«خليجيون»| التطبيع الخليجي مع «إسرائيل» يتفحم على أبواب رفح
دخلت تسريبات التطبيع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل نفقًا مسدودًا الأسبوع الماضي، حين انتقدت الرياض تصريحات مسؤول في البيت الأبيض أشار فيها إلى مناقشات «إيجابية» بهدف التطبيع على الرّغم من الحرب الدائرة بين قوات الاحتلال وحركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة، وباعدت بين آمال التوصل إلى تطبيعي خليجي كامل، وفق محللين.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، أكدت المملكة العربية السعودية عدم الذهاب إلى علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، ووقف «العدوان»، وذلك ردًا على تصريحات جون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي الخميس الماضي.
وفي تطور لاحق، حذرت المملكة العربية السعودية، السبت، من «التداعيات بالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة»، في وقت تزداد التوقعات من هجوم إسرائيلي محتمل للمدينة القريبة من الحدود مع مصر. وأشارت الخارجية السعودية، في بيان عبر حسابها على منصة «إكس»، إلى أن رفح باتت «الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي الوحشي على النزوح».
يؤكد المحلل السياسي المختص في الشؤون الخليجية د.محمد العريمي، في تصريح إلى«خليجيون» أن «إسرائيل انكشفت للجميع، ومن كان يراهن على بعض الأكاذيب اقتنع».
وفكرة تطبيع العلاقات رسميا بين إسرائيل والسعودية محل جدل منذ موافقة السعوديين الضمنية على إقامة الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل في عام 2020، لكن الزخم تلاشى إثر العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 27 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
وسبق العدوان الإسرائيلي بشهر واحد، تصريح لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من على منبر الأمم المتحدة قال فيه إن دولة الاحتلال على «عتبة» إقامة ما وصفه بـ«سلام تاريخي»، مذكرا بتطبيع العلاقات مع ثلاث دول عربية عام 2020، فيما تواترت الأنباء وقتها عن شروط سعودية للتطبيع، من بينها حصولها على ضمانات أمنية من واشنطن ومساعدتها في تطوير برنامج نووي مدني.
طوفان الأقصى والتطبيع
ويرى د.محمد العريمي أن «عملية طوفان الأقصى وما تلاها من عدوان غاشم، أثبت أن هدف التطبيع الذي بدأت به بعض الأنظمة -للأسف الشديد- هو السيطرة السياسية والعسكرية الاقتصادية والأمنية»، ويتابع «علينا أن نتنبه لأن ما يحاك للأمة العربية كثير، لا يوجد لدينا صديق في الغرب ولا أميركا والكل يبحث عن مصالحه، لذلك علينا الانتباه لمصالحنا».
وفيما عده مراقبون موقفا خليجيًا نوعيًا إزاء التطبيع، شارك وزراء خارجية السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي في اجتماع وزاري عربي استضافته الرياض، وشددوا على ضرورة وقف إطلاق واتخاذ خطوات «لا رجعة فيها» لإقامة دولة فلسطينية، أعقب جولة قام بها نظيرهم الأميركي أنتوني بلينكن على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وشارك في الاجتماع الذي استضافته الرياض، وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في الرياض، نظراءه القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والإماراتي عبد الله بن زايد، والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي وأمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ.
ويقول العريمي: «ما حدث في 7 أكتوبر هو رد فعل لما قام به الصهاينة خلال السنوات الماضية تجاه هذا الشعب الأعزل في فلسطين وغزة، وما حدث بعده دلل أن القوانين والأعراف وجدت لنصرة الأنظمة السياسية التي سنتها، كما أن كشف الزيف ما يتحدث به الغرب عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأنها مجرد مانشيتات تتبخر حين يمس الأمر مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما بدأت تدركه دول عربية أقدمت على خطوة التطبيع».
موقف كويتي قاطع من التطبيع
ولا تزال دول خليجية تبدي رفضا قاطعا للانخراط في اتفاقات إبراهام، وفي مقدمتها الكويت.
وعقب اندلاع العدوان على غزة، أكد وزير الخارجية الكويتي السابق الشيخ سالم العبد الله الصباح، في جلسة لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) في مطلع نوفمبر الماضي، أن «الكويت ستستمر على موقفها التاريخي والمبدئي الرافض للتطبيع»، واعتمد مجلس توصية بإحالة نتنياهو وقادة بلاده العسكريين والسياسيين «كمجرمي حرب» في المحافل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وفي برلمانات العالم، وتكليف الشعبة البرلمانية قيادة جهود قانونية وسياسية وإعلامية بهذا الصدد.
يحظر المرسوم بقانون الذي أصدره أمير البلاد الشيخ عبد الله السالم الصباح في 1964 «حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعه، كما يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا.
ولا يتوقع العريمي، في تصريح إلى «خليجيون» «تغيرا في موقف الكويت المستقبلي من التطبيع طالما بقيت أسباب الصراع العربي-الإسرائيلي»، ويشير إلى أن «موقف مجلس الأمة الكويتي في بداية العدوان يعكس توجها شعبيا لرفض أية سيناريوها للتطبيع».
ورغم انخراط قطر في وساطة بين إسرائيل وحركة حماس فإنها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال منذ إغلاق السلطات القطرية مكتب التجارة الإسرائيلي في الدوحة العام 2000 عقب اندلاع انتفاضة الأقصى، وحسب محللين فإن التشكيك الإسرائيلي في وساطة قطر واتهامها بدعم حركة حماس تباعد بين أية سيناريوهات للتطبيع مع إسرائيل.
أما سلطنة عمان، التي أغلقت أيضا مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي عقب انتفاضة الأقصى، فإن «موقفها ثابت تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني وقضيته العادلة»، وفق المحلل والباحث السياسي د.محمد العريمي.
وفي أكتوبر الماضي، دعا وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي لإجراء تحقيق مستقل ومحاكمة إسرائيل على «استهدافها المتعمد للمدنيين» في غزة.
ويضيف العريمي في تصريح إلى«خليجيون»: «قلت قبل سنوات وأقولها الآن.. عمان لن تطبع مع الصهاينة»، متابعا «النظام السياسي في السلطنة لا يستطيع الذهاب في هذا الطريق لأن القضية الفلسطينية هي قضية الشعب العماني بأكمله».
اقرأ المزيد:
عمان تحتفي باليوم السنوي لشخصياتها المؤثرة عالميا