«الازدهار» الأميركي يصب نيرانه على اليمن: قصف صنعاء والحديدة.. وتحرك عاجل من روسيا
على نحو مفاجئ، طالت تبعات الحرب في غزة فجر اليوم الجمعة اليمن، بعدما شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات على أهداف في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الحوثي في اليمن، بزعم استهدافهم على مدار أسابيع سفنا تجارية في البحر الأحمر تضامنا مع قطاع غزة الذي يشهد عدوانا إسرائيليا متواصلا منذ أكتوبر الماضي.
وحسب محللين، فإن النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة إلى الحلفاء الغربيّين في ما يعرف بـ«حارس الازهار» جاءت في وقت مبكر أمس الخميس، عندما قال الجيش الأميركي إنّ الحوثيّين أطلقوا صاروخا بالستيا مضادا للسفن على ممرّ شحن في خليج عدن.
وسُمع دوي ضربات متتالية وتحليق للطيران، تبعته أصوات سيارات إسعاف في صنعاء والحديدة، وفق وكالة فرانس برس. وأظهرت مقاطع مصوّرة تمّ تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انفجارات تضيء السماء وأصوات دويّ قوي وهدير طائرات. وكُتب على أحدها أنها ضربات تستهدف قاعدة الديلمي الجوية، فيما كان مصوّر المقطع يقول إنه يُظهر «الضربة الصاروخية التي شُنّت قبل قليل». ولم يتسنّ لفرانس برس التحقق من صحّة المشاهد بشكل فوري.
وخلال الأسابيع الماضية، شنّ الحوثيّون أكثر من 25 عمليّة استهداف لسفن تجاريّة يشتبهون في أنّها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنا مع الفلسطينيين. وكان آخرها استهداف الحوثيين «سفينة أميركية كانت تقدّم الدعم لإسرائيل»، مستخدمين أكثر من 20 طائرة مسيّرة وصاروخا فوق البحر الأحمر، أسقطتها القوات الأميركية والبريطانية، في ما وصفته لندن بأنه «أكبر هجوم» ينفّذه الحوثيون منذ بدء حرب غزة.
وقالت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين عبر موقعها الإلكتروني إن «عدوانا أميركيا بمشاركة بريطانية» يستهدف مواقع في العاصمة صنعاء ومدن أخرى. وأشارت القناة إلى أن الضربات طالت «قاعدة الديلمي الجوية» الواقعة في جوار مطار العاصمة صنعاء، و«محيط مطار الحديدة، مناطق في مديرية زبيد، معسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، مطار تعز، معسكر اللواء 22 بمديرية التعزية، والمطار في مديرية عبس».
بايدن: ضربات «ضروريّة» و«متناسبة» في اليمن
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وجّهتا «بنجاح» ضربات للمتمرّدين المدعومين من إيران، ردا على هجماتهم على سفن في البحر الأحمر، فيما أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت «ضروريّة» و«متناسبة». وقال بايدن في بيان «بتوجيه منّي، نفّذت القوّات العسكريّة الأميركيّة - بالتعاون مع المملكة المتحدة وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا - ضربات ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمهاالحوثيّون لتعريض حرّية الملاحة للخطر في أحد الممرّات المائيّة الأكثر حيويّة في العالم». ووصف الضربات بأنّها «ردّ مباشر» على ما مجموعه «27 هجوما» شنّها قوات الحوثي على سفن وشملت «استخدام صواريخ بالستيّة مضادّة للسفن للمرّة الأولى في التاريخ». وتابع بايدن «هذه الضربات المُحدّدة الأهداف هي رسالة واضحة مفادها أنّ الولايات المتحدة وشركاءنا لن يتسامحوا مع الهجمات».
في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبيّة والمملكة المتّحدة، أنّ «هدفنا يبقى متمثّلا في تهدئة التوتّر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر». وأوضح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتيّة لمسيّرات وصواريخ، مشيرا إلى أن الهدف يتمثل في «تعطيل وإضعاف قدرة الحوثيّين على تعريض البحّارة للخطر وتهديد التجارة الدوليّة».
