القاهرة تلوح بتصعيد دبلوماسي ونتنياهو يبرر.. توتر مكتوم بين مصر وإسرائيل
دخلت العلاقات المصرية-الإسرائيلية مرحلة متقدمة من التوتر المكتوم، على خلفية أزمة معبر فيلادلفيا، خصوصا بعد تسريبات نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» أميركية عن عزم القاهرة سحب سفيرها لدى تل أبيب، وهو ما لم تعلق عليه مصادر رسمية في القاهرة حتى اللحظة.
ونقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين مصريين، أن القاهرة وجهت تحذيراتها إلى تل أبيب من أي هجمات على محور فيلادلفيا، ومن حدوث أي موجات نزوح للفلسطينيين. وحسب الصحيفة الأميركية اليوم السبت فإن القادة المصريين حريصون دائما على إظهار دعمهم الكامل للفلسطينيين، ولإقامة دولة فلسطينية مستقلة، فضلا عن تحذير القاهرة المستمر من تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
وبعد ساعات من هذه التسريبات، حاول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إظهار التهدئة بالحديث عن أن «العلاقات مع مصر تُدار بطريقة صحيحة»، وذلك خلال مؤتمر صحفي اليوم السبت، إلا أنه عاد ليقول: «لكل بلد مصالحه التي يقلق بشأنها».
التطور الأخير على مسار العلاقات المصرية-الإسرائيلية جاء بعد رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عدة محاولات من نتنياهو للتحدث معه، وفق الصحافة الإسرائيلية. وحسب قناة «13» العبرية، نقلا عن مصدرين مطلعين أنه في ظل الخلافات مع مصر، تقدم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، عبر مقر الأمن الوطني، بطلب لتنسيق مكالمة بين نتنياهو والرئيس المصري السيسي لكن دون جدوى، حيث ترفض الرئاسة المصرية الرد.
السيسي يرد
كما رد الرئيس المصري الأسبوع الماضي على الاتهامات التي وجهها مسؤولون إسرائيليون لمصر، حول تسببها في عرقلة دخول المساعدات إلى القطاع، بالقول إن غزة كانت تستقبل قبل الحرب 600 شاحنة يوميا يتم دخولها عبر مصر، ولكن الآن يتم دخول نحو 200 شاحنة، مشيرا إلى أن معبر رفح مفتوح طوال ساعات اليوم.
وأكد السيسي أن الإجراءات التي يتبعها الجانب الآخر -يقصد إسرائيل- هي التي تعطل دخول المساعدات، للضغط على القطاع وسكانه بسبب موضوع الرهائن.
"هروح من ربنا فين لو أنا السبب إني مادخلش لقمة عيش أقدر أدخلها لغزة !".. الرئيس السيسي: معبر رفح مفتوح ولم يغلق أبدا منذ بدء الحرب في غزة. pic.twitter.com/wyIeptVtpg
— الأحداث الأمريكية🇺🇸 (@NewsNow4USA) January 24, 2024
وفي تصريح سابق إلى «خليجيون»، قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بشير عبد الفتاح: «من الواضح أن نتنياهو يتمسك بمخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، هو يتذرع بتسرب السلاح عبر الحدود مع مصر، وحماية أمن إسرائيل لذلك يريد احتلال معبر فلادلفيا».
ويرى بشير عبد الفتاح أن «مصر تدرك جيدا خطورة هذه الخطوة، وتنسق مع الأردن والسلطة الفلسطينية في هذا الملف، وهي حذرت مبكرا من أن أي مضي قدما في مخطط التهجير هو إضرار باتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية، وبالتالي عودة إلى مربع التوترات بين البلدين».
العلاقات في أدنى مستوياتها
ومصر كانت أول دولة عربية تعترف بإسرائيل في العام 1979. ونادرا ما كانت العلاقات ودية بين الطرفين. ونادرا ما يلتقي المدنيون من البلدين بعيدا عن منتجعات البحر الأحمر.
تفاقم الخلافات
وسبق من قبل ردت مصر على ادعاءات إسرائيل بوجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية عبر أنفاق على الحدود، إذ قال ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات المصرية إن إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر «صلاح الدين»، في قطاع غزة على طول الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر، مؤكدا أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه، سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية - الإسرائيلية.
وأضاف المسؤول المصري أن بلاده تحترم التزاماتها الدولية، وقادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار. وأكد أن التحرك الإسرائيلي نحو الممر يعد خطا أحمر، وينضم هذا الخط الأحمر إلى سابقه والذي أعلنته مصر مرارا، وهو الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين قسرا أو طوعا إلى سيناء، وهو ما لن تسمح مصر لإسرائيل بتخطيه.
ما هو محور فيلادلفيا؟
شريط على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يمتد من البحر المتوسط شمالا إلى معبر كرم أبو سالم جنوبا، بطول نحو 14 كيلومترا. ويقع ضمن المنطقة (د) العازلة بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1979.
تفرض اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قيودا عددية ونوعية على نشر القوات على جانبي الحدود، بما في ذلك الجانب المصري للمحور.
كانت إسرائيل تسيطر على محور فيلادلفيا ضمن سيطرتها على المنطقة (د) التي ينتمي إليها، حتى انسحبت من غزة وسلمته للسلطة الفلسطينية عام 2005. في العام ذاته، وقع اتفاق جديد لتنظيم تواجد القوات في منطقة المحور، وسمح بتنسيق أمني مصري إسرائيلي.
اقرأ المزيد:
صحيفة أميركية: مصر تدرس سحب سفيرها من إسرائيل
خليجيون| شبح التفكك السوفييتي يلاحق أميركا في «تكساس» و«الأسكا»