«الجد المحبوب».. هل يعيد حكم العسكريين إلى إندونيسيا؟
مع إعلان الجنرال السابق برابوو سوبيانتو فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات الإندونيسية بعدما أشارت النتائج الأولية إلى تقدّمه بفارق كبير على خصميه في السباق الرئاسي، هل باتت إندونيسيا على أعتاب العودة لحكم عسكري جديد عبر صندوق الاقتراع؟
على الرغم من اتهامه بانتهاك حقوق الإنسان في ظل دكتاتورية سوهارتو (1967-1998)، في نهاية التسعينيات، سيتولى الجنرال السابق قيادة أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، بعد عشر سنوات من حكم جوكو ويدودو الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية ثالثة.
انتهج سوبيانتو، المرشح للمرة الثالثة، خطاباً قومياً وشعبوياً وتعهّد البقاء على أجندة الرئيس المنهية ولايته الذي يحظى بشعبية جوكو ويدودو والذي اتهمه مراقبون بإساءة استخدام أموال حكومية من أجل دعم سوبيانتو الذي نفى تلك الاتهامات، وفق وكالة فرانس برس.
ويتوقع مراقبون أن ينتهج سوبيانتو سياسة أكثر تشاركية من خلال العمل مع مرشحين خسروا السباق الانتخابي، لتجاوز أية عقبات قد تحول دون استكمال مشروعات سياسية وتنموية في البلاد.
وأقيل سوبيانتو من الجيش في 1998 على خلفية اتهامات نفاها بإصدار أوامر بخطف ناشطين مؤيدين للديموقراطية في نهاية حكم سوهارتو. ولم توجه له أي اتهامات رسمياً في هذا الإطار.
وبسبب هذه الاتهامات، مُنع الضابط السابق من دخول الولايات المتحدة وأستراليا لفترة طويلة. وعمل مذّاك على تحسين صورته وتعززت جاذبيته بفضل حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ركزت على الناخبين الأصغر سنا حيث قدم نفسه في صورة «الجد المحبوب».
شعبية سوبيانتو في إندونيسيا
وما ساهم أيضا في شعبية سوبيانتو تحالفه مع النجل الأكبر لويدودو، جبران راكابومينغ راكا (36 عاما) الذي ترشح لمنصب نائب الرئيس في خطوة أثارت دهشة.
Prabowo Subianto tanggapi hasil quick count pilpres 2024 pic.twitter.com/6C4V2ifnqo
— Media Nawacita Indonesia (@MediaNawacita) February 15, 2024
وقال الباحث في جامعة أتما جايا الكاثوليكية يويس كيناواس إن دعم ويدودو «كان هائلا. كان حاضرا بكل وضوح. تم توزيع مساعدات الرعاية الاجتماعية عبر هيئات الدولة.. هذا هو العامل الرئيسي».وأضاف كيناواس «كثيرا ما شعرنا بالقلق إزاء التزامه بالديموقراطية». أضاف «إذا فاز ستبقى تلك التساؤلات قائمة».
في أكتوبر، أجرى رئيس السلطة القضائية آنذاك صهر ويدودو تعديلا على القوانين التي كانت تمنع الأشخاص دون 40 عاما من الترشح لمناصب عليا. وبعد 10 سنوات أمضاها في الحكم، سيترك ويدودو لخليفته بلداً يحقق نمواً مستمراً، بلغ 5، 05% في عام 2023، بانخفاض طفيف مقارنة بـ 5، 3% في عام 2022.
انتصار لجميع الإندونيسيين
وعقب ظهور المؤشرات الأولية للانتخابات، قال سوبيانتو أمام حشد في وسط جاكرتا «في جميع الحسابات والاستطلاعات.. تظهر الأرقام فوز برابوو-جبران من جولة واحدة. يجب أن يشكّل هذا الانتصار انتصارا لجميع الإندونيسيين»، في إشارة إلى المرشح لمنصب نائب الرئيس جبران راكابومينغ راكا الذي وقف إلى جانبه مرتديا قميصا مطابقا لقميصه.
