نتنياهو يناور بدولة فلسطينية «منزوعة السلاح».. وأوروبا تتهمه بـ«تمويل» حماس
كشفت اتصال نادر بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استمرار الخلاف بشأن إقامة دولة فلسطينيّة، وسط حديث أميركي إسرائيلي عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح، فيما اتّهم مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل ليل الجمعة إسرائيل بأنها «موّلت» حركة حماس عبر تعقيد التوصل إلى حل دولتين، بينما يكثف جيش الاحتلال عملياته جنوب قطاع غزة بزعم مطارده قادة المقاومة الفلسطينية.
في الأسابيع الأخيرة، دعت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والداعم الأساسي لها في العدوان، جيش الاحتلال إلى خفض عدد الضحايا المدنيّين في عمليّاته، وكرّرت دعمها إقامة دولة فلسطينيّة، وهو موضوع في صلب الخلاف بين واشنطن وحكومة نتنياهو.
نتانياهو صرح الخميس بأنّ بلاده «يجب أن تضمن السيطرة الأمنيّة على كلّ الأراضي الواقعة غرب (نهر) الأردن، قائلا إنّه أوضح ذلك «لأصدقاء إسرائيل الأميركيّين». وشدّد نتنياهو على أنّ «هذا شرط ضروري ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينيّة)».وسارع الفلسطينيّون إلى التنديد بهذه التصريحات، وتحدّثت واشنطن من جهتها علنًا عن خلاف مع حليفتها حول هذه القضيّة.
منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: #إسرائيل ذهبت إلى حد تمويل #حماس لإضعاف السلطة الفلسطينية| #سوشال_سكاي pic.twitter.com/WLp2AI9aUv
— سكاي نيوز عربية (@skynewsarabia) January 20, 2024
وغداة إدلائه بهذه التصريحات، تحادث نتنياهو مع الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الجمعة، في أوّل اتّصال بينهما منذ شهر وسط توتّر بشأن مرحلة ما بعد حرب غزّة، لكنه لم يحسم «حل الدولتين»، إذ أبدى بايدن أبدى خلال محادثته مع نتنياهو «اقتناعه القوي بأنّ حلّ الدولتين ما زال المسار الصحيح للمضيّ قدما. وسنُواصل طرح هذا الموقف»، وفقما قال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي لصحفيّين.
وفي محاولة لتوصيل وجهة نظر نتنياهو، اعتبر الرئيس الأميركي أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ليس مستحيلا بوجود رئيس وزراء الاحتلال الحالي، وأضاف أن نتنياهو لا يعارض جميع حلول الدولتين، مشيرا إلى أن هناك عددا من الأنماط الممكنة إذ أن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليس لديها قوات مسلحة.
الديمقراطيون يضغطون على بايدن
في هذه الأثناء، وقع عشرات من أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي على رسالة يحثون فيها الإدارة على التأكيد على معارضة الولايات المتحدة بشدة «التهجير القسري والدائم» للفلسطينيين من غزة. والرسالة موجهة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن. وتزعَّم التوقيع على الرسالة النائبان أيانا بريسلي وجيمي راسكين، ووقع عليها 60 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب، فيما يكشف عن شعور بالقلق، من اليسار بخاصة، من فداحة الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين بسبب العدوان على غزة. وجاء في الرسالة «نحثكم على مواصلة التأكيد على التزام الولايات المتحدة الراسخ بهذا الموقف ونطلب منكم تقديم توضيحات عن بنود معينة في طلب التمويل التكميلي الإنساني والأمني المقدم من الإدارة».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الوزارة لا تعلق عادة على رسائل الكونجرس. لكنه ذكر في رسالة بريد إلكتروني بخصوص مسألة التهجير الأوسع نطاقا «نحن واضحون. يتعين ألا يكون هناك أي تهجير قسري للفلسطينيين سواء داخل قطاع غزة أو خارجه». وذكر المتحدث أن الوزارة رفضت تصريحات من بعض المسؤولين الإسرائيليين تدعو إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، مضيفا أنهم علموا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن تلك ليست سياسة الحكومة الإسرائيلية.
