العراق يواجه الضربات الأميركية بورقة قوات التحالف.. وواشنطن: «لا حلول دبلوماسية»
في حين عبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في اتصال مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن أمس الثلاثاء عن رفض الحكومة للهجمات الأميركية على البلاد وضرورة وقفها، فقد داعا في الوقت نفسه إلى ضرورة لعودة إلى الحوار وطاولة المفاوضات لبحث مستقبل التحالف العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، فيما عده مراقبون ورقة ضغط عراقية أمام الإصرار الأميركي على استمرار الضربات.
في المقابل قال متحدث إقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركي إنه لا مجال للحلول الدبلوماسية فيما يتعلق بالضربات الأميركية لمواقع الفصائل التابعة لإيران في المنطقة، مشيرا إلى أن وقف هذه الضربات مرهون بوقف إيران لدعمها وتمويلها للجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران.
وبدأت المحادثات بين أميركا العراق لبحث مستقبل التحالف العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في يناير، لكن بعد أقل من 24 ساعة قُتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم قالت الولايات المتحدة إن فصائل متحالفة مع إيران في سوريا والعراق شنته. وتوقفت المحادثات منذ ذلك الحين.
غارات أميركية على سوريا والعراق
وشن الجيش الأميركي غارات جوية يوم الجمعة في كل من العراق وسوريا على أكثر من 85 هدفا مرتبطا بالحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه ردا على هجوم على جنوده في الأردن. وقال بيان الخارجية العراقية إن حسين شدد خلال مكالمته مع بلينكن على رفض الحكومة العراقية لمثل هذه الهجمات وأبلغه أن «العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة»، وفق وكالة فرانس برس.
وللولايات المتحدة 2500 جندي في العراق يقدمون المشورة والمساعدة للقوات المحلية لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي سيطر في عام 2014 على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا قبل هزيمته. ويشارك في التحالف أيضا مئات الجنود من دول معظمها أوروبية.
وتقول الحكومة العراقية إن تنظيم داعش هُزم وأن مهمة التحالف انتهت، لكن من المرجح أن يؤدي الانسحاب الأميركي إلى زيادة القلق في واشنطن بشأن نفوذ إيران على النخبة الحاكمة في العراق. ويحرص العراق على استكشاف إقامة علاقات ثنائية مع أعضاء التحالف، بما في ذلك التعاون العسكري في مجال التدريب والعتاد.
وطالب حسين رسميا وزارة الخزانة الأميركية بإعادة النظر في العقوبات التي فرضتها على العديد من البنوك العراقية، وتساءل عما إذا كانت تلك العقوبات قد فرضت بسبب قضايا الامتثال أو «لأسباب سياسية أخرى». وفي يوليو منعت واشنطن 14 بنكا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار في إطار حملة أوسع نطاقا على الاستخدام غير المشروع للدولار.
متحدث باسم الخارجية الأميركية: لا حلول دبلوماسية
في المقابل، وردا على سؤال حول الضربات التي تنوي الولايات المتحدة تنفيذها ضد مواقع فصائل تابعة لإيران في سوريا والعراق والمنطقة، قال وربيرغ في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي أمس الثلاثاء إنه لن يتم تحديد ذلك. وأضاف «نحن نقوم بردود الفعل المناسبة تجاه الهجمات الإيرانية على مواقعنا، فهي هجمات غير مبررة وغير قانونية وإجرامية ضد المواطنين الأميركيين وضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة».
كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن أن الضربات الأميركية التي استهدفت مواقع لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والفصائل المرتبطة به في العراق وسوريا جاءت ردا على مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين بهجوم طائرة مسيّرةٍ مفخخة على قاعدة على الحدود السورية الأردنية في 28 يناير كانون الثاني.
ويعتبر فيلق القدس الجناح المسؤول عن العمليات الخارجية والذراع شبه العسكرية للحرس الثوري الإيراني الذي له نفوذ قوي في دول بمنطقة الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان والعراق واليمن وسوريا.
وفيما يتعلق بالجهود الدبلوماسية التي يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بها للتهدئة وإيقاف ضرباتها في المنطقة، شدد وربيرغ على أنه «لا حلول سياسية أو دبلوماسية»، لافتا إلى أن وقف الضربات الأميركية مرهون بوقف إيران لدعمها وتمويلها للميليشيات ومن ضمنها حزب الله في المنطقة حسب تعبيره. وأضاف وربيرغ قائلا «إذا لم تفعل (إيران) ذلك، فستقوم الولايات المتحدة بحماية نفسها وتقوم بالردود بالوسائل التي تراها مناسبة كما رأينا مؤخراً».
رسالة واضحة إلى إيران
وردا على سؤال حول ما إذا كانت العمليات الأميركية في المنطقة ستكون مفتوحة بلا نهاية في حال لم ترضخ طهران لطلب أميركا بوقف الدعم والتمويل للقوى التابعة لها، قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية «هذه بداية ردنا وليست نهايته»، مرددا تصريحات مسؤولين أميركيين بينهم وزير الدفاع لويد أوستن بهذا الشأن.
وتعليقا على تصريحات بايدن بشأن عزمه الاستمرار في تنفيذ «ردود أخرى في المكان والزمان الذي تختاره الولايات المتحدة للوقوف في وجه الهجمات الإرهابية"، قال وربيرغ إنها "رسالة واضحة جداً" من البيت الأبيض ولا تحتاج لتفسير.
ونفذت الولايات المتحدة غاراتها الجوية التي شملت استخدام قاذفات بي-1 بعيدة المدى على أكثر من 85 هدفاً في كل من العراق وسوريا. وقال الجيش الأميركي في بيان إن القصف أصاب أهدافاً تشمل مراكز قيادة وتحكم ومنشآت لتخزين الصواريخ وقذائف وطائرات مسيرة وكذلك منشآت لوجستية وسلاسل إمداد ذخيرة. ورغم وقوع ضحايا إلا أنه لم يتضح ما إذا كان أي عنصر من الفصائل التابعة لإيران قد قتل.
ولم تستهدف الضربات الأميركية أي مواقع داخل إيران، وكان مسؤولون أميركيون قد أكدوا على عدم نية بلادهم الدخول في حرب مباشرة مع إيران وأن طهران كذلك لا تريد حرباً معهم، وهو ذات الشيء الذي أكده وربيرغ أيضا.
كان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد قال قبيل الضربات الأميركية إن إيران لن تبدأ حربا لكنها «سترد بقوة» على أي أحد يحاول الاستئساد عليها. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على الحرس الثوري الإيراني بالتزامن مع الضربات العسكرية، وكانت واشنطن قد توعدت بالردّ على مقتل جنودها، بينما نفت إيران في عدة تصريحات رسمية علاقتها بالهجوم على القاعدة الأميركية.
وحذرت سوريا في أول رد فعل لها على الغارات التي نفذت على أرضها من أن تلك الضربات «ستؤجج الصراع في الشرق الأوسط بشكل خطير»، أما العراق فاعتبر الضربات الأميركية انتهاكاً لسيادته، فيما أكدت واشنطن أنها أبلغت بغداد بالهجوم قبل تنفيذه.
وتتواصل أيضاً الضربات التي تنفذها الولايات المتحدة، وحلفاء لها على أهداف للحوثيين في اليمن، لوقف هجماتهم، التي يشنونها ضد السفن العابرة للبحر الأحمر، في منطقة باب المندب، تضامناً مع الفلسطينيين، في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وفي آخر تلك العمليات، قال الجيش الأمريكي إنه شن الإثنين 5ضربة ضد زورقين مسيرين مفخخين، تابعين لجماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن، بعد غارات كانت قد نفذتها طائرات أميركية وبريطانية واستهدفت مواقع للجماعة في اليمن. من جهتهم أعلن الحوثيون من أن المصالح الأميركية والبريطانية في المنطقة ستكون أهدافاً مشروعة لهم.
اقرأ المزيد:
تركيا تراهن على التعاون مع مصر في إنتاج «الطائرات المُسيرة»
أميركا تحشر «التطبيع» مع إسرائيل في دائرة الجدل.. غموض كيربي و «رد» االرياض