الفلسطينية والقاهرة.
اقرأ أيضًا
الولايات المتحدة تعلن تُعلق تحليق المسيّرات فوق غزة احترامًا للهدنة
الولايات المتحدة تشكر مصر: السيسي يقود الوساطة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط