مخاوف إسرائيلية من حرب المخيمات..

البرغوثي يُعقد مفاوضات هدنة غزة ويؤرق عباس

البرغوثي يُعقد مفاوضات هدنة غزة ويؤرق عباس
مروان البرغوثي بعد إحدى جلسات محاكمته. (أرشيفية)
القاهرة: «خليجيون»

تزامنا مع تسريبات متطابقة بشأن تعثر مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل في القاهرة، نقلت وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر، لم تسمه القول، إن « حماس تُصرّ على إطلاق سراح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع وتعتبره خطا أحمر»، واصفا «قضية البرغوثي بأنها تحوّلت إلى ما يشبه العربة التي وُضعت أمام حصان صفقة التبادل».

على الرغم من الثقل الذي يضعه كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر في سبيل إحراز تقدم في هذا الملف، تتكشف معلومات في إسرائيل عن عدم رغبة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في دفع ثمن كبير من أجل الوصول إلى الصفقة وتحفّظه على مطلبي وقف الحرب وإطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

وقال المصدر إن إسرائيل أبلغت الوسطاء في باريس عبر مدير الموساد ديفيد بارنياع بأنها ترفض رفضا قاطعا الإفراج عن البرغوثي «كي لا تحصل حماس على إنجاز شعبي، وبشكل خاص في الضفة الغربية، إضافة إلى أن الإفراج عن مروان سيتسبب في إشعال الضفة وعدم الوصول إلى حالة استقرار سياسي في اليوم التالي للحرب».

وتواكبت هذه التسريبات مع نداء عاجل وجهه الرئيس الفلسطيني محمود عباسإلى حركة حماس، طالبهم فيه بسرعة إنجاز صفقة الأسرى، لتجنيب الشعب الفلسطيني «ويلات وقوع كارثة أخرى لا تُحمد عقباها». ووصفها بأنها: «لا تقل خطورة عن نكبة عام 1948، ولتجنب هجوم الاحتلال على مدينة رفح، الأمر الذي سيؤدي إلى وقوع آلاف الضحايا والمعاناة والتشرد للفلسطينيين».

الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن

مروان البرغوثي.. رسالة عباس

ويقول محللون إن رسالة عباس قد تكون مفهومة في هذا السياق، في سياق خشيته من فقدان منصبه مع بروز اسم البرغوثي رئيسا محتملا للسلطة الفلسطينية.

وحكم على مروان البرغوثي بالسجن مدى الحياة عام 2004 بسبب مشاركته في التخطيط لعدة هجمات استشهادية في فلسطين المحتلة، وعمليات أخرى قتل خلالها ما لا يقل عن 5 أشخاص. ولا يزال البرغوثي (55 عاما) شخصية بارزة في حركة فتح، وكثيرا ما يشار إليه كزعيم محتمل للحركة في المستقبل رغم سجنه، وقد برز كمفجر للانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987 - 1993) والثانية في أوائل الألفية.

وظل أنصاره لسنوات يأملون في أن يطلق سراحه في إطار اتفاق مع إسرائيل للإفراج عن معتقلين فلسطينيين، لكن هذا الأمل لا يزال احتمالا بعيدا. ورغم وجوده في السجن تجد آراؤه صدى لدى بعض قطاعات الجمهور الفلسطيني، ويحظى بتأييد عدة فصائل، وليس فتح فقط.

وفي سبتمبر الماضي، أقدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلة على نقل مروان البرغوثى وعشرات الأسرى إلى قسم خاص للعزل شديد الحراسة فى سجن عوفر.

وعُقد اجتماع باريس في 28 يناير الماضي بمشاركة الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل، وكرر الوفد الإسرائيلي «الفيتو» ذاته خلال اجتماعات القاهرة، التي حضرها إضافة إلى مدير الموساد ممثّلُ نتنياهو الشخصي عقب إبقاء حماس مطلب الإفراج عن عشرات الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام العالية ومن ضمنهم مروان البرغوثي على حاله.

في هذا السياق، ذكرت (القناة 13) الإسرائيلية أن إدارة السجون اتّخذت إجراءات ضد البرغوثي، بدعوى أنه يعمل على الدفع نحو تصعيد عمليات المقاومة في الضفة الغربية. ووفقا للقناة، فقد نُقل البرغوثي من سجن عوفر إلى سجن آخر، حيث جرى عزله في حبس انفرادي إثر تلقي معلومات بأنه يدفع نحو التصعيد في الضفة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن نتنياهو لم يأذن لفريق التفاوض بالسفر اليوم الخميس إلى القاهرة للمشاركة في جولة جديدة. ونقلت الهيئة عن مقربين من نتنياهو قوله إن على حركة حماس القبول بما تطرحه إسرائيل وإنه ويجب اختبار مدى استعدادها للتحلي بالمرونة، وعندها فقط يجب المضي قدما نحو المفاوضات.

وأشارت الهيئة إلى أن رئيس الوفد ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد بارنياع وبقية أعضاء الوفد أبلغوا نتنياهو بانطباعاتهم عن اجتماع الثلاثاء، وأوضحوا أن هناك مجالا للتقدم في المفاوضات، وطلبوا من رئيس الوزراء السماح لهم "باستنفاد الخطوة" والمشاركة مجددا في اجتماع الخميس لكنه رفض.

