الزنك تشهد.. رحلة «الفرار من الرصاص» توثق معاناة العجائز
خلفت حرب السودان معاناة تفوق الدمار المادي، إلى مآسي إنسانية دفع ثمنها سيدات وأطفال في المخيمات والملاجيء والتراحيل، وروت الحكايات قصصا لرحلة المعاناة والبحث عن ملاذ آمن بعيدا عن رصاص طرفي الحرب الممتدة لأكثر من 10 أشهر.
تحولت مدينة الرنك في جنوب السودان إلى محطة ترانزيت وتصلها يوميا سيارات نقل محمّلة بعشرات المسنين والنساء والأطفال الذين تكشف وجوههم المنهكة المحنة التي مروا بها خلال رحلتهم للفرار من القتال في السودان.
هؤلاء وفق «فرانس برس» هم من بين أكثر من نصف مليون شخص عبروا الحدود إلى جنوب السودان الذي يكافح لاستيعاب الوافدين الجدد مع ازدحام مخيمات اللاجئين فيه.
وتقع الرنك على مسافة 10 كيلومترات فقط من السودان حيث اندلعت الحرب في أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
فاطمة محمد، وهي مدرّسة تبلغ 33 عاما تروي للوكالة كيف هربت مع زوجها وأطفالها الخمسة من مدينة الأُبيِّض في وسط السودان، إن الرحلة محفوفة بالخطر.
تطورات الأحداث في #السودان :
•قتلى وجرحى في غارات للجيش استهدفت مدينة #الضعين عاصمة ولاية شرق #دارفور
•رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي يلتقي وفد "تقدم" برئاسة #حمدوك في #أديس_أبابا
https://t.co/aIk6pRHP8P— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 20, 2024
وقالت لوكالة فرانس برس «كان الرصاص يدخل منزلنا. كنا عالقين بين تبادل إطلاق النار في شارعنا. لذلك فهمنا أنه علينا المغادرة من أجل مصلحة أطفالنا»، واصفة الوضع في السودان بأنه «لا يحتمل».
استغرقهم الأمر خمسة أيام للتمكن من الهرب إذ «صعّب الجنود السودانيون ومقاتلو قوات الدعم السريع علينا مغادرة البلاد»، كما قالت مضيفة «أخذوا هواتفنا عند نقطة تفتيش، وجزءا كبيرا من أموالنا عند نقطة أخرى».
عالقون في المخيمات
فر من السودان قرابة ثمانية ملايين شخص، نصفهم أطفال، لجأ نحو 560 ألفا منهم إلى جنوب السودان، منذ بداية الحرب، وفقا للأمم المتحدة التي تقدر أن 1500 شخص تقريبا يصل كل يوم إلى البلاد.
يمضي كثر منهم أشهرا في الانتظار في المخيمات آملين في أن يتمكنوا في وقت قريب من العودة إلى ديارهم.
فرت إيمان دافيد من القتال في الخرطوم مع طفلتها فيما بقي زوجها في العاصمة السودانية.
وقالت إيمان البالغة 20 عاما لوكالة فرانس برس «كان يفترض أن تكون إقامة قصيرة، لكن بعد سبعة أشهر، ما زلت عالقة هنا في الرنك».
وأضافت «آمل بأن أعود إلى الخرطوم وأن أجتمع بزوجي مجددا، لكنني لا أعرف مصيره».
وأودت الحرب بحياة آلاف المدنيين بحسب أرقام الأمم المتحدة التي تقول إن نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، في حين يعاني نحو 3، 8 ملايين طفل دون سن الخامسة سوء تغذية.
الفرار من جحيم الخرطوم
وفي حين يتوق كثر في الرنك للعودة إلى ديارهم، يأمل آخرون في السفر إلى مدينة ملكال في ولاية أعالي النيل التي تستضيف أيضا عددا كبيرا من اللاجئين.
في ميناء الرنك، يصطف مئات الأشخاص تحت أشعة شمس حارقة في طوابير طويلة للصعود على متن قوارب تقوم بالرحلة مرتين على الأقل في الأسبوع إلى تلك المدينة.
وخلال انتظارها، قالت لينا جونا (27 عاما) وهي أم لأربعة، لوكالة فرانس برس إن وجهتها النهائية هي جوبا، عاصمة جنوب السودان.
وأوضحت «ليس لدي شيء في جوبا، لا عائلة ولا أصدقاء، ليس لدي عمل هناك لأنني أمضيت كل حياتي في السودان لكنني أتوقع أن تكون جوبا أفضل بكثير من الخرطوم»، مستذكرة الأيام التي أمضتها تبحث عن طعام فيما كان القتال مستعرا في المدينة.
وبعد ساعات، تمكنت من الصعود على قارب، وكان أحدها محملا بنحو 300 شخص.
وقال دينغ سامسن من المنظمة الدولية للهجرة «اليوم هو يوم جيد بالنسبة إلينا».
وأضاف لوكالة فرانس برس «في بعض الأسابيع، نكون تحت ضغط شديد»، مضيفا أن اقتراب الرياح الموسمية يجعله يشعر بالقلق.
وصرح «نحن قلقون مما سيحدث عند وصول موسم الأمطار، مع ارتفاع منسوب مياه النهر ما سيعطّل العمليات الطبيعية في الميناء».
ومع دخول ما يصل إلى 10 شاحنات وحافلات إلى الرنك في اليوم، تحاول الأمم المتحدة حشد مساعدات من المجتمع الدولي وأطلقت نداء لجمع 4، 1 مليارات دولار هذا الشهر للاستجابة للحاجات الإنسانية الأكثر إلحاحا.
ناشد بابا الفاتيكان، طرفي الصراع في السودان إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر وتسببت في نزوح ملايين الأشخاص، وأثارت تحذيرات من حدوث مجاعة. pic.twitter.com/vVWPM9PbbP
— شبكة فجة الإعلامية (@Faga_media) February 20, 2024
معونات أممية شحيحة
أعلنت الأمم المتحدة، الثلاثاء، أنها ستخصص 100 مليون دولار لدعم الأزمات الإنسانية التي لا تجد التمويل الكافي لها في 7 دول، من بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان وسوريا ولبنان.
والتمويل الذي يأتي من الصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة، هو أحد أقل التمويلات المقدمة خلال السنوات القليلة الماضية، إذ تعاني منظمات الإغاثة لجمع التبرعات في ظل ارتفاع حاد في الكوارث الإنسانية.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يدير صندوق الطوارئ، في بيان: "هذا يعكس تراجع التمويل الذي تلقاه الصندوق في 2023، وهو الأدنى منذ 2018، ويعكس الحقيقة القاسية بأن تمويل المتبرعين يفشل في مواكبة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة".