«رادرات الحوثي» في مرمى نيران أميركا.. ولا مؤشرات على تدخل إيراني
مع تصاعد المخاوف من توسّع رقعة النزاع في قطاع غزة، استهدفت ضربات أميركية جديدة فجر اليوم السبت قاعدة لقوات الحوثي في صنعاء، غداة ضربات شنّتها واشنطن ولندن على مواقع عسكرية للحوثيين، وفيما اكتفت طهران بالتنديد بالقصف وسط انعدام أي مؤشرات على التدخل، أكد البيت الأبيض أن واشنطن «لا تسعى إلى نزاع مع إيران» التي تقود «محور المقاومة» ويُعتبر الحوثيون جزءًا منه إلى جانب حزب الله اللبناني وفصائل عراقية وحركتَي حماس والجهاد الفلسطينيتين.
وتأتي هذه الضربات لليلة الثانية على التوالي في أعقاب أسابيع استهدف خلالها الحوثيّون سفنًا تجاريّة يشتبهون في أنّها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا مع إسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
ضربات أميركية يعلى مواقع ردار في اليمن
ونفذت القوات الأميركية ما قالت إنها «ضربة ضد موقع رادار في اليمن» نحو الساعة 3، 45 صباحا بالتوقيت المحلي السبت، وفقما ذكرت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان، فيما نقلت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين عن مراسلها في صنعاء قوله إن «العدو الأميركي البريطاني يستهدف العاصمة صنعاء بعدد من الغارات». لكن لم يصدر أي تعليق من لندن بعد.ونقلت وكالة رويترز عن شهود في اليمن وقوع انفجارات عند قواعد عسكرية قرب المطارات في العاصمة صنعاء وتعز ثالث أكبر مدن البلاد /وقاعدة بحرية في الحديدة الميناء الرئيسي على البحر الأحمر ومواقع عسكرية في محافظة حجة الساحلية، ولاحقًا أوضحت «المسيرة» أن الضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة.
الحوثي: «ضرباتكم لليمن إرهاب.. الولايات المتحدة هي الشيطان»
وسبق أن استهدفت «73 غارة» مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء أمس الجمعة، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، فيما أكدت قوات الحوثي سقوط خمسة قتلى في صفوف عناصرهم. إلا أنّ الجيش الأميركي تحدث عن استهداف 30 موقعًا عسكريًا في 150 ضربة. وردًا على ضربات الجمعة، توعّد الحوثيون بالردّ مؤكدين أن المصالح الأميركية والبريطانية باتت «أهدافًا مشروعة». وقال محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، إن «ضرباتكم لليمن إرهاب.. الولايات المتحدة هي الشيطان». وليل الجمعة السبت، أكد جنرال أميركي أن الحوثيين أطلقوا صاروخًا بالستيًا مضادًا للسفن في ما اعتبره «ردا انتقاميا»، لكنّه لم يُصب أي سفينة. كما تظاهر مئات آلاف اليمنيين الجمعة في العاصمة صنعاء تنديدًا بالضربات وتضامنًا مع الفلسطينيين، تحت مظلة الأعلام اليمنية والفلسطينية.
التحالف الأميركي لضرب اليمن
ونشرت الولايات المتحدة وبعض حلفائها قوة عمل بحرية في المنطقة في ديسمبر، وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدا متزايدا. وأغرقت طائرات هليكوبتر أمريكية ثلاثة زوارق للحوثيين ليلة رأس السنة، مما أسفر عن مقتل مقاتلين كانوا يحاولون الصعود على متن سفينة. ومع ذلك لم يؤيد جميع حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين الضربات داخل اليمن. وقدمت هولندا وأستراليا وكندا والبحرين الدعم اللوجستي والاستخباراتي للهجمات بينما وقعت ألمانيا والدنمارك ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية بيانا مشتركا يدافع عن الهجمات ويحذر من اتخاذ المزيد من الإجراءات. لكن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا اختارت عدم التوقيع أو المشاركة خوفا من تصعيد أوسع نطاقا.
