فلسطينيون عن مجازر متوقعة في رفح: ننتظر حكم الإعدام
روى فلسطينيون من بين مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا الى رفح في أقصى جنوب قطاع غزة شهاداتهم التي تعكس مخاف من وقوع «مجازر» بحال نفذّت إسرائيل تهديداتها بشنّ عدوان عسكري في المدينة، مع انعدام الخيارات المتبقية أمامهم، فيما اعتبروه «ترقب لحكم الإعدام»
وأعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أول من أمس الأربعاء أنه أمر الجيش بـ«التحضير»لهجوم على رفح القريبة من الحدود مع مصر، والتي باتت تستضيف أكثر من مليون شخص في ظل الدمار الواسع والمعارك في شمال القطاع ووسطه منذ اندلاع العدوان على غزة أكتوبر.
وقال عادل الحج الذي نزح الى رفح من مخيم الشاطئ في شمال القطاع «منذ أن هدد نتانياهو ونحن قلقون من أي اجتياح.. .ستكون هناك مجازر». وأضاف الرجل الأربعيني لوكالة فرانس برس «هناك أعداد كبيرة من النازحين والوضع صعب لا يوجد طعام ولا مياه الآن"، سائلا "ماذا لو حدث اجتياح لرفح، أين سنذهب؟ لا يوجد أصلا مكان في رفح للنازحين.. .أنا أعيش في خيمة».
وتكتظ المناطق الغربية لرفح بالنازحين الذين نصبوا الخيم وهياكل من أنابيب معدنية أو عصي وأغصان. ونصبت بعض الخيم على أعمدة صغيرة من الخشب غطيت بالنايلون أو القماش. وآثر العديد من النازحين البقاء في غرب المدينة القريب من البحر، خشية تعرضها لاجتياح من الجهة الشرقية القريبة من الحدود مع إسرائيل.
أي اجتياح سيبدأ من شرق رفح
ويوضح موظف في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) طلب عدم كشف اسمه «لاحظنا في الأيام الأخيرة أن النازحين يفضلون النزوح من المناطق الشرقية الجنوبية في رفح باتجاه المناطق الغربية.. .يعتقدون أن أي اجتياح سيبدأ من شرق رفح».
ومن هؤلاء أم أحمد البرعي (59 عاما)وهي نازحة من مخيم الشاطئ تقيم مع بناتها الأربع وثلاثة من أحفادها في هيكل من النايلون قرب مستشفى قطر الذي لم يكتمل بناؤه في غرب رفح.
وتقول «كنت مع بناتي في بلدة الزرايدة ثم نزحنا الى خان يونس ثم جئنا لمنطقة خربة العدس (في شمال شرق)رفح، وأمس جئنا الى المستشفى القطري عند أختي وعائلتها لأن نتانياهو هدد بعملية في رفح».
وتضيف «لا يوجد مكان آمن في كل قطاع غزة، واذا هجموا على رفح سوف ترتكب مجازر كبيرة وإبادة.. .لا أعرف إذا كنا سنستطيع الهروب الى مصر أم ستصل إلينا المجازر».
وتدرجت العمليات العدوانية الإسرائيلية بداية من شمال القطاع ومدينة غزة، وصولا الى المناطق الوسطى خصوصا مخيمات اللاجئين، وبعدها خان يونس كبرى مدن الجنوب والتي تشهد منذ أسابيع قصفا مكثفا ومعارك ضارية.
وتزداد المخاوف منذ أيام من عدوان إسرائيلي على مدينة رفح التي تغصّ حاليا بأكثر من 1، 3 مليون نازح، وفق أرقام الأمم المتحدة، يشكّلون أكثر من نصف سكان القطاع البالغ 2، 4 مليونا يعانون أوضاعا انسانية كارثية.
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من «تداعيات إقليمية لا تحصى» للهجوم على رفح. ورأى أن «عملا مماثلا سيزيد في شكل هائل ما هو أصلا كابوس إنساني».
ويسأل جابر أبو علوان (52 عاما) الذي نزح من خان يونس «اذا اقتحم الجيش الاسرائيلي رفح أين نذهب؟ كل بيوتنا مهدمة"، مضيفا "نحن ننتظر الموت، ننتظر لحظة الاعدام». وأكد أن حدة القصف على رفح ارتفعت بعد التصريحات الأخيرة لنتانياهو.
وكان رئيس وزراء الاحتلال قال الأربعاء إنه أمر الجيش «بتحضير عملية في رفح، وكذلك في مخيمين (للنازحين)، آخر المعاقل المتبقية لحماس"، مشددا على أن «الرضوخ» لمطالب الحركة سيؤدي «الى مجزرة أخرى والى كارثة بالنسبة الى دولة اسرائيل لن يقبل بها أي من مواطنيها».
خوف من المجهول في رفح
ويأتي التلويح الإسرائيلي بشنّ عملية في رفح في وقت تكثّف الولايات المتحدة وقطر ومصر جهودها لدفع طرفي الحرب الى هدنة جديدة طويلة تتيح الافراج عن مزيد من الرهائن الاسرائيليين وإطلاق معتقلين فلسطينيين، وإيصال مزيد من المساعدات الانسانية لسكان القطاع.
وبدأت في القاهرة أمس الخميس جولة جديدة من المفاوضات برعاية مصرية-قطرية من أجل "تهدئة» الأوضاع في قطاع غزة، حسب ما قال مسؤول مصري لفرانس برس. أكد مسؤول مقرب من حماس أن الحركة ما زالت ترغب في مناقشة وقف إطلاق النار بعد رفض إسرائيل مقترحاتها الأولية.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد أول من أمس الأربعاء وجود «مكان لاتفاق» بين حماس وإسرائيل، داعيا الأخيرة لحماية المدنيين في حال شنّها أي هجوم جديد في رفح.
وبين المسارين الدبلوماسي والعسكري، يبقى الترقب سيد الموقف في رفح. ويقول محمد الجراح الذي نزح مع عائلته من خان يونس الى رفح، إن ما أدلى به نتانياهو «أحبطنا أنا والعائلة».
ويوضح «ثمة خوف ورهبة من المجهول. بعد رفح لا أعرف أين نذهب. يبدو أن العملية على رفح اقتربت لأن القصف ازداد كثيرا وهذا يخيف الناس».