«الأزمات الدولية» تعلق على موقف الرياض من قصف اليمن
يرى محللون أن السعودية تواجه «وضعا صعبا» بعد الضربات الأميركية والبريطانية الليلية على اليمن بينما تسعى المملكة إلى وقف التصعيد في الدولة المجاورة التي مزقتها الحرب حتى تتمكن من التركيز على الإصلاحات الداخلية، حسب تحليل لوكالة «رويترز».
وتشير كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جاكوبس إلى أن السعودية وجدت نفسها «في وضع صعب». وتقول إن السعوديين «يوازنون بين التراجع القياسي في نظرة الرأي العام للولايات المتحدة وإسرائيل وبين مخاوفهم الأمنية بشأن البحر الأحمر ورغبتهم في ردع هجمات الحوثيين».
وقبل أن يتوضح حجم الضربات الأميركية والبريطانية فجر الجمعة، نشرت وزارة الخارجية السعودية بيانا أعربت فيه عن «القلق البالغ» داعية إلى «ضبط النفس وتجنب التصعيد».
وجاءت الضربات ردا على أسابيع من الهجمات على سفن في البحر الأحمر شنّها الحوثيون الذين يقولون إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين في غزة. وسبق أن قادت السعودية تحالفا مناهضا للحوثيين منذ 2015، وشنت آلاف الضربات الجوية على الحوثيين على مر السنين، لكنها تسعى الآن إلى وقف إطلاق النار والانسحاب عسكريا من أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.
يقول المحلل السعودي المقرب من الحكومة علي الشهابي إن الرياض لم تنخرط في «عملية حارس الازدهار»، وهو قرار أثبتته غارات الجمعة. ويضيف الشهابي «أعتقد أنه لم يكن أمام السعودية اي خيار سوى البقاء خارج العملية نظرا لمحادثات السلام في اليمن، رغم أن السعودية تشعر بالقلق بشأن الملاحة أيضا، لذلك من الصعب المشاركة فيها»، وفق وكالة رويترز
إحباط سعودي من حرب غزة
أدت عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر والرد العدواني الإسرائيلي المدمر إلى ما وصفته وكالة رويترز بـûإحباط آمال السعودية في تحقيق سلام مستدام في المنطقة، يعتبره المسؤولون حاسما لأجندة رؤية 2030 الشاملة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي». ويعد ساحل البحر الأحمر محورا أساسيا للرؤية، حيث يتطلع المطورون إلى إنشاء عدد كبير من المنتجعات التي يمكن أن تساعد في تحويل المملكة التي كانت منغلقة في السابق إلى منطقة سياحية نشطة.
يجعل ذلك إنهاء العمليات العسكرية في اليمن هدفا مركزيا للسياسة الخارجية للرياض، وهو هدف يأمل المسؤولون أن يكون أكثر جدوى في أعقاب اتفاق التقارب المفاجئ الذي توسطت فيه الصين بين السعودية وإيران والذي أُعلن عنه في مارس.
الشهر الماضي، أشار المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانز غروندبرغ إلى إحراز تقدم نحو خريطة طريق من شأنها أن تحل القضايا العالقة مثل دفع رواتب موظفي القطاع العام واستئناف صادرات النفط. وسيكون الإنجاز الأكثر أهمية هو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، بناء على الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ لأول مرة في أبريل 2022 وصمدت إلى حد كبير رغم انتهاء مفاعيلها رسميا بعد ستة أشهر على إبرامها. لكن موجة الهجمات الحوثية - التي بلغ مجموعها 27 هجوما وفق البيت الأبيض - على سفن تمر عبر مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أدت إلى تعقيد هذه العملية.
وأعلنت واشنطن، الشريك الأمني الأكثر أهمية للسعودية، الشهر الماضي عن مبادرة للأمن البحري أسمتها «عملية حارس الازدهار»، لتأمين البحر الأحمر وقالت إنها تجمع 20 دولة. تستضيف المملكة حوالى 2700 عسكري أميركي منذ عام 2022، وفق البيت الأبيض، ما يسلط الضوء على خطر ضربات انتقامية على الأراضي السعودية، وإن كان ذلك مستبعدا حاليا.
معايير أميركا المزدوجة
وتشير «رويترز» إلى أن قادة السعودية يولون اهتماما بالغا للرأي العام، الأمر الذي قد يؤثر بشكل أكبر على تحركات الرياض مع تطور العدوان على غزة والأزمة في البحر الأحمر. وأظهر استطلاع نادر نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الشهر الماضي أن 96% من السعوديين يعتقدون أن الدول العربية يجب أن تقطع جميع اتصالاتها مع إسرائيل «احتجاجا على عملياتها العسكرية في غزة».
ونظرا لدعم واشنطن الثابت لإسرائيل، فمن الصعب تصور أن تكون السعودية راغبة في المشاركة بعمليات عسكرية أميركية في الأشهر المقبلة. كما لم تنس الرياض كيف عارضت الولايات المتحدة ملاحقة الحوثيين في السنوات الأخيرة عندما هاجموا سفنا سعودية.
تقول الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سينزيا بيانكو «إنهم يرون الآن أن الولايات المتحدة تمضي قدما في (الضربات) في لحظة غير مناسبة إطلاقا على صعيد الاستقرار الإقليمي». وتتابع بيانكو «إنهم يستطيعون بوضوح أن يروا المعايير المزدوجة عندما تكون إسرائيل في خطر، وعندما يكونون هم معرضين للخطر - كيف تتصرف الولايات المتحدة بشكل مختلف جذريا».
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان الجمعة «لن أتردد في إصدار توجيهات بمزيد من الإجراءات المباشرة لحماية شعبنا و(ضمان) حرية الحركة للتجارة الدولية عند الحاجة» - ما يثير شبح المزيد من الضربات، وربما المزيد من المخاطر على السعودية. ويؤكد الشهابي أن ذلك «مدعاة للقلق بالتأكيد».
اقرأ أيضا:
مواقف دول «التعاون» من ضرب اليمن: دولة خليجية «تؤيد».. والكويت طالبت بـ«خفض التصعيد»