نيران حرب الجنرالين تزحف نحو دارفور
يبدو أن نيران حرب الجنرالين السودانية بدأت تزحف نحو دارفور، لاسيما بعد تصاعد وتيرة المخاوف نت اقتراب الصراع إلى ذلك الإقليم الذي عانى منذ عقدين من الزمن جراء نزاعات عسكرية وقبلية.
وكانت لجنة خبراء تابعة للأمم المتّحدة قد حذرت في تقرير من أنّ ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قُتلوا منذ أبريل في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور وحدها، أي ما لا يقل عن خمسة بالمئة من تعدادها قبل اندلاع الحرب، كما استهدف «مقاتلين مجتمع المساليت» في ما قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفقا لوكالة أنباء فرانس برس.
وأسفر اندلاع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع -المناوئة للجيش السوداني- بقيادة عبد الفتاح البرهان في أبريل 2023، امتدت أعمال العنف مجددا الى دارفور، لتدوّن صفحات جديدة من أهوال الحرب مثل النزوح الجماعي والعنف الجنسي وأعمال القتل على أساس عرقي، إذ تسيطر تلك الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي» حاليا على أربع من عواصم الولايات الخمس المشكِّلة للإقليم، ما يعرّض المدنيين لـ «أسوأ كابوس لهم»، بحسب ما قالت باحثة في الشأن السوداني لفرانس برس.
كما أن التخوفات بدأت بوادرها منذ 31 أكتوبر الماضي، حينما سيطرت قوات الدعم على مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، وارتكبت «القتل الجماعي والقتل خارج إطار القانون، الاعتقالات التعسفية، وكذلك الاعتداءات الجنسية للفتيات والنساء، والتعذيب والنهب» على ما أفاد الحقوقي السوداني بمنظمة (عوافي) لحقوق الإنسان محمد براء فرانس برس.
وتروي الباحثة التي فضّلت عدم نشر اسمها لاعتبارات أمنية أن «المجرمين الذين روّعوهم (سكان دارفور) على مدى عقود واغتصبوا النساء ونهبوا الأراضي ومارسوا القتل الجماعي على أساس عرقي، هم من يحكمون الآن».
إقليم دارفور
و إقليم دارفور ذو المساحة الشاسعة، قد كان ساحة لحرب أهلية مريرة عام 2003 بين متمردي الأقليات العرقية الإفريقية وحكومة الرئيس المعزول عمر البشير التي كان غالبية أعضائها من العرب.
وخلال النزاع السابق في دارفور، استعان البشير لمساندة قواته بمليشيات «الجنجويد». وشكّلت هذه الأخيرة في وقت لاحق نواة قوات الدعم التي أنشئت رسميا في 2013.
استهداف قبائل الفور
ويشير الباحث السوداني المقيم خارج السودان «نفس السيناريو الذي جرى في الجنينة (غرب دارفور) وهو استهداف (قبائل) المساليت، تم في زالنجي باستهداف (قبائل) الفور».
و قُتل نحو 180 شخصا في هجوم من قبل الدعم السريع على معسكر للنازحين تعرّضوا لـ«القتل الجماعي والذبح.. .تحت مبرر أن المعسكر يأوي (أفراد) الجيش».
وقدّرت الأمم المتحدة بعد التحقيق في هجوم الحصاحيصا، بأن ما لا يقل عن 16، 250 شخصا «أجبروا على النزوح» إلى مناطق أخرى داخل البلاد.
حرق 4 معسكرات
ويؤكد أحد زعماء القبائل إن 4 معسكرات على الأقل في غرب دارفور «أحرقت بالكامل».
ويعلّق براء «هي الذاكرة نفسها.. .وقوات الدعم السريع هي نفسها من مارست الجرائم ذاتها في العام 2003"، مشيرا إلى أن «بعض المناطق تشهد عنفا أكبر» مقارنة بالماضي.
وأودى النزاع الذي بدأ العام 2003، بنحو 300 ألف قتيل وشرّد 2، 5 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة
ويرى الخبير في الشأن السوداني أليكس دي فال أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان "ليس أقل فسادا ووحشية" من نائبه السابق دقلو
استهداف سكان دارفور بشكل مباشر
ويقول مراقبون محليون وخبراء أمميون إن سكان دارفور إما استهدفوا بشكل مباشر من قبل الجيش أو تم التخلي عنهم نتيجة انسحاب القوات.
ورصد خبراء الأمم المتحدة في ثلاث عواصم في دارفور هي الفاشر (شمال دارفور) ونيالا (جنوب دارفور) والضعين (شرق دارفور)، أن الجيش "لم يتمكن من حماية المدنيين فحسب، بل نفذ قصفا جويا عنيفا في المناطق المأهولة بالسكان.
ومنذ إبريل العام الماضي تشهد السودان معارك أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط نزوح ملايين المواطنيين هربا من تداعيات تلك الحرب.
وفي وقت لاحق اليوم الخميس، أعلن المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" جيمس إلدر، إن الحرب المستمرة منذ 10 أشهر في السودان دمرت العاصمة الخرطوم بشكل «محزن» وحرمت الأطفال من حقهم في الحياة.
وعرض إلدر في مقطع فيديو قصير صوره في أحد أحياء الخرطوم صورا للدمار الكبير الذي لحق بالمناطق والأحياء السكنية، وقال "الأحياء السكنية مدمرة بشكل كبير وخالية من السكان ولا يوجد أطفال يمارسون ألعابهم وحياتهم الطبيعية». مضيفا «بقايا الرصاص في كل مكان.. هذه الحرب يجب أن تتوقف».