حرب السودان المنسية: فوضى في «الجزيرة».. ومخاوف من كارثة إنسانية
دخل السودان «دائرة النسيان في خريطة الصراعات العالمية»، وفقما يؤكد مسؤول في منظمة الصحة العالمية، إذ أن تدهور الوضع الأمني في ولاية الجزيرة أجبر المنظمة على تعليق عملها، وحذر من أن الأوضاع الصحية في السودان تزداد سوءا في ظل الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
وكان قائد قوات الدعم السريع أصدر في التاسع عشر من ديسمبر، بياناً أعلن فيه السيطرة على ود مدني أكبر مدن ولاية الجزيرة السودانية. واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي بعد توتر على مدى أسابيع بسبب خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في الجيش، في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع فيه اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.
ونقلت وكالة أنباء العالم العربي عن المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، أحمد المنظري القول «مع بداية القتال بين الدعم السريع والجيش قبل تسعة أشهر، خاصة في الخرطوم وبعض مناطق دارفور، استخدمت منظمة الصحة العالمية ولاية الجزيرة، وتحديدا مدينة ود مدني، كمركز لوجيستي، تبعتها في ذلك منظمات أممية أخرى». وأردف أن «ولاية الجزيرة كانت ملجأ لما يقارب من 500 ألف مواطن، 46% منهم من النازحين من مناطق أخرى، وتعتبر ولاية الجزيرة السلة الغذائية لكل السودان».
لكن بعد الخامس عشر من ديسمبر وسيطرة الدعم السريع على عدة مناطق بولاية الجزيرة قال المنظري اليوم الجمعة إن الأمن غاب عن الولاية وانتشرت الفوضى مما هدد المؤسسات الصحية والعاملين بالرعاية الصحية والمنظمات الدولية. وتابع قائلا «بعد هجوم قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، وتمكنها من السيطرة على عدد من المناطق، نزح عدد كبير من المواطنين، وللأسف بعد اشتداد الصراع أصبحت منطقة خطرة». وأشار إلى أن «جميع عمليات المنظمات الأممية أوقفت منذ 15 ديسمبر، ولم يدخل أو يخرج أحد من الفرق المعنية أو المتخصصة من المنظمات الأممية».
مباحثات حميدتي مع غوتيريس
سياسيا، جاءت مباحثات قائد الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو «حميدتي» والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريس خلال اتصال هاتفي الخميس حول الأوضاع في السودان والآثار الناجمة عن الحرب وسبل تخفيف المعاناة الإنسانية عن المدنيين.
وقال حميدتي على منصة اكس انه قدم شرحا لغوتيريس حول الأوضاع الراهنة في البلاد والانتهاكات الخطيرة التي تمارسها من اسماها «مليشيا البرهان الانقلابية» بحق المدنيين الأبرياء من قصف للطيران والقتل والاعتقال على أسس عرقية إلى جانب منع المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين والتضييق على العاملين في الحقل الإنساني. وأضاف «طرحت على السيد غوتيريش رؤيتنا لإنهاء الحرب وبدء التفاوض لحل الأزمة من جذورها بما يقود إلى إعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة تحقق الأمن والاستقرار والسلام الشامل والدائم».
ونقل حميدتي لغوتيريس ترحيبه بتعيين رمضان العمامرة مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في السودان مؤكدا الالتزام بالتعاون معه ومع جميع منظمات الأمم بما يساهم في معالجة الأوضاع الإنسانية التي يواجهها المدنيون في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. واظهر حميدتي امتنانه للجهود المبذولة من الأمم المتحدة مبديا الأمل في مزيد من الدعم والمساندة بما يخفف حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها السودانيون بسبب الأزمة التي تحيق بالبلاد.