خليجيون| هواجس فيتنام وداعش تحاصر الانسحاب الأميركي من العراق
مع استمرار الضربات الأميركية لمواقع يعتقد أنها لجماعات متحالفة مع إيران في العراق، تصاعدت وتيرة الخطاب الرسمي والشعبي العراقي الداعي إلى انسحاب قوات التحالف، وسط مخاوف أميركية تحول الساحة العراقية إلى فيتنام جديدة، في مقابل قلق بغداد من عودة تنظيم داعش بعد 10 أعوام من التخلص منه.
العراق الرسمي رفض على لسان وزير خارجيته الهجمات الأميركية على البلاد وطالب بوقفها، داعيا في الوقت نفسه إلى «ضرورة لعودة إلى الحوار وطاولة المفاوضات لبحث مستقبل التحالف العسكري الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق»، فيما عده مراقبون ورقة ضغط عراقية أمام الإصرار الأميركي على استمرار الضربات».
رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي، الدكتور العراقي غازي فيصل، يفسر مطالبة الحكومة العراقية بانسحاب قوات التحالف الدولي في هذا التوقيت«بانتهاء مهمة تلك القوات الدولية التي أتت من أجلها للعراق وهي محاربة الإرهاب والتنظيمات المسلحة وفي مقدمتها تنظيم داعش وتنطيم حزب العمال الكردستاني».
عودة التنظيمات الإرهابية
في الوقت نفسه يحذر المحلل العراقي من عودة التنظيمات الإرهابية في حالة ظهور خلل أمني في البلاد عقب خروج قوات التحالف الدولي من العراق، خاصة في ظل وجود نحو 3 آلاف إرهابي من داعش في العراق ونحو 20 ألفا في سوريا.
المخاوف نفسها يعبر عنها الدكتور عمرو الشوبكي المحلل السياسي المصري، مؤكدا أن« عودة تلك التنظيمات أمر غير مستبعد في حال انسحاب القوات الدولية وعدم إمساك القوات العراقية سواء قوات مسلحة أو الأمنية والاستخباراتية بزمام الأمور مبكرا». ويرى الشوبكي في اتصال لـ «خليجيون» أن «أيام القوات الأميركية في العراق بات معدودة»، لافتا أن «ثمة اجتماعات جرت بين الحكومة العراقية والمسئولين الأميركيين بشأن جدولة الانسحاب وتسارع الخطي لخروج القوات الأجنبية».
وشن الجيش الأميركي غارات جوية يوم الجمعة في كل من العراق وسوريا على أكثر من 85 هدفا مرتبطا بالحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه ردا على هجوم على جنوده في الأردن. وقال بيان الخارجية العراقية إن حسين شدد خلال مكالمته مع بلينكن على رفض الحكومة العراقية لمثل هذه الهجمات وأبلغه أن «العراق ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة»، وفق وكالة فرانس برس.
ويوم الأربعاء، قالت القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم»، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إن الضربة الجوية جاءت «ردًا على الهجمات على جنود أميركيين» وأدت إلى مقتل «قيادي في كتائب حزب الله كان مسؤولا عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة»، بحسب وكالة «فرانس برس».
خروج عاجل
ويرى المحلل السياسي المصري أن الحكومة العراقية في «خضم معادلة صعبة لارضاء التنظيمات المسلحة في البلاد وخاصة الموالية لإيران في مسألة خروج القوات الأجنبية من العراق خاصة بعد الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت جماعات تابعة لإيران في العراق».
وبدأت المحادثات بين أميركا العراق لبحث مستقبل التحالف العسكري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في يناير، لكن بعد أقل من 24 ساعة قُتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم قالت الولايات المتحدة إن فصائل متحالفة مع إيران في سوريا والعراق شنته. وتوقفت المحادثات منذ ذلك الحين. لكن الشوبكي يستبعد تحول العراق إلى «فيتنام» أخرى للقوات الأميركية، مفسرا ذلك بالقول إن «العراقيين يصرون هذه المرة على خروج القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي».
ورقة التحالف
في هذه الأثناء ترى واشنطن أنه لا مجال للحلول الدبلوماسية فيما يتعلق بالضربات الأميركية لمواقع الفصائل المتحالفة مع إيران في المنطقة، مشيرة على لسان متحدث إقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركي إلى أن «وقف هذه الضربات مرهون بوقف إيران لدعمها وتمويلها للجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران».
ورغم ذلك، يتوقع الدكتور غازي فيصل « انسحابا سلسا للقوات الأميركية دون عقبات وفتح المفاوضات لخروج القوات الدولية تدريجيا من العراق من الآن إلى نهاية العام الجاري. ويلفت فيصل إلى «استمرار العمل باتفاقية الاطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق التي وقعها نور المالكي رئيس الوزراء في 2008 وصادق عليها مجلس النواب بقانون 2009 إذ تبقي هذه الاتفاقية نافذة لأنها تنظم العلاقات الاقتصادية ووالثقافية والاجتماعية والتكنولوجية اضافة غلى العسكرية والأمنية بين الطرفين».
ورغم المخاوف من خروج قوات التحالف الدولي، يشير المحلل السياسي العراقي إلى «تأكيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء على أهمية الانتقال في العلاقة بين الدول، التي شاركت في الحرب على الإرهاب (82 دولة) إلى آفاق التعاون المدني والاستثمارات والتكنولوحية والاستفادة من مستشارين من هذه الدول للتدريب والدعم الاستخباراتي واللوجسيتي وتطوير قدرات القوات المسلحة العراقية.
ولم يخف فيصل مخاوف سياسيين ومحللين عراقيين من «فقد الامكانيات العسكرية لقوات التحالف وما كانت تملكه من طائرات رصد حديثة وأقمار اصطناعية وقدرات عالية على الرصد والعمل الاستخباراتي، وهو ما مكنها من اغتيال قادة تنظيم الدولة داعش وعلى رأسهن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، بخلاف قادة الإرهاب الذين جرى اغتيالهم في سوريا أو العراق أو الحدود التركية ولعبت دور بارز في هزيمة داعش».
اقرأ المزيد:
العراق يطارد العمالة الأجنبية المخالفة.. التسليم أو الترحيل
هل تتمكن المعارضة الموريتانية من «زحزحة الغزواني» عن الرئاسة؟