ما سر إقبال الكويتيين على تعلم اللغة الإسبانية؟
نشرت وكالة «كونا الكويتية»، السبت، تقريرا حمل عنوان «الإقبال على تعلم اللغة الإسبانية.. انفتاح ثقافي كويتي لاكتشاف جماليات حضارة مشتركة»، يرصد حرص فئة واسعة من الكويتيين على تعلم هذه اللغة.
وجاء في التقرير إنه في ضوء الانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة، ظهرت في الكويت مؤخرا توجهات لافتة لاسيما بين الشباب لتعلم اللغة الإسبانية.
ونقلت عن «معنيين» تفسيرهم زيادة الإقبال الكويتي على تعلم اللغة الإسبانية بالرغبة في التعرف على ثقافات الدول الناطقة بالإسبانية، واكتشاف جماليات لغة لها قواسم مشتركة مع اللغة العربية وإرث أندلسي.
وتعد الاسبانية هي اللغة الرسمية لنحو 20 دولة في أوروبا وأمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية وأفريقيا، ويبلغ عدد الناطقين بها أكثر من 540 مليون نسمة.
التقارب بين اللغتين العربية والإسبانية
ورصد التقرير «التقارب بين اللغتين العربية والإسبانية»، لاسيما بالنظر إلى أن القواسم المشتركة بين العرب وإسبانيا والتي تعود إلى تاريخ المسلمين في الأندلس لمدة قاربت 800 عام وامتدت بين عامي 711 و1492م.
وتحدث سفير اسبانيا لدى الكويت، ميغيل مورو أغيلار، فقال: «فيما يتعلق باللغة الإسبانية يسعدنا أن نرى مدى اهتمام الشعب الكويتي بلغتنا.. .هذا دليل آخر على مدى تقاربنا كدولتين.. لقد نجحت المبادرات الخاصة في تلبية الطلب على تعلم اللغة الإسبانية وقد قمنا مؤخرا بافتتاح مركز داخل المعهد الفرنسي خاص باختبار (ديلي) الذي هو اختبار الكفاءة الرسمي في اللغة الإسبانية بالكويت».
وأوضح أغيلار أن الكويت دولة رائدة في المجال الثقافي في منطقة الخليج، فيما تفتخر إسبانيا أيضا بتمتعها بخلفية ثقافية غنية، قائلا إن البلدين يرتبطان بتاريخ مشترك ما يجعل التعاون الثقافي بينهما أمرا طبيعيا وسلسا مشيرا كذلك إلى أن المجتمعين الكويتي والإسباني يتقاسمان العديد من الاهتمامات مثل الموسيقى والفلامنكو وفن الطهي والسينما والرياضة.
وتابع السفير الإسباني: «نحن نقدر عمل المجلس الوطني ودار الآثار الإسلامية ومكتبة البابطين والمكتبة الوطنية ومركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي والعديد من الجهات الفاعلة الأخرى في القطاع الثقافي في الكويت لأنه بدون دعمها المستمر لن يكون هذا التعاون ممكنا».
وتعد اللغة الاسبانية متجانسة نسبيا حيث إنها تكتب كما تنطق ما يضفي سهولة على طريقة تعلمها إلا أن هناك اختلافات وإن كانت قليلة تتعلق بطريقة النطق أو ما يعرف باللهجة في المناطق والدول المتحدثة بها، وفق «كونا».
القلاف وفهم ثقافة بورتوريكو
كوثر القلاف، طالبة تحب تعلم لغات جديدة، بدأت بتعلم اللغة الإسبانية لأن لديها العديد من الأصدقاء من بورتوريكو، وتعتقد أن تعلم اللغة الإسبانية سيساعدها على فهم ثقافة بورتوريكو وأن التحدث مع أصدقائها بلغتهم الأم سيسمح لها بالتعرف عليهم بشكل أفضل.
وتوضح الطالبة الكويتية: «اللغة الإسبانية كانت بداية بالنسبة لي لأن الإسبانية في رأيي هي الخطوة الأولى لتعلم اللغتين البرتغالية والفرنسية».
أما أنفال الهولي، فوجدت نفسها منجذبة إلى اللغة الإسبانية وبدأت في مشاهدة الأفلام والعروض الناطقة بها وقررت التسجيل بدورة لتعلم اللغة الإسبانية أثناء وجودها في الكلية، ولم تتوقف عند هذا الحد وإنما تقدمت بطلب للحصول على دورات عبر الإنترنت ونجحت في إتمام المستوى الأول سريعا.
