دولة خليجية تستضيف اجتماعا نادرا بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»
اجرى قادة كبار من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ثلاث جولات حوار هذا الشهر في البحرين في أول تواصل على هذه الدرجة بين الجانبين المتحاربين في الصراع المستعر منذ تسعة أشهر.
ونقلت وكالة رويترز عن أربعة مصادر، بينهم اثنان حضرا المحادثات، إنه على عكس المحادثات السابقة المتعلقة بالحرب في السودان، حضر ممثلون مؤثرون من القوتين ومسؤولون من مصر الداعم الرئيسي للجيش ومن الإمارات الداعم الرئيسي لقوات الدعم السريع اجتماعات المنامة.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة والسعودية أيضا حضرتا المحادثات غير المعلنة التي جاءت بعد محاولات متكررة من جانب القوتين ومن دول شرق أفريقيا أيضا للتوسط في وقف لإطلاق النار والتوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الحرب دون تحقيق تقدم يذكر.
ويدور القتال في السودان منذ 15 أبريل 2023، بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بلقب حميدتي.
وادت الحرب إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص بحسب «مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها» (أكليد)، وهي منظمة غير حكومية يستند إلى حصيلتها مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا».
ودمر القتال أجزاء من السودان بما فيها العاصمة الخرطوم وأودى بحياة أكثر من 13 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وأثار تحذيرات من حدوث مجاعة وخلق أزمة نزوح.
وشارك في محادثات أجريت العام الماضي في مدينة جدة السعودية مسؤولون على مستوى أدنى ولم يحافظ أي طرف منهما على التزاماته.
وفي المقابل، قالت المصادر إن الجيش في العاصمة البحرينية المنامة مثله اللواء شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للقوات المسلحة، ومثل قوات الدعم السريع اللواء عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقال أحد المشاركين إن الجانبين اتفقا مبدئيا على إعلان مبادئ يشمل الحفاظ على وحدة السودان وجيشه. وأضاف المصدر أنه من المزمع إجراء مزيد من المحادثات لمناقشة وقف إطلاق النار، لكن اجتماعا للمتابعة تأجل الأسبوع الماضي.
ويشير آلان بوسويل المحلل من مجموعة الأزمات الدولية إلى إنه على الرغم من عدم تحقيق أي انفراجة، أظهرت الاجتماعات أن حلفاء القوتين المتحاربتين الذين يشعرون بالقلق من انحدار البلاد نحو فشل الدولة، تمكنوا من ممارسة ضغوط جديدة عليهما. وأضاف بوسويل «وجود مصر والسعودية والإمارات خلف جهد سلام واحد كان عنصرا مفقودا بشدة. وقد لا يكون ذلك كافيا لكنه ضروري فيما يبدو».
محلل من مجموعة الأزمات الدولية: رغم عدم تحقيق أي انفراجة.. أظهرت الاجتماعات أن حلفاء القوتين المتحاربتين يشعرون بالقلق
ولم تشارك الإمارات عن كثب في المحادثات السابقة حين تابعت مصر مناقشات موازية. ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن هناك أدلة موثوق بها على أن الإمارات دأبت على تسليح قوات الدعم السريع مما ساعدها على تحقيق تقدم وهو ما تنفيه الدولة الخليجية.
ورفض ممثلو الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والإمارات التعليق. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة "مستعدة للشراكة مع الأطراف الإقليمية صاحبة النفوذ على المتحاربين" لكنه رفض التعليق على المفاوضات.
تقدم قوات الدعم السريع
تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء الخرطوم وغرب السودان حيث تُتهم بممارسة تطهير عرقي وحققت في الآونة الأخيرة تقدما عسكريا سريعا أثار مخاوف من احتمال تفكك البلاد، ثالث دول أفريقيا من حيث المساحة.
وفي هذا الشهر، توغلت قوات الدعم السريع شرقا بعيدا عن معاقلها في دارفور وهاجمت بابنوسة في ولاية غرب كردفان. وانتشرت قواتها أيضا في ولاية الجزيرة التي اجتاحتها الشهر الماضي. وفي الوقت نفسه، تقدم الجيش لاستعادة مناطق من العاصمة، ويستقطب ويسلح مدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرته.
وفي محاولة واضحة لتلميع صورته، بدأ حميدتي قائد قوات الدعم السريع الذي لم يكن يُعرف مكان وجوده خلال الحرب من قبل، جولة إقليمية في وقت سابق من هذا الشهر. واستقبله رسميا عدد من الزعماء الأفارقة مما أثار إدانات من الجيش.
وأرجأ حميدتي قمة كانت مقررة مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، في جيبوتي قال وسطاء إقليميون إن الرجلين وافقا عليها وأشاروا إلى مشكلات فنية كسبب لعدم ذهاب حميدتي على الرغم من سفره إلى دول أخرى.
وقال البرهان في اجتماعات مع الجنود هذا الأسبوع إن الحرب ستستمر ما لم تتمخض المفاوضات عن تقديم جنود قوات الدعم السريع إلى العدالة وإعادة المدنيين إلى ديارهم.
بدوره، أعلن المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأربعاء أن المعارك في السودان أدت إلى نزوح حوالى ثمانية ملايين شخص، وذلك خلال زيارة له الى اثيوبيا، داعياً إلى تقديم مساعدة عاجلة لتلبية احتياجاتهم.
«»
وقال غراندي في مؤتمر صحفي عقده في اديس ابابا إن النزاع أدى إلى «تهجير حوالى 8 ملايين شخص من ديارهم في السودان، نزح غالبيتهم داخلياً، وإلى الخارج أيضاً بشكل متزايد». وأضاف أن «أكثر من 1، 5 مليون لجأوا إلى الدول المجاورة: مصر وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا».
وانتقد المفوض كون «الأزمة في السودان التي تسببت بمعاناة إنسانية هائلة تواجه ضعفا في التمويل» مشيراً إلى أنه تم توفير "أقل من 40% من الميزانية" المطلوبة العام الماضي. وأكد أن «هذا غير مقبول. أنا أفهم أن هناك أزمات أخرى أكثر وضوحا. لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد حاجة ملحة».
اقرأ المزيد:
بيان كويتي سعودي مشترك يبعث برسائل قوية لإيران والعراق.. ويتناول قضايا فلسطين واليمن والسودان