صفحات من تاريخ نضال الأمازيغ للحفاظ على هويتهم
يحتفل أمازيغ العالم هذه الأيام برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2974، والتي تتباين بدايتها في شمال أفريقيا، ما بين 12 يناير في الجزائر و14 يناير في المغرب.
وحسب تقرير لـ«فرانس 24»، فإن هذا العيد يمثل إرثا تاريخيا وثقافيا هاما بالنسبة للأمازيغ، الذين يبذلون جهودا وتضحيات كبيرة للحفاظ على هويتهم وثقافتهم الأصلية.
وتبدو المهمة غير سهلة في ظل العولمة وتصادم الثقافات فضلا عن محاولات بعض الأنظمة السياسية طمس هذه الهوية المتجذرة.
من هم الأمازيغ؟
والأمازيغ هم من سلالة سكان شمال أفريقيا، قبل وصول العرب، ويعيشون في مجتمعات متفرقة في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر ومالي والنيجر وموريتانيا، ويتحدثون لهجات أمازيغية.
ويتراوح عدد الأمازيغ في شمال أفريقيا ما بين 20 إلى 50 مليون نسمة، بالإضافة إلى المغتربين المقيمين في أوروبا، الذين تتراوح أعدادهم بين 2 إلى 4 ملايين نسمة.
عيد رأس السنة الأمازيغية
وفي كل ليلة مقبلة على عيد رأس السنة الأمازيغية الجديدة، تحضر العائلات الأمازيغية طبق الكسكس بلحم الدجاج متوج بخضروات جافة، وهي طقوس لم تتغير منذ مئات السنين.
فيما يتجمع أفراد العائلة حول هذا الطبق ويرددون أغاني مرحبة بقدوم العام الجديد، داعين أن يعود بالخير على الجميع وعلى المزارعين بشكل خاص وأن تتهاطل الأمطار بغزارة، لكي تسقي الأراضي التي تعد أحد مصادر الرزق للأمازيغ الذين تسكن غالبيتهم في مناطق جبلية.
أزول
إن الشعب الأمازيغي الذي يفتخر بالانتماء الى هذه الهوية العظيمة و يتبنى الراية الأمازيغية و إشارة الأصابع الثلاثة التي تعني الأرض و اللغة و الانسان، إن هذا الشعب ليسعى بدون تراجع نحو مستقبل أفضل تكون فيه ثمازغا وطنا موحدا تعيد أمجاد الأجداد و تقف بشموخ ندا أمام باقي الأمم— ⴰⵎⴰⵣⵉⵖAmazighأمازيغ (@angmar_amazigh) August 18, 2018
واحتفل الأمازيغ، الجمعة، في العديد من دول العالم بالسنة الجديدة 2974 والتي يطلق عليها تسمية «يناير»، والتي تعني باللغة الأمازيغية (إخف أوسغاس) وهو أول شهر في التقويم الفلاحي عند الأمازيغ.
ويعتبر يناير إرثا تاريخيا بالنسبة للأمازيغ، وعلى مر السنين صارت له طقوس خاصة يحتفل بها للآن، إذ تلتقي العائلات وتتبادل الزيارات وتتجمع حول مائدة من أطباق تقليدية يجتمع حولها كل الحاضرين فيما توضع معالق خصيصا للغائبين لكي لا ينساهم أحد رغم بعدهم.
رأس السنة الأمازيغية في الجزائر
وعلى غرار دول شمال أفريقيا أخرى، مثل المغرب وتونس وليبيا وبعض دول الساحل كمالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو وصولا إلى الصحراء سواء في مصر وجزر الكناري بإسبانيا، تحتفل الجزائر هي الأخرى برأس السنة الأمازيغية بعدما اعترفت دستوريا في 2016 بأن اللغة الأمازيغية لغة رسمية بجانب اللغة العربية.
ويقول الطاهر مترف، وهو رئيس الجمعية الثقافية الأمازيغية لمدينة مونبولييه (جنوب شرق فرنسا)، إن أمازيغ العالم وبشكل أخص أمازيغ الجزائر والمغرب، ناضلوا وقدموا تضحيات كبيرة لكي تعترف حكوماتهم ودولهم بهويتهم وثقافتهم ولغتهم الأصلية، وفق «فرانس 24».
وتابع مترف: «في الجزائر، لا يمكن نسيان الاحتجاجات والمظاهرات التي نظمت في أبريل 1980 في مدينة تيزى وزو (عاصمة القبائل) ومدن أخرى في منطقة القبائل حيث خرج الطلبة والشبان من أعمار مختلفة إلى الشارع للقول لسنا عرب بل أمازيغ وطالبوا بتعليم اللغة الأمازيغية في المدارس والجامعات. لكن نظام الرئيس الشاذلي بن جديد آنذاك قابلهم بالرصاص وقام بفض الاحتجاجات بالقوة مسببا ما يقارب 200 قتيل».
