خليجيون| شبح الحشد الإيراني يلاحق جوار السودان
في خضم مساع أميركية نحو توجيه «رسائل ردع» إلى إيران عبر حلفائها المسلحين في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، ثمة مخاوف من تمدد إيراني في الأراضي السودانية، باتت تظهر مؤشراته على الأرض، مايطرح أسئلة حول تبعات التمدد الإيراني المحتمل على مستقبل السودان وجواره العربي.
ويتحرى الجيش السوداني الصمت حيال تسريبات إعلامية عن حصوله على شحنات أسلحة إيرانية وطائرات مسيّرة من طراز «مهاجر 6». وهو ما اعتبرته وكالة بلومبرغ الأميركية إشارة على الاهتمام الإيراني بالسودان.
مومتد حدود السودان البحرية إلى حوالي 670 كم، وبالسيطرة على الموانئ السودانية، ستحصل إيران وحلفاؤها على موطئ قدم في ممر تجاري بالغ الأهمية بالقرب من اليمن والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، حسب «بلومبرغ».
دور إيراني متزايد
سيناريو يراه الباحث في الشأن الإيراني علي رجب، في تصريح إلى «خليجيون»مجرد محاولة «لإظهار تعاظم الدور الإيراني في السودان في رسالة مبطنة للمملكة العربية السعودية، وأنه يمكن محاصرة الرياض من كل الاتجاهات في اليمن جنوبا والسودان غربا والعراق شمالا»
*#عاجل*
*الاعلامي الربيع الجيش السوداني الموجود في السعودية اصبح الان يمثل خطراً علي السعودية بعد دعم ايران لاحد اطراف الصراع في السودان* pic.twitter.com/yeZ5cM2ak6— عبدالمنعم الربيع_Alrabea (@alrabea_abdo) January 29, 2024
لكن لا تستبعد الدكتور أماني الطويل خبيرة الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات ظهور أي ميليشيات أو حركات في بلد تعمه الفوضي والحروب والصراعات سواء في السودان أو غيره، مؤكدة لـ «خليجيون» أن «ظهور الأسلحة الإيرانية في الساحة السودانية هو دليل حي على نفوذ إيراني أي كان حجمه».
خالد محي الدين متحدثا عن توغل ايران في السودان بأمر من الحركة الاسلامية المتطرفة
والمسيرات الايرانية والحرس الثوري والمدربين والمهندسين#ايران_تدعم_البرهان pic.twitter.com/DrhgrBjIRR— Eptihal (@Epthal979) January 31, 2024
لغز ظهور الكيزان
مع استمرار الحرب في السودان منذ أبريل العام 2023، وعدم وجود بصيص أمل لحل في الأفق، تزايدت التدخلات الدولية التي تبحث عن مصالح لها في السودان، مراهنة على الفصائل المختلفة، بغية كسب المزيد من النفوذ في بلد يسوده الاضطراب.
ومن ثم، ظهرت مؤخرا سيطرة محور الحركة الإسلامية أو ما تعرف بـ«الكيزان»، والتي ما تزال ترتبط بعلاقات مع إيران وكان مُنظرها وقائدها السابق حسن الترابي من الموالين لها، وفق تقرير لـ أريج الحاج، الباحثة في مجال العلاقات الدولية والأمن القومي على موقع «فكرة».
لكن يستبعد خبير الشأن الإيراني في اتصال لـ «خليجيون» فكرة ظهور « حشد شعي» إيراني في السودان لأسباب كثيرة منها أن الحشد في العراق قائم على مذهبية دينية وولاء للخوميني بعكس الوضع في السودان الذي يكاد يخلو من وجود شيعي مؤثر، لافتا أن الولاء لإيران في كل مناطق نفوذها بالمنطقة قائم على الولاء للمذهب أولا.
رجل إيران في السودان
ويري رجب أن «الحديث عن حشد شيعي إيراني يرتبط بـ(قطب المهدي)، كان يشغل منصب مستشار الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير ومهندس العلاقات السودانية الإيرانية ولاعب دور في عملية دعم الجيش السواني بالمسيرات الإيرانية (مهاجر6) مؤخرًا».