ويستبعد إعلان النتائج الرسمية قبل شهر مارس، لكن أربع مجموعات استطلاع تضع التوقعات بناء على الاستطلاعات المبكرة، أظهرت فوز سوبيانتو بنسبة 57% من الأصوات، وهي غالبية واضحة في جولة واحدة.
ورغم إعلانه الفوز، إلا أن سوبيانتو أكد بأنه سينتظر صدور «النتيجة الرسمية» عن لجنة الانتخابات KPU. وقال لأنصاره «نؤمن بأن الديموقراطية تسير على ما يرام في إندونيسيا. حدد الشعب وقرر».
شكر سوبيانتو البالغ 72 عاما الذي سبق أن دعا إلى احتجاجات وتقدّم بطعون قضائية بعد خسارته في الانتخابات مرّتين في الماضي، أنصاره ودعا إلى الوحدة. وقال في خطابه «أرغب بتوجيه الشكر إلى الشباب الذي يلعبون دورا رئيسيا في دعمي" مضيفاً «انتهت الحملة الآن وعلينا أن نتحد مجددا».
لا تتسرعوا.. ارتاحوا
تقدم وزير الدفاع بفارق كبير على منافسيه، حاكم جاكرتا السابق أنيس باسويدان وحاكم جاوا الوسطى السابق غنجار برانوو. وأفاد المرشح الآخر أنيس باسويدان الذين كان الأوفر حظا لمنافسة سوبيانتو حال إجراء جولة ثانية، الصحفيين بأنه سينتظر صدور إعلان رسمي. وقال «ننتظر إلى حين انتهاء اللجنة KPU من فرز الأصوات. لا تتسرعوا، ارتاحوا، ما زال الطريق طويلا».
وأفاد ناطق باسم برانوو الذي تشير الاستطلاعات إلى حلوله في المرتبة الثالثة خلال مؤتمر صحفي بأن فريقه اكتشف عمليات تزوير "منظمة وممنهجة وهائل» في الانتخابات، دون أن يقدّم أدلة.
وللظفر بمنصب الرئيس من الجولة الأولى، يتعين الفوز بأكثر من 50% من إجمالي الأصوات وبخُمس صناديق الاقتراع على الأقل في أكثر من نصف المقاطعات البالغ عددها 38. لكن محللين لفتوا إلى أن التوقعات تشير إلى أن سوبيانتو تجّنب على الأرجح معركة انتخابية ثانية في يونيو ضد خصميه باسويدان وغنجار برانوو.
إندونيسيا لن تحتاج لجولة ثانية
استعان المرشحون في الماضي بعمليات «الفرز السريعة» الصادرة عن مجموعات الاستطلاع المعترف بها من الحكومة للإعلان عن فوزهم. وتأخذ مجموعات الاستطلاعات عيّنات من مراكز اقتراع معيّنة بعد إغلاقها ويسمح لأعضائها مراقبة عملية فرز الأصوات التي يقوم بها مسؤولو الانتخابات.
وقال استاذ العلاقات الدولية لدى «جامعة سيدني» جاستن هيستينغز «بأرقام كهذه، أشعر بالثقة نسبيا بأننا لن نحتاج لجولة ثانية». كما عبّرت مجموعات حقوقية عن القلق إزاء احتمال إلغائه حريات ديموقراطية اكتسبت بشق النفس. وقالت ديبي سيانتوري قبل أن تدلي بصوتها في جاكرتا «أريد أن يكون لدي زعيم يحافظ على الديموقراطية».
شكّلت خدمة سوبيانتو في الجيش عاملا حاسما بالنسبة للبعض. وقال أفهاري فيرناندا (28 عاما) الموظف في جاكرتا إن سوبيانتو «لديه خلفية عسكرية، لذا أعتقد أنه سيكون حاسما في قرارات».
اقرأ المزيد