خبراء الأرصاد تفوقوا عليهم.. فقدان الثقة باقتصاديي دافوس
فشلت توقعات خبراء الاقتصاد بمنتدى دافوس الاقتصادي في يناير الماضي، إذ أخطأت تقديراتهم من حيث التنبؤ بتطورات الأوضاع الاقتصادية في ظل وباء كوفيد والغزو الروسي لأوكرانيا و النزاع في الشرق الأوسط، كما اعتبر محللون أن خبراء الأرصاد تفوقت توقعاتهم عن اقتصاديو دافوس.
وتوقع أكثر من نصف كبار الاقتصاديين في منتدى دافوس الاقتصادي الذي عُقد من 15 إلى 19 يناير الماضي بسويسرا، أن يضعف الاقتصاد العالمي هذا العام، بينما توقع 43% منهم عدم تغير الظروف أو أن تكون أقوى، فيما تعتقد أغلبية كبيرة أيضًا أن أسواق العمل “77%” والأوضاع المالية “70%” سوف تتحسن خلال العام المقبل.
لاغارد: أقوالهم متشابهة
وعلى رأس منتقدي خبراء الاقتصاد، جاءت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد التي قالت إن «العديد من خبراء الاقتصاد هم في الواقع عبارة عن زمرة قبلية»، في إشارة إلى غياب الانفتاح على توجّهات علمية أخرى، وفقا لوكالة أنباء فرانس برس.
وأضافت لاغارد أن «الخبراء يقتبسون أقوال بعضهم بعضا.. لا يتجاوزون حدود عالمهم لأنهم يشعرون بالارتياح فيه».
البنك الأوروبي استند على توقعات خاطئة
وصرحت لاغارد بأن التوقعات التي استندت إليها قرارات البنك المركزي الأوروبي «لم تكن صحيحة على الدوام ولم تأخذ نماذجها العوامل المرتبطة بالأزمات في الاعتبار».
وسخر كبير خبراء اقتصاد منطقة اليورو لدى مصرف «آي إن جي» بيتر فاندن هوت من آراء الخبراء قائلا إن «العالم تغيّر بعض الشيء». وقال فاندن هوت إن «إمكان الوثوق بالنماذج التي نستخدمها حاليا أقل نظرا إلى وجود العديد من العوامل التي يصعب دمجها» فيها.
وأشار خصوصا الى اضطراب سلاسل الإمداد بعد الوباء ونقص العمالة والتوترات الجيوسياسية.
الافتقار إلى الخيار
واعتبر خبير الاقتصاد لدى «أليانز تريد» إن «مصدر الفشل ليس النماذج الاقتصادية، بل افتقار خبراء الاقتصاد إلى الخيال». وأضاف «استقروا على أمجادهم الماضية» بعد 30 عاما من العولمة «سرى كل شيء خلالها على ما يرام».
ركود لم يحدث
ولجأت المصارف المركزية لرفع معدلات الفائدة لمنع خروج الاقتصادات عن السيطرة، بعدما حذّر الخبراء من أن النمو في البلدان المتقدمة سيسجّل تراجعا حادا أو حتى انكماشا في 2023.
في حين سجل اقتصاد الولايات المتحدة نموا العام الماضي بينما بقي اقتصاد منطقة اليورو، باستثناء ألمانيا، ضمن منطقة النمو. و رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام 2024 إلى 3، 1 في المئة، عازيا الأمر الى الصمود غير المتوقع في اقتصادات رئيسية ناشئة ومتقدمة، بما فيها الولايات المتحدة والصين.
وقال استاذ الاقتصاد في جامعة برنستون ألان بلايندر لفرانس برس «هناك أحجية في تباطؤ التضخم الواضح هذا».
خبراء الأرصاد تفوقوا على الاقتصاديين
وترى الحائزة جائزة نوبل في الاقتصاد إستر دوفلو في مقابلة مع بأن خبراء الاقتصاد تراجعوا إلى «المرتبة الأخيرة» على قائمة المهن الأكثر جدارة بالثقة، ليتفوق عليهم حتى خبراء الأرصاد الجوية.
الأمر الذي أدى إلى محاولات للتغيير. ففي يوليو، عيّن بنك انكلترا الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي الأميركي بن بيرنانكي ليقود مراجعة لسير عمليات التوقع التي يعتمد عليها المصرف بعدما واجه انتقادات لفشله في توقع التضخم المرتفع.
كما استبدل بنك كندا نماذجه القديمة بمنهجيات استشرافية أكثر.
نماذج لم تعد مقبولة
وقال فاندن هوت «الجميع يعلم بأن النماذج الحالية لم تعد مقبولة لوضع توقعات جيدة.. نحتاج إلى التفكير بشكل مختلف أو على الأقل الى توسيع النماذج عبر إدماج عناصر أخرى».
بعد سنوات من التضخم المنخفض، أدت إعادة فتح اقتصادات العالم إلى ارتفاع الأسعار التي ازدادت أكثر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لتثبت عدم صحة تطمينات لاغارد ورئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول الى أن الزيادات ستكون «عابرة» فحسب.
واضطرت المصارف الركزية لرفع معدلات الفائدة مرّات عدة لمكافحة التضخم. وبينما تراجعت زيادات الأسعار في الشهور الأخيرة، أبقى صانعو السياسات المعدلات مرتفعة بانتظار تحديد إن كان بإمكانهم خفضها لاحقا هذا العام.
آراء خبراء دافوس
وكان تقرير مركز الاقتصاد والمجتمع الجديد التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي حمل عنوان «الآفاق الاقتصادية لكبار الاقتصاديين» لشهر يناير الماضي، أن تظل الآفاق الاقتصادية العالمية هذا العام ضعيفة ومليئة بعدم اليقين.
وأشار التقرير الذي اعتمد على عدد آراء اقتصاديون دافوس، إلى أنه هناك حالة عدم اليقين في البيئة الاقتصادية بوضوح من خلال نتائج الاستطلاع الذي أجراه المنتدى على مدى شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبرالماضيين.
وتعمق تحليل الاقتصاديون في تلخيص السمات البارزة للوضع الاقتصادي الحالي، ويحدد أولويات العمل المستقبلي لصانعي السياسات وقادة الأعمال للتصدي لتفاقم الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي نتيجة التحولات الجيواقتصادية والجيوسياسية.