وبعد تعلمها اللغة الإسبانية، ترغب الهولي بأن تنهل كذلك من إحدى اللغتين الفرنسية أو الإيطالية لتتعرف على ثقافة أخرى من خلال اللغة.
وحسب الوكالة، درست القلاف والهولي المستوى الأول عبر الانترنت (أونلاين) لكنهما تنخرطان حاليا في دروس المستوى الثاني بمركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الكويت، تحت إشراف الأستاذة الجامعية الدكتورة أفراح ملا علي التي درست بجامعة (سالمنكا) وهي أقدم جامعة في إسبانيا ويرجع بناؤها إلى 900 عام.
أفراح ملا علي أول امرأة كويتية وعربية تحصل على شهادة الدكتوراه، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف وعلامة (فيتكور) بتلك الجامعة العريقة.
أول عربية تحصل على علامة فيتكور
وعلامة (فيتكور) عبارة عن بروتوكول خاص بجامعة (سالمنكا) لكتابة أسماء الحاصلين على شهادة الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف على حائط أقدم جامعة في المملكة الاسبانية والعالم المتحدث باللغة الاسبانية ورابع أقدم جامعة في أوروبا.
وتدرس الدكتورة ملا علي اللغة الإسبانية منذ عام 2012 إن: «التدريس هواية جميلة بالنسبة لي وقد اهتم عدد أكبر من الأفراد بتعلم اللغة الإسبانية في السنوات القليلة الماضية»، معربة عن اعتقادها بأن عدد المتحمسين للغة الاسبانية في الكويت في ازدياد لأنها «لغة جميلة وموسيقية وتستحق التعلم».
وترى علي أن على الراغبين في تعلم اللغة الإسبانية بأن يكونوا إيجابيين في توسعهم الثقافي من خلال تعلم لغة جديدة، قائلة «الأمر ليس صعبا ولكنه ليس سهلا أيضا.. سيحبون الاستماع إلى اللغة الإسبانية».
وقالت إن الاسبانية لغة شيقة بامتياز خاصة أنها توسع المدارك والافق، لأن المتحدثين بها من دول شتى وثقافات متعددة وأدبيات متنوعة تمتد من أوروبا إلى أفريقيا وصولا إلى أمريكا اللاتينية.
لماذا نتعلم الإسبانية
وربما من الأمور التي تدفع لتعلم الإسبانية، أنه لا توجد مصاعب كبيرة في تعلمها مثل التي ربما توجد في لغات أخرى، لاسيما أن الإسبانية تعتبر لغة سهلة من حيث النطق والقواعد، كما تحتوي على كلمات عديدة تتشابه إلى حد كبير مع نظيرتها في الإنجليزية.
ومن المعروف أن الإسبانية تحوي نحو 4000 كلمة من أصل عربي من بينها على سبيل المثال ثوكو (سوق) البونديغا (البندق) أثيتي (الزيت) وأروث (الأرز) وأثوكار (السكر) وكنال (قناة) والكاثابا (القصبة) وأستيد (أستاذ) وكادا (كذا) وأثار (أزهار) وفلانو (فلان).
اللغات المنتشرة في الخليح
وباتت دول الخليج محط الأنظار للعالم منذ سنوات، لما تتمتع به من مزيج ثقافي و نمو عمراني واقتصادي ورغم أن اللغة العربية هي اللغة الأم، إلا أنها قد انتشر بها العديد من اللغات الأخرى، منها اللغات المألوفة واللغات الغريبة، وقد يمنح هذا التنوع في اللغات المنطوقة طابعًا فريدًا لكل دولة و يمنحها هويتها الثقافية المميزة الخاصة بها.
تطور اللغة الإسبانية
وكانت الإمبراطورية الإسبانية واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ، وبدءاً من القرن السادس عشر، حمل الاستعمار الإسباني هذه اللغة إلى المكسيك، ووسط، غرب، وجنوب أمريكا الجنوبية، حيث يتم التحدث بها في الوقت الحاضر.
والإسبانية مثلها مثل اللّغات الإيطالية، البرتغالية، الرومانية، والفرنسية، هي لغة رومانسية نشأت من اللّغة اللاتينية الشائعة المعروفة باسم فولغار، وتطورت من شبه الجزيرة الأيبيرية، في المنطقة الجنوبية الغربية من أوروبا التي تضم البرتغال وإسبانيا في وقتنا الحاضر.