«خليجيون»| رسائل ماكرون وراء اختيار «يهودي - مثلي» رئيسًا للحكومة؟
بات اختيار غابرييل أتال وزرير التعليم الفرنسي، ليتولى منصب الحكومة الفرنسية محل تساؤلات لاسيما أن إيمانويل ماكرون حدد شخصًا يهوديًا ومثلي الجنس ليكون صاحب أهم ثاني منصب في فرنسا في ذلك التوقيت، فيما رأى مراقبون أن اختيار تلك الشخصية يحمل عدة رسائل.
«ماكرون الجديد»، أحد الأوصاف التي منحتها صحف وسياسيون في فرنسا لغابرييل أتال صاحب الـ(34 عاما) حتى قبل أن يعيّنه الرئيس إيمانويل ماكرون الثلاثاء رئيسًا للوزراء.
ونجح غابرييل في فرض نفسه كخليفة لإليزابيث بورن في رئاسة الحكومة، بسبب شعبيته الفرنسية باعتباره وزيرا للتربية والتعليم، كما أنه صاحب شعبية باعتباره مثلي الجنس، وبات أصغر رئيس وزراء لفرنسا وأول مسؤول بهذا المنصب يعلن عن مثليته الجنسية في ديسمبر 2018، لاسيما بعد توقيعه على عقد مدني مع النائب الأوروبي ستيفان سيجورني.
وتحتل فرنسا المرتبة السابعة على المستوى الأوروبي، كأثر الدول صداقة للمثليين، بعدما حظرت علاجات التحويل، واعتمدت قانونًا بشأن متابعة المتحولين جنسيًا بشكل طبي، وفق تقرير منظمة «ILGA» والذي صدر في 2022.
وكشفت إحصائيات فرنسية عن تسجيل أكثر من 40 ألف عقد زواج مثلي في فرنسا، منذ بدء تشريع الزواج بين أفراد الجنس الواحد في منتصف عام 2013، وحتى نهاية عام 2017، حسب حسب المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية.
ضمان مواقف مؤيدة لإسرائيل
ويقول وكيل وزارة الخارجية المصري السابق عبد الله الأشعل، في تصريحات لـ«خليجيون» أن اختيار ماكرون لغابرييل أتال، رئيسا لوزراء فرنسا لضمان اتخاذ نهج مؤيد للاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد انتهاج إليزابيث بورن رئيسة الوزراء السابقة مواقف معارضة للعدوان.
وفي نوفمبر الماضي، قالت إليزابيث بورن في كلمة لها أمام البرلمان الفرنسي «إنه في نفس الوقت الذي نقول فيه أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وحقها بالوجود في مواجهة مجموعة حماس، نقول، أيضا، إن دفاعها عن نفسها يجب أن يتم في إطار احترام القانون الإنساني الدولي، وأن مدنيي قطاع غزة لا يجب أن يكونوا ضحايا لهجوم حماس، لا يمكننا الخلط بين الشعب الفلسطيني وحماس».
ومنذ بدء العدوان على غزة أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه لجيش الاحتلال ضد غزة، ففي الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي، قال ماكرون عقب وصوله تل أبيب: «إن فرنسا ستدعم إسرائيل في حربها ضد حماس». وأضاف خلال لقائه نظيره الإسرائيلي، أن «ما حدث يوم السابع من أكتوبر الأول لإسرائيل، لن يُنسى أبدا».
وعن نوعه الجنسي يقول الأشعل: «ماكرون من أكبر مؤيدي المثلية الجنسية في أوروبا، وليس غريبا عليه أن يختار شخصًا يحمل تلك المواصفات ليتولى أهم منصب في فرنسا وأوروبا».
ويرى السفير المصري أن «ماكرون كان يخطط لذلك القرار منذ نجاحه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لذلك تشبث في تصعيد غابرييل في مناصب شعبية بالحكومة الفرنسية تمهيدا لمنحه رئاسة الوزراء».
نشأة غابرييل
وغابرييل نجل منتج سينمائي، وشغل منصب سياسي كنائب لمعقل اليمين في أودو سين، إحدى ضواحي باريس، ما فتح له باب للاقتراب من (الإليزيه)، إذ جرى تكيلف حقيبة سكرتير الدولة للشباب.
وكان أتال قد شغل منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة خلال أزمة كوفيد-19. وفرض نفسه واحدًا من أعضاء الحكومة القلائل الذين أصبحوا معروفين لدى الرأي العام.
وبعد إعادة انتخابه في 2022، عرض عليه إيمانويل ماكرون حقيبة الميزانية، إذ سمحت له سهولة تعامله مع وسائل الإعلام بأن يكون من الوزراء النادرين الذين أرسلوا إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن إصلاح أنظمة التقاعد الذي لا يحظى بشعبية.
وفي يوليو من نفس العام، قرر ماكرون منح غابرييل حقيبة وزارة التربية الوطنية، اعتبارا من يوليو 2023.
وفور توليه مسؤولية التعليم فرض آتال زي رسمي ومنع العباءة في المدرسة، ومن تلك اللحظة نال الوزير الشاب شعبية في وسائل الإعلام وأصبح حديث الشارع.
وجاء قرار اختياره رئيسا للحكومة، بين مرحب بالخطوة ومشكك في قدرته على تدبير شؤون المرحلة المقبلة التي تحمل في طياتها قضايا شائكة، وعلى رأسها التعليم، وقانون الهجرة، ومشروع إصلاح المساعدات الطبية الحكومية.
ومن بين التحديات التي تلوح في الأفق الانتخابات الأوروبية في يونيو المقبل، إذ على أتال أن يخوض معركة الحملة الانتخابية أمام مرشح أقصى اليمين جوردان بارديلا الذي يتصدر الاستطلاعات. ملف معقد آخر ينتظر أتال وهو قانون إتاحة الموت الرحيم للمرضى الذين لا أمل في شفائهم. أتال سيكون أيضا أمام اختبار كبير يتمثل في إشرافه على استضافة فرنسا للألعاب الأولمبية في 2024.
اقرأ المزيد
لقاء مصيري: ماذا سيبحث ماكرون مع وزراء الدول العربية والإسلامية حول الأزمة؟
ماكرون يدعو إلى هدنة إنسانية فورية واستقبال الأطفال الجرحى من غزة في فرنسا