لكن، تاريخياً، ربطت علاقة قوية بين كيزان السودان وباقي التنظيمات الإسلامية في المنطقة مثل حماس والقاعدة وحزب الله، وفي السابق كانت العلاقة وثيقة بين إيران والسودان، الذي كان تحت حكم الحركة الإسلامية السودانية التي كانت بزعامة الترابي والرئيس البشير منذ عام 1989، واستمرت هذه العلاقة حتى يناير 2016، حيث انقطعت في «العلن» نتيجة لاقتحام سفارة السعودية في طهران.
وفي خطوة اعتبرت بمثابة إحياء للعلاقات القديمة، صدر بيان عن الحكومة السودانية في أكتوبر 2023 يفيد بأن الدولتين إيران والسودان «ناقشتا استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتسريع خطوات إعادة فتح السفارات بينهما».
ونشرت وسائل إعلام حينها أن: «طهران تلقت وعدًا من قيادات محسوبة على الحركة الإسلامية بالتعاون معها وتسهيل مد نفوذها في البحر الأحمر إن قدمت للجيش دعمًا عسكريًا سخيًا يساعده على الصمود في الحرب».
مبارك حذر مبكرا
في هذه الأثناء، يرصد محللون قلقا متزايدا من ظهور حشد شيعي، وما قد يحمله من تهديدات محتملة لأمن دول الجوار العربي وتحديدا مصر وليبيا.
وتقول خبيرة الشؤون الأفريقية أماني الطويل إن «أية ميليشيات أو جماعات مسلحة خارجة عن سيطرة الجيش النظامي السودان خطر مباشر على مصر وليبيا وغيرها من جيران السودان، لأن الجماعات المسلحة يصعب السيطرة عليها في وقت يسهل اقتيادها وتوجيهها».
في حين يؤكد الخبير في الشأن الإيراني علي رجب أن «السودان لا يحتمل وجود ميلشيات جديدة في الساحة قائلا «كل فصيل في السودان الآن لديه ميليشيا مسلحة سواء في كردفان أو أم درمان وغيرها من المناطق، و ميليشيا الحشد الشعبي لن تجد لنفسها موطئ قدم».
في الوقت نفسه، يرغب الجيش السوداني في إنهاء الحرب والتفاوض، ويقول رجب «البرهان يحتاج لدعم القاهرة ويعلم جيدا أن وجود ميليشيا تابعة لإيران في السودان لن ترضى به مصر الجار القوي والداعم الأكبر لاستقرار الدولة السودانية ما يجعل فكرة خطرة»، مذكرا بفيديو شهير للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك حينما هدد البشير بضرب أي قواعد إيرانية في السودان.
ايران النهاردة بدأت تحط رجلها فى السودان
اتمنى ضربها pic.twitter.com/7KBQfFqOug— Karim Gahin (@karimGahin1) January 30, 2024
ليبيا وسيناريو الحشد الشعبي
وتتضاعف التحديات مع هذا السيناريو في ليبيا التي تعاني انقساما سياسيا وأمنيا، خصوصا الوضع في الجنوب الليبي الذي يعاني من تحديات أمنية واجتماعية كبيرة بالفعل.
وإذ يقر يوسف الفارسي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة درنة بما عانته ليبيا على مدار أكثر من عقد من نقل جماعات الإرهابية وتهريب الأسلحة، إلا أن الفارسي قال في تصريح إلى «خليجيون» إلى أن «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر «يؤمن الحدود الليبية بشكل كامل، ولن يؤثر سيناريو الحشد الشعبي والمسيرات الإيرانية على أمن الحدود الجنوبية».
ومؤخرا، وبموازاة حديث البرهان عن حلول سياسية داخل السودان، كان تقدم الجيش السوداني في معارك أم درمان والخرطوم بعد استلام أسلحة جديدة «غير محددة المصدر»، مما أحدث تغييرا في استراتيجيته الجيش العسكرية والسياسية ومثل تحولا في مسار الحرب،
اقرأ المزيد:
طبول حرب شرق السودان.. 5 معسكرات لتدريب المقاتلين في إريتريا
دولة خليجية تستضيف اجتماعا نادرا بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»