الأمازيغ وربيع أسود
وخرج سكان منطقة القبائل في ربيع أسود، في 2001، إلى الشارع من جديد لتنظيم مسيرة من مدينة تيزي وزو إلى الجزائر العاصمة للمطالبة بالاعتراف بهويتهم وحقوقهم.
فيما قرر أكثر من مليون شخص المشي على الأقدام طيلة مسافة قدرها مائة كيلومتر، لكن عند وصولهم إلى مدخل العاصمة الجزائرية، استقبلوا من قبل مجهولين مدججين بأسلحة بيضاء وتعرضوا إلى هجمات غير مسبوقة، فيما تدخلت أيضا قوات الأمن مستخدمة الرصاص الحي، ما أدى إلى سقوط 121 شخصا وجرح المئات.
وحسب التقرير، خلفت هذه الانتكاسة أزمة سياسية عميقة وشرخا كبيرا بداخل المجتمع الجزائري، فيما حاول نظام بوتفليقة آنذاك ورئيس حكومته أحمد أويحي الذي يعد أمازيغي الأصل هو أيضا تدارك الوضع وتهدئته والشروع في الاعتراف بشكل تدريجي بهوية الجزائر الأمازيغية وباللغة الأمازيغية.
الاعتراف باللغة الأمازيغية
وفي 2016، اعترف باللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية بجانب العربية وبدأ تدريسها في المدارس والجامعات وتدوين جميع أسماء مؤسسات الدولة بهذه اللغة بجانب العربية والفرنسية.
وهو الشأن نفسه في المغرب الذي اعترف هو الآخر بالأمازيغية كلغة رسمية في 2011 بعد العربية. ويبلغ عدد سكان الأمازيغ حوالي 100 مليون شخص لكن لا توجد إحصائيات دقيقة.
ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي واهتمام الإعلام الدولي بالقضية الأمازيغية، وبفضل الفنانين الأمازيغ الذين سوقوا عبر أغانيهم محتوى هذه الثقافة مثل المغني إدير ومعطوب لوناس وآيت منغلات وفرقة تيناروان من أمازيغ الطوارق ورويشة والدمسيري من المغرب، وصلت الثقافة الأمازيغية إلى جميع أنحاء العالم.
فيما تولى المغتربون الأمازيغ الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وفي الدول الأوروبية، عملية تسويق هذه الثقافة عبر تنظيم فعاليات ثقافية وفنية عديدة ليكتشفها باقي العالم.
أبرز الأسماء في تاريخ الأمازيغ
جوجورثا: ملك نوميديا الذي هزمه الرومان 111 قبل الميلاد
الكاهنة: خاضت حربا ضد العرب في القرن السابع الميلادي
القديس أوغسطين: أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية
ابن بطوطة: الرحالة والكاتب والمؤرخ الذي عاش في القرن الـ 14
محمد عبد الكريم الخطابي: قائد أمازيغ الريف في المغرب في أوائل القرن الماضي والذي خاض حربا ضد الأسبان
معطوب الوناس: موسيقي وناشط أمازيغي قتل عام 1998
اقرأ أيضا:
رئيس الحكومة الجزائرية: الاحتفاء بالسنة الأمازيغية على خطى آبائنا وأجدادنا
حرفيون مغاربة ينقشون أحزانهم على المعادن
لغة الأمازيغ
وتسمى اللغة التي يتحدث بها الأمازيغ تمازيغت، ولها العديد من اللهجات الأمازيغية التي تختلف عن بعضها البعض بشكل كبير من حيث نطق المفردات والقواعد، كما أن هذه اللهجات ليست مكتوبة، عدا التي يتكلم بها الطوارق.
لكن جامعة تيزي أوزو في شمال الجزائر تحاول بعث اللغة المكتوبة مستخدمة الحروف اللاتينية والعربية، إلى جانب الحروف البربرية القديمة المسماة بتيفيناغ، وفق «بي بي سي».
أصل الأمازيغ تاريخيا
ويعد أصل الأمازيغ من الناحية التاريخية غير معروف، فهناك خبراء يقولون إنهم جاءوا من اليمن القديم وسافروا إلى إفريقيا عبر البحر. وهناك رأي آخر يرى أنهم ربما جاءوا من أوروبا أو مناطق البحر الأبيض المتوسط القديمة.
والأمر الوحيد المؤكد هو أن الأمازيغ موجودون في شمال القارة الأفريقية قبل أي شعب آخر تذكره كتب التاريخ. وعبر مئات السنين قاوم الأمازيغ عملية التعريب الكامل للغتهم وثقافتهم.