وبينما تحدث بايدن عن «ضربات ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها لحوثيّون لتعريض حرّية الملاحة للخطر». فقد أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت «ضروريّة» و«متناسبة» و«دفاعًا عن النفس». وقال حلف شمال الأطلسي إنها ضربات «دفاعية وتهدف للمحافظة على حرية الملاحة».
وبعد ضربات الجمعة، قال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيبحث الأسبوع المقبل في إرسال قوة بحرية أوروبية للمساعدة على حماية السفن في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين. كما أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على شركتي نقل بحري في هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، بتهمة دعم الحوثيين.
غوتيريس يدعو إلى «عدم التصعيد»
على الصعيد الدولي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى «عدم تصعيد الوضع بشكل أكبر، من أجل السلام والاستقرار في البحر الأحمر والمنطقة». واستنكرت موسكو الضربات معتبرةً أنها «غير مشروعة بموجب القانون الدولي» وتفضي «إلى التصعيد». كما نددت أنقرة بالرد الأميركي البريطاني «غير المتناسب» ضد الحوثيين معتبرةً أن «أميركا وإسرائيل تستخدمان القوة غير المتناسبة نفسها ضد الفلسطينيين».
ولا توجد دلالة حتى الآن على أن طهران تسعى إلى الدخول في صراع مباشر، لكنها نددت إيران بالضربات الأميركية والبريطانية، وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن البيت الأبيض يمكنه «استعادة الأمن في جميع أنحاء المنطقة» من خلال وقف «تعاونه العسكري والأمني الشامل» مع إسرائيل.
سجال أميركي - روسي في مجلس الأمن
دافعت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد عن الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة بالاشتراك مع بريطانيا على جماعة الحوثي في اليمن وقالت إن الهدف منها تقليص قدرة الجماعة على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن. وأضافت غرينفيلد في جلسة مجلس الأمن أمس الجمعة أن الهجمات «كانت ضرورية ومتناسبة وتتسق مع القانون الدولي.. وجزء من ممارسة الولايات المتحدة لحقها في الدفاع عن النفس». وشددت المندوبة الأميركية على أن الولايات المتحدة حاولت مواجهة خطر الهجمات على سفن في البحر الأحمر دون اللجوء للقوة العسكرية لكنها لم تتمكن، وأن الضربات جاءت بعد أن شن الحوثيون هجوما معقدا في البحر الأحمر باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ استهدف سفينة أميركية.
وقالت غرينفيلد إن بلادها لا ترغب في توسيع النزاع في المنطقة وإنما «تريد نزع فتيل التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر»، وألقت المندوبة الأميركية باللوم على إيران لقيامها بدعم الحوثيين مما ساعدهم على تتبع واستهداف السفن في البحر الأحمر. ومن جانبها قالت مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن باربرا وودوارد إن بلادها ملتزمة بالدفاع عن التجارة الدولية، وشددت على ضرورة أن يوقف الحوثيون هجماتهم ضد سفن في البحر الأحمر.
لكن روسيا كان لها رأي أخر. وقال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن ما قامت به الولايات المتحدة وبريطانيا من هجمات على اليمن هو «عدوان على دولة أخرى»، وإن الهجمات «لا تحترم القانون الدولي ولاعلاقة لها بالحق في الدفاع عن النفس وفق ميثاق الأمم المتحدة». وكانت روسيا قد دعت لعقد جلسة مجلس الأمن بشأن الهجمات الأميركية البريطانية على الحوثيين. وتابع قائلا إن الولايات المتحدة تعلم جيدا أن الحق في الدفاع عن النفس لا يمكن ممارسته من أجل كفالة حرية الملاحة.
اقرأ أيضا:
حمد بن جاسم يتوقع انجرار المنطقة العربية لمزيد من التوترات