وفي وقت لاحق أوستن توجيه ضربات «استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات المسيرة للحوثيين والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوية». وأضاف أن الضربات تبعث رسالة واضحة للحوثيين بأنهم سيتحملون المزيد من التبعات إذا لم يضعوا حدا لهجماتهم. وشدد أوستن على استعداد بلاده لاتخاذ مزيد من الإجراءات «إذا لزم الأمر».
من جهته، قال سوناك في بيان «رغم التحذيرات المتكرّرة للمجتمع الدولي، واصل الحوثيّون تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، مرّة أخرى هذا الأسبوع ضدّ سفن حربية بريطانيّة وأميركيّة»، مضيفا «هذا لا يمكن أن يستمرّ لذا اتّخذنا إجراءات محدودة وضروريّة ومتناسبة دفاعا عن النفس». أما وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارليس فقال إن بلاده قدمت دعما للأفراد العسكريين من الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الضربات التي شنها البلدان ضد أهداف عسكرية للحوثيين في اليمن
الحوثي يتوعد
وإثر الضربات، توعّد نائب وزير الخارجيّة في حكومة الحوثيّين حسين العزي بالردّ، قائلا «تعرّضت بلادنا لهجوم عدوانيّ واسع من سفن وغوّاصات وطائرات حربيّة أميركيّة وبريطانيّة يتعيّن على أميركا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن باهظا». وقبل ساعات من هذه الضربات، أكّد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أنّ أيّ هجوم أميركي «لن يكون أبدا من دون ردّ».لكن وكالة «رويترز» نقلت عن أحد المسؤولين الأميركيين للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف «بينما نتوقع تماما أن يؤدي هذا الإجراء إلى تقليص قدرة الحوثيين وإضعافها، وبالتأكيد مع مرور الوقت تقليل قدرتهم ورغبتهم في شن هذه الهجمات، فإننا لن نتفاجأ برؤية نوع من الرد».
ويأتي ذلك بعد أسبوع على تحذير وجّهته 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة للحوثيين من أنهم سيواجهون عواقب في حال مواصلة استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرّات المائيّة للتجارة العالميّة.
وشكلت واشنطن تحالفا دوليا في ديسمبر - أطلِق عليه اسم «عملية حارس الازدهار» - لحماية الملاحة البحريّة في المنطقة التي يتدفق من خلالها 12% من التجارة العالمية. ثم حذرت 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة الحوثيين في الثالث من يناير من «عواقب» ما لم يوقفوا فورا الهجمات على السفن التجارية. ودعا مجلس الأمن الدولي في قرار الأربعاء الماضي إلى وقف «فوري» لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مطالبا كذلك كلّ الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض عليهم.
وفي رد فعل دولي مضاد، أفادت وكالة تاس للأنباء اليوم الجمعة أن روسيا دعت مجلس الأمن الدولي للاجتماع اليوم لبحث الضربات الجوية التي شنتها أميركا وبريطانيا على اليمن في وقت متأخر من ليل الخميس. وذكرت بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة «طلبت روسيا من مجلس الأمن عقد اجتماع اليوم بشأن الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على اليمن».
كيف ردت السعودية وإيران
وفي أول ردّ فعل عربي على الضربات الغربية، أعربت السعودية عن «قلق بالغ»، داعية إلى «ضبط النفس» ومشددة في الوقت نفسه على «أهمية الاستقرار» في منطقة البحر الأحمر.
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني فال في بيان اليوم الجمعة إن إيران تندد بشدة بالهجوم الأميركي البريطاني على الحوثيين في اليمن. وأضاف «نعتبر هذا انتهاكا واضحا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه، وخرقا للقوانين والأنظمة والحقوق الدولية».
اقرأ المزيد:
سفن إسرائيلية تمر في «باب المندب» تحت حراسة أميركية.. «الحوثي» يرد
سلطنة عمان والولايات المتحدة تبحثان جهود التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية