خليجيون| خبراء عن نزاع «خور عبد الله»: للكويت حق مقاضاة العراق بمحكمة العدل.. بشرط
يرى محللون قانونيون وسياسيون، أن العراق أخل بمعايير التعهدات والاتفاقيات الدولية، لعدم التزامه باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله الموقعة مع الكويت في 2012، لافتين إلى حق دولة الكويت في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، بشرط قبول بغداد الاحتكام لتلك المحكمة.
وفي بيان مشترك اليوم الأربعاء، أكدا كل من الكويت والسعودية «أهمية التزام العراق بسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها واحترام التعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الامن رقم 833 (1993) الذي جرى بموجبه تخطيط الحدود البرية والبحرية بين الكويت والعراق وأهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162».
وجاء ذلك بعد زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد، أمس الثلاثاء، إلى السعودية، في زيارة دولة استمرت يوما واحدا.
اللجوء إلى المحكمة الدولية
وترى الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن الانسحاب من الاتفاقيات الدولية والتي معاهدات إعادة ترسيم الحدود أمر وارد، رغم أنه إخلال بمبدأ الإلتزام وقد يؤدي إلى توتر العلاقات بين الدول وبعضها، ويمكن العودة مجددا للاتفاق بمباحثات بين البلدين أو الاتجاه صوب المحكمة الدولية.
وأضافت نورهان في تصريح إلى «خليجيون» أنه «بخصوص دعوة الكويت والسعودية بالتزام العراق بسيادة دولة الكويت، يعد بمثابة نداء مشروع خاصة وأن العراق هو الذي أخل بالاتفاقية دون الرجوع إلى الطرف الثاني (الكويت)، موضحة أن الأخيرة من حقها مقاضاة بغداد في محكمة العدل الدولية بشرط إقرار الطرفين المتنازعين وإعلان رضاهم بالاحتكام الدولي».
وضربت أستاذ العلوم السياسية مثالا للجوء مصر والاحتلال الإسرائيلي إلى التحكيم الدولي، إذ نجحت القاهرة في 1988 بالحصول على حكم دولي بأحقيتها في أرض طابا.
وفي سبتمر 2023 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، ببطلان تصديق البرلمان على اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في منطقة خور عبد الله، مخاوف من توتر العلاقات مجددا بين البلدين، حيث انقطعت منذ 1990 وحتى 2008.
وتعليقا على الحكم العراقي يقول خبير القانون الدولي الدكتور وليد عثمان إن «الاتفاقيات ترسيم الحدود متعلقة بقانون دولي عام، ولا يجوز لأي هيئة برلمانية أو محكمة محلية تتخذ قرار بإلغاء اتفاق دولي، إلا إذا كان وراء ذلك القرار دعم من السلطات نفسها ليكون مبررا لإبطال المعاهدات».
وأضاف عثمان في تصريح إلى «خليجيون»، «أن الانسحاب من الاتفاقيات الدولية لا يجوز إلا في شروط محددة وهي تشكيل ضرر على الدولة المنسحبة، وعليها تبرير ذلك الانسحاب وفقا للمستجدات التي طرأت على الاتفاقية».
وأشار إلى أن «اتفاقيات ترسيم الحدود هي إعادة جغرفة خريطة الدول رسميا، بعد الوقوف والاتفاق على تنازل جزء من الدولة لأخرى، وفقا لمصالح مشتركة».
وذكر عثمان أن «الاتفاقيات ترسيم الحدود متعلقة بقانون دولي عام، ولا يجوز لأي هيئة برلمانية أو محكمة محلية أن تتخذ قرارا بإلغاء اتفاق دولي، إلا إذا كان وراء ذلك القرار دعم من السلطات نفسها ليكون مبررا لإبطال المعاهدات».
ودعا البيان المشترك العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله الموقعة بين دولة الكويت وجمهورية العراق بتاريخ 29 أبريل 2012.
و دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ بتاريخ 5 ديسمبر 2013 بعد مصادقتها من قبل كلا البلدين، وجرى إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة بتاريخ 18 من الشهر نفسه.
وأصدر مجلس الأمن الدولي عام 1993 القرار رقم 833، وينص على تقسيم مياه خور عبد الله مناصفة بين البلدين، وصدّق العراق على الاتفاقية في 25 نوفمبر 2013، في عهد الحكومة الثانية لنوري المالكي (2010 - 2014)، لكن اتخذ العراق انسحابا أحاديا من الاتفاقية.
وعلى إثر ذلك استنكرت الكويت حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق بشأن اتفاقية بين البلدين، فيما استنكر مجلس الوزراء الكويتي حكم المحكمة العراقية، قائلاً إنه يتضمن «ادعاءات تاريخية باطلة».
ما هو خور عبد الله
و خور عبد الله، هو ممر مائي يفصل بين العراق والكويت، يقع في شمال الخليج العربي، بين جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية.
مبررات المحكمة الدولية
وبررت المحكمة العراقية قرارها بوجود مخالفة لمادة بالدستور، تنظم التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وهذه المادة تشير إلى ضرورة أن يُسن القانون بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب.
ويقول مركز رع للدراسات الاستراتيجية، أن المحكمة العراقية ترى أن «الاتفاقية فرّطت في ممر العراق الملاحي في الخور، وأن موانئ العراق الكبرى ستخرج عن الخدمة لصالح الكويت».
ورأى «رع» في ورقة بحثية، أنه كان «من المفترض أن تعمل لجنة مشتركة بين البلدين على تنظيم الملاحة في الممر البحري، والاتفاق على عمليات توسعته وتنظيفه، لكن قرار الاتحادية العراقية جاء وقلب الموازين رأسا علي عقب» حسب ما ذكر المركز.
واستند قرار المحكمة الاتحادية إلى دعوى قدمها النائب البرلماني عن كتلة «حقوق» الموالية لـ«كتائب حزب الله» سعود الساعدي، مما يشير إلى أن الغرض من القضية هو كسب تأييد الناخبين بالمناطق المطلة على الخليج العربي، حسب «رع».
دعم عربي ودولي لموقف الكويت في قضية خور عبد الله
وكان رئيس وفد مجموعة الصداقة البرلمانية الخامسة في مجلس الأمة الكويتي النائب أسامة الزيد، قد أكد دعم سلوفانيا لموقف الكويت في قضية خور عبد الله والإتفاقية الكويتية العراقية بهذا الشأن والتي تم التوقيع عليها في عام 2012 وأودعت في الأمم المتحدة عام 2013.
جاء ذلك عقب زيارته والوفد المرافق إلى العاصمة السلوفينية لوبليانا، مشيراً إلى أنه «سيكون لها نتائج إيجابية في المستقبل». وكشف عن أن «الجانب السلوفيني أبدى تفهمه لموقفنا وأكد دعم بلاده للالتزام بالإتفاقية الدولية باعتبار أن هذا هو ما ينظم العمل عادة».
وفي أكتوبر الماضي أكد البرلمان العربي «أهمية الالتزام بالاتفاقيات الثنائية الموقعة بين دولة الكويت والعراق وكذلك بالقرارات الدولية ذات الصلة».
وقال البرلمان العربي في بيانه إنه «تابع قرار المحكمة الاتحادية العراقية في الرابع من سبتمبر 2023 والمتضمن إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية بين دولة الكويت وجمهورية العراق في (خور عبد الله)»، مشدد على «ضرورة احترام القرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 لعام 1993»، مشددا على «ضرورة استكمال الطرفان ترسيم الحدود البحرية بين البلدين إلى العلامة 162 استنادا إلى ما نصت عليه قواعد القانون الدولي في هذا الشأن».
مستندات تؤكد أحقية الكويت في خور عبد الله
وكان الباحث والأكاديمي الكويتي الدكتور فيصل الوزان، قال إن «حكم المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء الاتفاقية الموقعة عام 2012 بين دولة الكويت والعراق بشأن خور عبد الله يتعارض مع القانون الدولي ويظهر عدم احترام والتزام الجانب العراقي بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية».
وقال الوزان عبر ورقة بحثية، إن «حكم المحكمة العراقية يتعارض مع القانون الدولي الذي يحكم الاتفاقيات الثنائية»، وفق «كونا».
وأشار إلى أن الحكم العراقي تجاوز الجوانب الفنية للاتفاقية إذ «تضمن ادعاءات عراقية تاريخية باطلة ومتكررة تجاه الكويت كما يتجاهل جميع الاتفاقات الموقعة بين البلدين التي يعود تاريخها إلى عام 1932 بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 833».
وذكر الوزان أنه في عام 1994 في أعقاب المحاولة العراقية الفاشلة لإعادة غزو الكويت، وافق نظام صدام حسين على الاعتراف بسيادة الكويت وحدودها حيث أرسلت بغداد رسائل إلى الأمم المتحدة لإثبات موقفها أمام المجتمع الدولي وتوثيقه.
اقرأ ايضا
البرلمان العربي يؤكد أهمية الالتزام بالاتفاقيات الثنائية والدولية المتعلقة ب (خور عبد الله)
أكاديمي كويتي: حكم المحكمة الاتحادية العراقية بشأن اتفاقية خور عبد الله يتعارض مع القانون الدولي