مقبرة هدمها الاحتلال في غزة. (صفا)
مقبرة هدمها الاحتلال في غزة. (صفا)

ومنذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر الماضي، اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي عدة مناطق ومخيّمات في شمال القطاع الضيق وجنوبه، لكن توغله في بعض مخيمات المحافظة الوسطى، التي بدأت تشهد نزوحا عكسيا من الجنوب، ظل محدودا وفي بعض الأحيان وجيزا، بحسب محللين.

مخاوف إسرائيلية من خسائر بالمخيمات

وبينما يخشى البعض من أن تكون تلك المخيمات هدف إسرائيل القادم مع قرب دخول الحرب شهرها الخامس، فإن الباحث في الشؤون السياسية والعسكرية عمر معربوني يرى أن عدم دخول الجيش الإسرائيلي لهذه المناطق حتى الآن يرتبط بعدة عوامل «أهمها خشيته من تكبّد خسائر في صفوفه، كونه لا يعلم ما الذي ينتظره عند الدخول لهذه المخيمات بشكل مباشر".

تتوسط محافظة دير البلح، أو المحافظة الوسطى، قطاع غزة على ساحل البحر المتوسط، وتبعد عشرة كيلومترات فقط إلى الشمال من مدينة خان يونس الجنوبية و16 كيلومترا عن جنوب مدينة غزة على مساحة 14.7 كيلومترا مربّعا. وتعد هذه المنطقة نقطة فاصلة بين شمال القطاع وجنوبه، ما يجعلها هدفا للوجود الإسرائيلي الدائم.

نازحون في قطاع غزة. (صفا)
نازحون في قطاع غزة. (صفا)

وتضم المحافظة مخيّمات المغازي والبريج ودير البلح والنصيرات، وبحسب الخبراء العسكريين، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي دخل بعض هذه المخيمات، لكنه لم يتوغل فيها كباقي المناطق في شمال القطاع وجنوبه، وهي مخيمات مكتظة بالسكان والنازحين الذين عاد الكثير منهم من رفح جنوبا إلى المحافظة الوسطى.

ودخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعض تلك المخيّمات، لكنها انسحبت بعد فترة وجيزة، مثلما حدث في مخيمي المغازي والبريج، اللذين حاول الجيش الإسرائيلي التوغل فيهما سابقا ولم يتمكن من السيطرة عليهما أو البقاء فيهما لفترة طويلة، بحسب معربوني.

وقال الباحث السياسي والعسكري لوكالة أنباء العالم العربي «جيش الاحتلال، منذ بداية العملية البرية، لم يدخل إلى مناطق مزدحمة بشكل مباشر، مثل مخيم الشاطئ وجباليا في الشمال، هو يعتمد الاحتكاك ببداية المناطق المأهولة ومن ثم يستهدفها بسلاح الجو والمدفعية. وحتى الآن، لا توجد سيطرة كاملة للجيش حتى في المناطق التي توغّل فيها».

أضاف «قد يلجأ الجيش الإسرائيلي لدخول المحافظة الوسطى في أي لحظة، أو مسحها من الوجود، وهو قادر على ذلك، لكنّه يحاول الآن الضغط سياسيا بالتهديد باجتياح رفح، كونه السيناريو الأبشع والأكثر خطورة إذا ما حدث في ظل عدم وجود ضغط فعلي وقوي لوقف هذا المخطط". لكنه أردف قائلا «إذا فشلت المفاوضات والضغوط لإتمام صفقة تبادل (للأسرى والمحتجزين بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس) فسنتجه إلى مشهد دموي غير مسبوق يتجاوز كل ما شاهدناه حتى الآن».

وحول إمكانية تمركز قوات الإسرائيلية بشكل دائم في المنطقة الوسطى، لكونها نقطة فاصلة بين الشمال والجنوب، قال معربوني "لا أعتقد ذلك، فمن خلال متابعتنا للميدان، هناك عجز إسرائيلي عن فرض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، نحن ندخل الشهر الخامس للحرب، ولم ينجح الجيش الإسرائيلي الذي أرسل 14 لواء من أهم ألويته في فرض السيطرة الكاملة».

وتتوالى عمليات النزوح العكسي للفلسطينيين من مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع إلى خان يونس ومدينة دير البلح، وهما المنطقتان الوحيدتان اللتان يمكن النزوح إليهما بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي بقية مناطق قطاع غزة خلال الفترة الماضية.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن نتنياهو أبلغ مجلس الحرب بضرورة إنهاء عملية عسكرية برية مزمعة في مدينة رفح قبل حلول شهر رمضان، وهو ما يُخشى أن يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين في المدينة المكتظة بالنازحين أو تهجريهم إلى خارج القطاع صوب شبه جزيرة سيناء المصرية.

وأضافت الهيئة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أمر أيضا الجيش والأجهزة الأمنية بعرض خطة مزدوجة على مجلس الحرب لإخلاء المدنيين من رفح و«القضاء على كتائب حماس» فيها، بحسب تعبيره.

وقال البيت الأبيض يوم الأحد الماضي إن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد لنتنياهو ضرورة وجود خطة ذات مصداقية و«قابلة للتنفيذ" لضمان أمن النازحين في رفح قبل القيام بعملية عسكرية هناك.

اقرأ المزيد:

شاهد| كيف قصفت إيران قاعدة عسكرية إسرائيلية؟

نتنياهو يتوعد.. والمحادثات تتعثر

خليجيون| ماذا لو انهارت «القبة الحديدية» في إسرائيل؟

أهم الأخبار