وتمنح الولايات المتحدة إسرائيل 3.8 مليار دولار كمساعدات عسكرية سنوية. وطلب بايدن من الكونجرس الموافقة على مبلغ إضافي قدره 14 مليار دولار، وهو جزء من طلب تمويل إضافي شامل متعطل في الكونجرس لأن الجمهوريين والديمقراطيين يتفاوضون على تغييرات في سياسة الهجرة. من جهة أخرى، قالت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين يوم الجمعة، إن 18 سناتورا ديمقراطيا يؤيدون تعديلا يلزم أي دولة تتلقى تمويلا إضافيا باستخدام الأموال وفقا للقانون الأمريكي والقانون الإنساني الدولي وقانون النزاعات المسلحة.
اتهام أوروبي لإسرائيل بتمويل حماس
وسط هذه التطوّرات، اتّهم مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل ليل الجمعة إسرائيل بأنها «موّلت» حركة حماس. وقال بوريل «نعتقد أنّ حلّ الدولتين يجب أن يُفرَض من الخارج بغية إحلال السلام»، مضيفا «أُصِرّ على أنّ إسرائيل، عبر الاستمرار في رفض هذا الحلّ، قد أسّست حماس بنفسها». وتابع بوريل في خطاب باللغة الإسبانيّة في جامعة فايادوليد التي منحته دكتوراه فخريّة «حماس مُوّلت من الحكومة الإسرائيليّة في محاولة لإضعاف سلطة فتح الفلسطينيّة. لكن في حال لم نتدخّل بحزم، فإنّ دوّامة الكراهية والعنف ستتواصل من جيل إلى آخر، ومن جنازة إلى أخرى».
وفي قطاع غزة، يتواصل العدوان الإسرائيلي، خصوصا خان يونس (جنوب) حيث يزعم جيش الاحتلال إنّ القيادة المحلّية لحركة حماس تختبئ، فيما يستمر الدعم الأميركي للعدوان، وفقما كشفت تصريحات الناطق باسم البيت الأبيض.
واستشهد 7 فلسطينيين على الأقل، وأصيب آخرون، مساء الجمعة، إثر قصف عدواني إسرائيلي استهدف منزلا بحي النصيرات وسط قطاع، وحي الأمل في خان يونس جنوبا. واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي، منزلا يعود لعائلة درويش بمخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى لاستشهاد 5 مواطنين، وجرح آخرين، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
كما شنت طائرات الاحتلال غارات على حي الأمل في خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أدى لاستشهاد مواطنين اثنين على الأقل، وإصابة آخرين. وفي السياق، قصفت الزوارق الحربية الإسرائيلية، بعدد من القذائف مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.
وقال إنريكو فالابيرتا، المتخصّص في طبّ الحرب والذي عاد من مهمّة استغرقت أسابيع عدّة لصالح منظّمة أطبّاء بلا حدود، «اليوم في غزّة كلّ شيء تقريبا مُدمّر، وما لم يُدَمَّر بات مكتظّا.. .العمل جارٍ بالحدّ الأدنى من الأدوية لضمان عدم نفادها».وأسفت منظّمة الصحة العالميّة لـ«ظروف الحياة غير الإنسانيّة» في القطاع الساحلي الصغير الذي يفتقر سكّانه البالغ عددهم 2، 4 مليون نسمة إلى كلّ شئ، بما في ذلك الاتّصالات.
وأعلنت شركة الاتّصالات الفلسطينيّة «بالتل» الجمعة عودة الاتّصالات تدريجًا في مناطق مختلفة من القطاع بعد انقطاعها ثمانية أيّام متواصلة هي أطول مدّة منذ بدء الحرب.
اندلع العدوان الإسرائيلي الذي دمّر قطاع غزّة وشرّدت أكثر من 80% في أكتوبر. ووفق وزارة الصحّة التابعة لحماس، قُتل حتّى الآن في الغارات الإسرائيليّة 24762 شخصا، غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال.