خليجيون| الجنيه يحبس أنفاس المصريين قبل قرار المركزي
تترقب الأوساط الاقتصادية والمصرفية المصرية في مصر قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بشأن سعر الفائدة مساء اليوم الخميس، وسط تكهنات قوية عن تحرير سعر صرف العملة المحلية «الجنيه» فيما يعرف بـ«التعويم»، بينما اختلف خبراء الاقتصاد حول توقيته.
وتواجه مصر أزمة شديدة في نقص المعروض من العملة الأميركية عقب خروج نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة، إثر اندلاع الحرب الروسية مخلفة فجوة دولية ظهرت معها السوق الموازية «السوداء» للعملة.
هوس التعويم
في الوقت نفسه، عززت مخاوف انخفاض قيمة العملة الوطنية حالة الترقب لدى المصريين، ودفعت شرائح كبيرة لشراء الذهب والتحوط ضد احتمالية تخفيض قيمة الجنيه مجددا وفقدان جزء من قيمة مدخراتهم.
وارتفعت أسعار الذهب في مصر لمستويات تاريخية وتخطي سعر جرام الذهب عيار 21 الأكثر انتشارا في البلاد حاجز الـ4 آلاف جنيه لأول مرة في تاريخه.
رغم المخاوف والتوقعات الكبيرة بقرب حدوث التعويم، يرى المصرفي المصري وليد عادل رئيس قسم التسويات في المصرف المتحد أن قرار تحرير سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري «محفوف بعوامل أخرى منها القرار السياسي ومدى السيولة الدولارية لدى البنك المركزي».
اتفاق صندوق النقد الدولي
منذ مارس 2022، انخفضت قيمة الجنيه المصري نحو 50% مقابل الدولار. وأدى النقص الحاد في الدولار إلى تقليل الواردات وتراكم البضائع في الموانئ، مما كان له تأثير سلبي على الصناعة المحلي.
ورغم التخفيضات المتكررة في قيمة العملة، يبلغ سعر الدولار أكثر من 60 جنيهاً مصرياً في السوق السوداء، وفق جروبات لتداول العملة، مقارنة بسعر رسمي يبلغ 31 جنيهاً.
وتزايدت بقوة احتمالات تحرير سعر الجنيه مع تسرب تقارير حول تمكن مصر من التوصل لصيغة صفقة مبدئية مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قرض معدل يتضمن خفضا عاجلا لقيمة الجنيه.
لكن يرى الخبير المصرفي وليد عادل في تصريحات لـ «خليجيون» أن مصر «تواجه أزمات تتعلق بالأوضاع في المنطقة وتأثر الموارد الدولارية من إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج»، لافتا أنها «ظروف خارجة عن إرادة الدولة المصرية».
ويرجع عادل أسباب تعدد سعر الصرف في السوق المصري إلى «الفجوة الدولارية والمضاربات في السوق الموازية»، ولم يستبعد «حدوث اتفاق ما مع الصندوق على مسألة التعويم، لكنها تبقي رهنا بحسابات أخرى»، مستبعدا أيضا «تحريك سعر الصرف في اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس لأنه مخصص للبرامج لبحث سعر الفائدة».
من ضمن البدائل التي تتجه لها مصر هو اللجوء لصندوق النقد الدولي، إذ قالت وسائل إعلام محلية أن الحكومة توصلت إلى صيغة صفقة مبدأية مع صندوق النقد الدولي بشان برنامج قرض معدل ومن مقترحات هذا البرنامج خفض عاجل للجنيه مقابل الدولار مقابل زيادة قيمة البرنامج من 3 مليار إلى 7 مليار دولار.
في المقابل يصف الخبير الاقتصادي أحمد خزيم قرار التعويم دون اتخاذ الإجراءات اللازمة وفي مقدمتها توفر حصيلة دولارية تلبي الاحتياجات وتنهي المضاربة في الأسواق الموازية بأنه «فعل انتحاري»، محذرا من »أزمات أخرى من بينها ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير نتيجة لارتفاع سعر الدولار وتقويمه بأسعار السوق السوداء خاصة في الذهب والحديد والعقود الآجلة بجانب السلع المستوردة».
ويرى خزيم في اتصال إلى «خليجيون» أنه لا توجد مشكلة في تحرير سعر الصرف في حد ذاته شريطة «توفير اعتمادات دولارية للشركات والمصانع والمستوردين، بخلاف أقساط الديون وفاتورة الاستيراد الحكومية»، مستبعدا «إقدام الحكومة على تحرير سعر الجنيه قبل توافر الدولار وإلا ستحدث ارتفاعات كبيرة في الأسعار كما حدث في بعض الدول».
ساويرس ينادي بالتعويم
ينتقد كثير من الاقتصاديين ورجال الأعمال والإعلاميين تأخر الحكومة المصرية في اتخاذ قرار تحرير سعر الجنيه، مؤكدين متحدثين عن «وقوع البلاء ولا انتظاره»، في إشارة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد نتيجة تعدد سعر الصرف.
ويصف الملياردير المصري نجيب ساويرس، التأخير في القرارات الاقتصادية المطلوبة بـ«المصيبة»، في منشور على موقع التواصل الاجتماعي «X»، مشيراً إلى أن التأخير يزيد من حجم الوضع الحرج.
أما الإعلامية المصرية لميس الحديدي، فقد تحدثت عن «أنباء متواترة عن اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي، لزيادة قيمة قرض صندوق النقد من 3 إلى 7 أو ثمانية مليارات دولار خلال سنوات، إضافة إلى 750 مليون دولار من المراجعتين الأخيرتين».
وأكدت عبر برنامجها «كلمة أخيرة» على شاشة ON: «إمكان أن يجري البنك المركزي خفضا عاجلا لسعر الصرف»، لكنها أردفت: «إالاقتصاد ليس سر حربي ولا أمن قومي وأن الحكومة لازم تخبيها ده أكل عيش الناس.. والتأخير في الشفافية يؤدي لزيادة الفجوات».