سودانيون يحذرون من ضياع موارد بنك الجينات النباتية في ودّ مدني
أبدى متخصصون سودانيون تخوفهم من ضياع الموارد الوراثيّة الموجودة في بنك الجينات النباتية بمدينة ودّ مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، جراء انتقال المعارك إليها الشهر الماضي.
وبنك الجينات الوراثية -الذي تأسس أوائل ثمانينيّات القرن الماضي- يضم أكثر من 15000 مدخل من الموارد الوراثية النباتية المتنوعة للأغذية والزراعة ضمن نطاق تنوّع المحاصيل المحورية، مثل الذرة الرفيعة والدخن اللؤلؤي (الثيوم الأغبر) والسمسم واللوبيا والبطيخ.
الباحث الاقتصادي والمُحاضر في كلية الزراعة بجامعة القضارف في السودان محمد الصافي، يقول إن «الخدمات التي يقدمها بنك الجينات هذا لا تقتصر على السودان فقط، وإنما تمتد إلى النظام الزراعي العالمي»، إذ يحتوي أصناف محاصيل لا تقدّر بثمن وضرورية لتطوير القدرة على الصمود في مواجهة تغيُّر المناخ والآفات والأمراض، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وحذّر الصافي من تسبب وصول الصراع المسلح إلى ود مدني في ديسمبر الماضي في تعريض مستقبل هذا المستودع الحيوي للتنوع البيولوجي للخطر، قائلا إن «ضررا لا يُمكن إصلاحه ينتظر هذا البنك، الذي يمثّل حجر زاوية في الأمن الغذائي».
وسيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة الشهر الماضي في أعقاب انسحاب الجيش منها بعد معارك استمرت خمسة أيام.
انقطاع متكرر في التيار الكهربائي
وقال الصافي إن الحرب أدّت إلى انقطاع متكرر في التيار الكهربائي لفترات طويلة في أنحاء المدينة، معتبرا أن ما وصفها بمسألة السلامة أدت إلى تقييد الوصول للمعلومات أو تقييم الوضع الحالي لبنك الجينات.
وأوضح أن «عدم توفير الطاقة اللازمة للتخزين البارد، أو إمكانية وصول الخبراء للحفاظ على صلاحية البذور، يثيران مخاوف بشأن احتمال فقد الأصناف الفريدة، أو ربما حتى المدخلات بأكملها، بشكل دائم وسط الصراع».
و قال الطاهر إبراهيم، المدير السابق لبنك الجينات للموارد الوراثية النباتية، «إن هذا البنك يُسهم بشكل أساسي في تحقيق الصيانة والاستخدام المستدام للأغذية الوراثية والزراعية وتعزيز استخدام الموارد الوراثية الزراعية»، مضيفا «إذا فُقدت هذه الموارد، ربما يُهدَّد (ذلك) إنتاج أصناف التحسين الوراثي، وتشمل ما يُسمى بالأقارب البرية للمحاصيل، مثل محصول الذرة الذي يعتقد أن موطنه الأصلي السودان».
وأوضح أن «القلق من مخاطر فقد التنوع الحيوي دفع الكثير من الجهات في أنحاء العالم إلى تأسيس بنوك الجينات، بهدف جمع العيّنات وحفظها للمدى الطويل، حيث يتم العمل عليها وحِفظها لتبقى مئات السنين للأجيال للاستخدام مستقبلا».
وذكر إبراهيم أن «أكثر من 15 ألف مدخل في بنك الجينات جُمعت، بينها الذرة والفول السوداني والبامية والبندورة (الطماطم) ونباتات المراعي الطبيعية، والتي تُخزّن في غرف مبرّدة عند درجات حرارة تصل إلى سالب 20 درجة مئوية».
أنباء غير مبشرة
وأشار إبراهيم إلى عدم وجود معلومات مؤكدة عن وضع البنك، لكنه قال إن الأخبار التي ترد «غير مبشّرة، حيث ترددت أنباء عن اقتحام البنك ونهْب ثلاجات ومعدات، إلى جانب تضرر البذور وتناثر بعضها على الأرض».
ودعا إلى «إنقاذ ما تبقّى من البذور، التي قال إن بعضها جُمع في ثمانينيات القرن الماضي»، مشددا على أن «أي تأخير في التحرك لنقل البنك إلى مكان آمن بالتنسيق مع الجيش وقوات الدعم السريع ليس في المصلحة».
الدعم السريع يبدي استعداده للمساعدة
وأبدى ابراهيم مخير، مستشار قائد قوات الدعم السريع، استعداد قواته لمساعدة الجهات المعنية في الداخل والخارج لإنقاذ البنك، قائلا«إن لدى الدعم السريع تجربة مع جامعة الخرطوم في نقل عينات وملفّات من مناطق الاشتباكات في العاصمة إلى الولايات الآمنة».
ودعا مخير إدارة بنك الجينات الوراثية النباتية إلى الشروع فورا في حماية محتويات البنك، قائلا «نحن بدورنا سنوفّر لهم الحماية، ولهم الخيار في نقل البنك إلى أي مكان يرونه مناسبا أو إعادة تشغيله في مدينة ود مدني».
دراسة: 15 مليار دولار خسائر الاقتصاد السوداني
وفي ديسمبر الماضي، توقعت دراسة أجراها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية ونقلتها وسائل اعلام سودانية، خسائر الاقتصاد السوداني خلال فترة الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع بـ(15) مليار دولار بنهاية العام الحالي، وهو ما يُعادل 48% من الناتج المحلي الإجمالي.
و قدّرت حجم الخسائر بـ(5) مليارات دولار في الفترة من (أبريل - يونيو)، فيما رجّحت أن تصل (15) ملياراً بنهاية 2023، كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي في قطاعات الصناعة، الخدمات والزراعة بنسبة (70%، 49%، 21%) على التوالي، حسب الدراسة.
وتضمّنت الدراسة 10 ولايات من أصل 18 ولاية وهي (ولاية الخرطوم، ولايات دارفور الخمس، ولايات كردفان الثلاث وولاية النيل الأزرق) حسب مُستويات القتال.